أطلق تصريحات هادئة نحو واشنطن والتقى البارزاني.. المالكي يسعى للعودة لرئاسة حكومة العراق

فاجأ الصدر خصومه أمس الجمعة بإعلانه التراجع عن قرار الانسحاب من الانتخابات النيابية، مؤكدا أهمية المشاركة وبقوة، وهو ما قد يشكل أكبر عائق أمام المالكي لتولي رئاسة الحكومة.

لقاء رئيس الوزراء العراقي الاسبق نوري المالكي مع الزعيم الكردي مسعود البارزاني
المالكي (يسار) التقى البارزاني الأربعاء الماضي وتناولا الانتخابات التشريعية المقبلة (مواقع التواصل)

بغداد – يُقلب رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي خياراته للعودة لمنصب رئاسة الوزراء، عقب الانتخابات النيابية المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل. في حين شكلت عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن قراره مقاطعة الانتخابات أهم العوائق.

ووجد المالكي في انسحاب التيار الصدري من السباق الانتخابي -الذي أعلن عنه مقتدى الصدر الشهر الماضي- حافزا كبيراً يغذي رغبته بالعودة إلى المنصب التنفيذي الأول في البلاد، بعد أن أمضى فيه 8 سنوات (2006-2014) حيث أطلق سلسلة تصريحات بشأن غياب الصدريين عن الانتخابات، وقلّل من إمكانية أن يفجر انسحابهم الاضطرابات مجدّدا في الشارع الذي كان قد شهد سنة 2019 احتجاجات واسعة أسقطت حكومة عادل عبد المهدي وإقرار إجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.

كما عدل من موقفه تجاه الوجود الأميركي في البلاد، عبر تأكيده حاجة العراق إلى المستشارين والمدربين، وهو خطاب تتفاوت في تبنيه مختلف القوى السياسية الشيعية.

وقال المالكي في تصريحات صحفية "العراق يحتاج إلى الخبرة والاستخبارات والتدريب، فالقوات الأميركية غير القتالية ستكون داعمة ومساندة للعراق أيضاً".

وأضاف "نحن نرحب ببقاء هذه القوات لأغراض التدريب والتأهيل والإدامة للسلاح ونعتقد أن القوات العراقية أصبحت لديها الخبرة الكافية لإدامة السيطرة الأمنية".

مقتدى الصدر - صورة عن المكتب الاعلامي
الصدر تراجع عن قراره الذي أعلنه الشهر الماضي بمقاطعة الانتخابات التشريعية (الصحافة العراقية)

عودة الصدر

وفاجأ الصدر خصومه السياسيين، أمس الجمعة، بإعلانه التراجع عن قرار الانسحاب من الانتخابات النيابية، مؤكدا أهمية المشاركة وبقوة.

وقال في مؤتمر صحفي عقده مع العشرات من المرشحين للانتخابات إنه تسلم ورقة إصلاحية من القوى السياسية دعته للمشاركة بالانتخابات" مضيفا "الورقة جاءت وفقا لتطلعاتنا، كما اقتضت المصلحة أن نخوض الانتخابات".

وتابع "سنخوض الانتخابات بعزم وإصرار، وأجد نفسي محتاجا إليكم وشكرا للأخ (رئيس الحكومة مصطفى) الكاظمي".

النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود - صحافة عراقية
الصيهود اعتبر أن حظوظ المالكي بالانتخابات المقبلة كبيرة جدا (الصحافة العراقية)

بوصلة الترجيحات

القيادي بائتلاف "دولة القانون" والنائب البرلماني محمد الصيهود رأى أن "بوصلة الترجيحات تشير إلى حظوظ زعيم ائتلاف دولة القانون لنيل ثقة البرلمان، إذ إن الشعب العراقي يتذكر ما أنجزه دولة القانون خلال فترة تولي الحكومة الأولى والثانية التي شغلها نوري المالكي، ومنذ تلك الفترة ولغاية الآن لم يُنجز شيء على يد الحكومات بعده".

وأضاف الصيهود، في تصريح للجزيرة نت، أن حظوظ المالكي بالانتخابات المقبلة كبيرة جدا، لأن رئاسة الوزراء تحتاج إلى توافق الكتل السياسية، مشيرا إلى أن معظم تلك الكتل لا تمانع في تسنم المالكي رئاسة وزراء جديدة، على اعتبار أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع، والبلد اليوم يحتاج من يخطو به للأمام بعد مروره بعدة أزمات.

ويرى مراقبون أن طموح المالكي بالعودة لرئاسة الحكومة قد عجّل من قرار الصدر العودة إلى المشاركة بالانتخابات، حيث إن هناك خصومة مستحكمة بين الطرفين.

