خطوة نحو الإصلاح أم "مراوغة سياسية".. ماذا يعني حلّ المكتب التنفيذي للنهضة؟
عدد كبير من أعضاء مجلس شورى النهضة طالبوا، إلى جانب حل المكتب التنفيذي، بأن يمنح الغنوشي تفويضا كامل الصلاحيات لقيادة جديدة مستقلة عن رئاسة الحركة، تدير الأزمة السياسية وتعالج القضايا الداخلية.

تونس- خلّف قرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بحل مكتبها التنفيذي، تساؤلات عدة حول الأسباب والدوافع، في ظل الجدل الواسع داخلها، والذي زادت حدّته بعد القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة.
وأعلنت الحركة، في بيان لها مساء الاثنين، قرار الغنوشي إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله "بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبلومبيرغ: استحواذ الرئيس التونسي على السلطات يدفع بالديمقراطية لحافة الهاوية وينذر بسيناريو لبنان
الغنوشي يعفي جميع أعضاء المكتب التنفيذي لحركة النهضة
سعيد يقرر تجميد البرلمان حتى إشعار آخر والغنوشي يحل المكتب التنفيذي لحركة النهضة
وبحسب النظام الداخلي للنهضة، يمكن لرئيس الحزب إعفاء أو قبول استقالة أي عضو من أعضاء المكتب التنفيذي من مهامه، وعليه إخبار مجلس الشورى بذلك. ويمكن للأخير سحب الثقة من كل أعضاء المكتب التنفيذي أو من أحدهم، بنفس الأغلبية المطلوبة لتزكيتهم.
ويقترح رئيس الحزب على مجلس الشورى أسماء أعضاء المكتب التنفيذي، بما في ذلك الأمين العام ونائبه أو نوابه، ويكونوا من بين الأعضاء الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة.
جدل وخلافات
وسبق لحركة النهضة أن كشفت منذ أيام عن اعتزام رئيسها إدخال تغييرات على الهياكل القيادية "بما يتناسب مع ما استخلصته من مقتضيات المرحلة الجديدة" حسب إعلانها.
وألقت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس سعيد، بإيقاف عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، بظلالها على حركة النهضة، بعد أن سادها جدل داخلي حول المسؤولية السياسية والأخلاقية عما آلت إليه البلاد.
وشهد آخر اجتماع عقده مجلس شورى الحركة خلافات حادة، وصلت حد إعلان قيادات بارزة انسحابها وعدم تحمّلها مسؤولية القرارات التي ستتخذ، واتهمت رأس الحركة باتباع سياسة الهروب إلى الأمام وعدم الانتباه لخطورة اللحظة التي تمر بها النهضة والبلاد.
وسارعت حركة النهضة للإعلان عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة الأزمة السياسية برئاسة النائب محمد القوماني "ذات تفويض حصري لمهمة البحث عن حلول وتفاهمات في علاقة الحركة بما تشهده البلاد من تقلبات وأحداث سياسية".
وقال القوماني للجزيرة نت إن قرار حل المكتب التنفيذي اتُخذ تفاعلا مع دعوات عموم النهضويين لتغيير المكتب التنفيذي الحالي، ونتيجةً للانتقادات التي وجّهت لأعضائه.
وأضاف أن المكتب التنفيذي الحالي، والذي تم انتخابه في يناير/كانون الثاني الماضي، بُني على توافق سابق بهدف معالجة إشكالات داخلية، ولم يعد صالحا لمرحلة جديدة وخاصة بعد الأزمة السياسية منذ 25 يوليو/تموز.
وبحسب القوماني، فإن المكتب التنفيذي الحالي سيستمر في تصريف أعماله، بانتظار تشكيل مكتب جديد تجنبا لحالة الفراغ.
وبالمقابل، قال النائب إن لجنة إدارة الأزمة التي كُلف برئاستها ستظل مستمرة في المهمة التي تشكلت من أجلها، في مسعى للبحث عن حلول وتفاهمات لاستئناف المسار الديمقراطي وإنهاء المرحلة الاستثنائية.

قرار منقوص
من جانبه، وصف زبير الشهودي القيادي المستقيل من مهامه في الحركة، وهو أحد المحسوبين على الجناح الإصلاحي داخلها، قرار حل المكتب التنفيذي بأنه "متأخّر ومنقوص".
وقال، في حديث للجزيرة نت، إن حل المكتب التنفيذي كان مطلبا تقدّم به أعضاؤه بأنفسهم كأحد أشكال التعفف عن المسؤولية، وجاء استجابة لطلب القيادات المحسوبة على التيار الإصلاحي داخل شورى الحركة.
وأكد الشهودي أن رئيس الحركة راشد الغنوشي رفض في البداية الاستجابة لطلب غالبية القيادات بحل المكتب التنفيذي، ليعدل بعد ذلك عن قراره، متسائلا عن الهدف من وراء ما وصفتها بـ "المراوغة السياسية".
ولفت إلى أن عددا كبيرا من الأعضاء داخل مجلس شورى الحركة طالبوا، ليس فقط بحل المكتب التنفيذي، بل بأن يمنح الغنوشي تفويضا كامل الصلاحيات لقيادة جديدة بهدف إدارة الأزمة السياسية ومعالجة القضايا الداخلية، على أن تكون مستقلة عن رئيسها.
يشار إلى أن الرئيس التونسي، أعلن خلال ساعة متأخرة من مساء الإثنين، تمديد الإجراءات الاستثنائية المقررة منذ 25 يوليو/تموز الماضي، ومواصلة تعليق عمل البرلمان إلى إشعار آخر.