أوريان 21: تونس.. اضطراب حتمي محفوف بالمخاطر والغموض

رئيس الجمهورية التونسية يوجه كتابا إلى رئيس مجلس نواب الشعب
أوريان 21: إعلان حالة الطوارئ أسهل من الخروج منها (مواقع التواصل الاجتماعي)

من أجل الاستحواذ على السلطة الكاملة، تذرّع الرئيس التونسي قيس سعيّد بـ"الخطر الوشيك" الذي من شأنه أن يهدد الدولة، ولكن الخيار الذي ذهب إليه في الوقت الحالي يظل غامضا ومحفوفا بالمخاطر.

ورد ذلك في تقرير نشرته مجلة "أوريان 21" (Orient xxi) الفرنسية، أشارت فيه إلى تدهور الوضع الاقتصادي في تونس التي "أصبحت على عتبة التخلف عن سداد ديونها"، وإلى خطر وشيك من "انهيار اجتماعي ومالي ومؤسسي" يتربص بها.

وقال كاتب التقرير تييري بريسيلون إن الجدل بشأن ما إذا كانت تسمية ما حدث في تونس "انقلابا" أو "انقلابا شعبيا" أو "انقلابا دستوريا" أو "تطبيقا مبررا للدستور" لا يزال محتدما، ولكن قيس سعيّد يحظى بتأييد شعبي حسب استطلاعات الرأي التي تظهر أن 87% من التونسيين يدعمون انقلابه، ويرون أنه منقذ البلاد.

سياسية أكثر من كونها قانونية

ووفقا للتقرير، يقول بريسيلون إن هذا النقاش بشأن تسمية ما حدث سيكون بلا شك مادة دسمة للإسهامات الأكاديمية، ولكن القضية في جوهرها سياسية بحتة تنقسم إلى جزئين: ما الخطر الذي يقتضي اللجوء إلى حالة الطوارئ؟ وإلى أي مدى يمكن أن يمثل ذلك حلا؟ ثمّ في أي اتجاه ستكون ممارسة السلطة؟

وقال الكاتب بشأن تشخيص أسباب مشكلة تونس إنها إدارة البلاد في مرحلة انتقالية وفقا للمصالح، وهي قاعدة يسعى بموجبها الجميع إلى تعظيم أرباحهم ومكاسبهم، بدلا من "الإجماع" لخدمة مشروع لتغيير النموذج الاقتصادي للبلاد.

وفي ظل هذه الظروف، يقول التقرير، إن المطالبة بـ"العودة السريعة إلى العمل الطبيعي للمؤسسات الديمقراطية"، وهي الفكرة المهيمنة في تصريحات المستشارين الغربيين، يرفضها أغلب التونسيين الذين يرون أنها سبب يأسهم؛ "فهذه النزعة القانونية الضيقة تخطئ الهدف تماما: وهو العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل ذلك، أي العودة إلى أسباب الأزمة".

 

والآن: ما الحلّ المطروح؟

ويتساءل الكاتب: هل يملك قيس سعيّد الوسيلة ليكون مخلّص البلاد؟ هل سيكون قادرا على تجنب أن يصبح طاغية؟ إن تونس 2021 ليست تونس عام 1987، عندما خلف بن علي الحبيب بورقيبة على رأس نظام استبدادي راسخ. وحتى لو كانت الديمقراطية الفتية التونسية غير فاعلة، فقد غيّرت الممارسات والتوقعات، وسمحت لمجتمع مدني منظم ومؤثر بالتطور، واعتاد جزء كبير من السكان على التمتع بحقوقهم أو كرامتهم، وهناك خيبة أمل أخرى من أنّ الأمل الذي جاء به قيس سعيّد ستكون له تكلفة سياسية رهيبة.

هل لدى قيس سعيّد حلول يقدمها؟ ما زال الوقت مبكرا قليلا لمعرفة ذلك، فمن الناحية الاقتصادية، دعا سعيّد التجار والصيادلة إلى خفض الأسعار من أجل تخفيف العبء عن كاهل التونسيين ولكن لا وجود لأدوات السياسة العامة التقنية التي من شأنها أن تجعل تحقيق ذلك ممكنا.

من الأطراف التي سيختارها سعيّد لتنفيذ مشروع اقتصادي وبأي رؤية؟ كيف ينوي استعادة ثقة المانحين؟ وكيف سيتفاوض مع المؤسسات المالية الدولية؟ كيف سيمنع تهريب رأس المال الذي بدأ بالفعل؟ وكيف يخطط سعيّد لإصلاح دولة غارقة في البيروقراطية؟

 

مخاطر الوقوع في السلطوية

ويمضي التقرير ليقول إن الرئيس، من خلال مهاجمة المصالح الاقتصادية والسياسية الراسخة، سيتعرض حتما لمقاومة وضربات ملتوية. ولكن كيف سيتعامل معها؟ ومتى ستأتي اللحظة المحتملة لخيبة الأمل الشعبية؟ وإذا حدث ذلك كيف سيواجه هذا الغضب؟

وكما هو الحال مع الحرب، فإن إعلان حالة الطوارئ أسهل من الخروج منها. وبمجرد تذوق المرء سهولة ممارسة قوة غير محدودة، سيكون من الصعب الاستسلام عندما تبدأ الصعوبات الحقيقية.

وأشار الكاتب إلى أنه من خلال الشروع في هذه المغامرة في وقت توشك فيه البلاد على التخلف عن سداد ديونها، وضع رئيس الدولة نفسه في ميدان القوى الجيوسياسية بالمنطقة وخارجها لإعادة تشكيل بلاده.

المصدر : أوريان 21