المحلل والأكاديمي رعد الكعبي .. الجزيرة نت
الكعبي رجح أن اتفاقا أُبرم بين المالكي وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني (الجزيرة نت)

اتفاق المالكي والبارزاني

بدوره، قال المحلل السياسي والأكاديمي رعد الكعبي للجزيرة نت "هناك الكثير من المؤشرات بأن المالكي يستغل أي فراغ في الوسط الشيعي ليملأه، وطرح نفسه على أنه الأكثر حضورا والأوفر حظا".

وأضاف الكعبي أن اتفاقا على ما يبدو قد أُبرم بين المالكي وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني خلال لقائهما مؤخرا في أربيل لتقاسم السلطة، بحيث تكون رئاسة الجمهورية للحزب الديمقراطي، ورئاسة الوزراء للمالكي، أو شخصية مقربة منه.

ويرى أن "الصراع الشيعي الشيعي" بين المالكي والصدر على ما يبدو في هذه الانتخابات سيُحسم لصالح رئيس الوزراء السابق، مشيرا إلى أن ترشيحات الأخير لرئاسة الحكومة -في عدم الحصول عليها شخصياً- قد تذهب إلى علي الأديب، في حين سيرشح "الديمقراطي" وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين لرئاسة الجمهورية.

وتراجعت مكانة المالكي السياسية خلال انتخابات 2018 والتي لم يحصل فيها الائتلاف التابع له (دولة القانون) سوى على 25 مقعدا من أصل 329 إجمالي مقاعد البرلمان، ونال تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر 54 مقعدا.

ولا تبد الكتل السنية، عبر تصريحات قادتها، رفضا واضحا لتولي المالكي منصب رئاسة الوزراء، على رغم المآخذ عليه واتهامه بالتقصير تجاه المحافظات الغربية التي يغلب عليها المكون السني، خلال فترة توليه رئاسة الحكومة.

وتعتبر هذه الكتل أن منصب رئاسة الوزراء من حصة المكون الشيعي، ولا يعنيها كثيرا الشخص الذي سيشغله، بشرط التوافق الداخلي.

عماد باجلان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني
باجلان: البارزاني أكد سابقا عدم وجود تحفظ على أية شخصية من المكون الشيعي بشأن تولي رئاسة الوزراء (الجزيرة)

من جهته، قال القيادي بالحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان للجزيرة نت "الزعيم الكردي مسعود البارزاني أكد سابقا عدم وجود أي فيتو أو تحفظ على أية شخصية من المكون السياسي الشيعي بشأن تولي رئاسة الوزراء".

ويرى باجلان أن الجانب الإيراني ليس لديه فيتو على المالكي كرئيس وزراء المرحلة المقبلة، وبالنسبة للجانب الأميركي فهناك توافق بين إدارة الرئيس جو بايدن والمالكي، ويعتقد أنها لن تمانع في توليه رئاسة الحكومة.

النائب السابق عن سائرون رياض المسعودي: القانون الجديد لن يغير من المشهد أكثر من ١٠٪؜ (الجزيرة نت)
المسعودي اعتبر أن منصب رئيس الوزراء لن يكون خيارا عراقيا خالصا في ظل التدخلات الخارجية (الجزيرة)

التدخلات الخارجية

لكن رياض المسعودي النائب عن تحالف "سائرون" يرى -في حديث للجزيرة نت قبل إعلان الصدر العودة للانتخابات- أنه لا يمكن الحديث الآن عن منصب رئيس الوزراء المقبل، ولن يكون تنصيب شخصية هذا المنصب خيارا عراقيا خالصا، في ظل التدخلات الخارجية.

وأضاف أن عدد المقاعد لكل واحدة من القوى السياسية سيحدد بوصلة رئيس الوزراء المقبل، لذلك من حق جميع القوى السياسية المطالبة بأن يكون المنصب من نصيبها، مبيناً أن ما يجري حاليا جزء من التسويق الانتخابي المبكر، كون بعض الأطراف السياسية وفي مقدمتها "دولة القانون" قد تحصل على 12-15 مقعدا.

وتابع المسعودي أن من حق المالكي وغيره السعي إلى نيل رئاسة الحكومة لكن "نجزم أن الخريطة السياسية المقبلة ستختلف اختلافا جذريا عن الحالية والسابقة بسبب الترتيبات الجديدة في المنطقة".

وعن التقارب بين المالكي والبارزاني، أوضح المسعودي "قبل 3 سنوات، كان دولة القانون ينعت الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ (قاعدة متقدمة لإسرائيل) وكثير من قيادات دولة القانون كانوا يتحدثون بمثل هذه اللهجة، ولا يوجد في السياسة العراقية ما يعرف بالتحالفات، وما يجري في العراق حراك سياسي لتكوين بيئات جديدة، وليس لدينا مفهوم تحالفات ومعارضة".

وأشار المسعودي إلى أن "الضاغط الإقليمي والدولي هو من يحدد بوصلة العملية السياسية وليس الرموز أو الشخصيات أو عدد المقاعد، أما تلك اللقاءات فهي غير مجدية، لأن العنصر الدولي والاقليمي سيكون حاضراً وبقوة".

المصدر : الجزيرة