حوار مع سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حول الانتخابات المقبلة والحالة السياسية
اعتبر أن اتساع دائرة المقاطعين للانتخابات قد لا يمنع إجراءها، ولكن ذلك سيكون شديد التأثير على مشروعيتها التمثيلية لإرادة الشعب وعلى ثقة الشعب بالعملية السياسية.
بغداد – يرى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي أن الانتخابات القادمة ستعيد إنتاج التركيبة السياسية ذاتها للبرلمانات السابقة ونهج المحاصصة الحاضن للفساد مع تغييرات في الوجوه.
وأشار خلال لقاء خاص مع الجزيرة نت إلى أن اتساع دائرة المقاطعين للانتخابات قد لا يمنع إجراءها ولكن ذلك سيكون شديد التأثير على مشروعيتها التمثيلية لإرادة الشعب وعلى ثقة الشعب بالعملية السياسية.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsبدء الحملات الانتخابية للأحزاب ومرشحيها في العراق
انتخابات العراق في مهب التأجيل وهذه شروط الصدر لإنهاء مقاطعته لها
وأوضح فهمي أن حزبه سيتعامل مع أي حكومة في ضوء موقفها وسياساتها ومدى تعارضها أو التقائها مع مشروع تغيير مسارات العملية السياسية، معتبرا أن الأسباب والعوامل لاندلاع انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول عام 2019 لا تزال قائمة.
رائد فهمي من مواليد بغداد عام 1950، وهو سياسي واقتصادي ووزير سابق للعلوم والتكنولوجيا في حكومة العراق من 2006 إلى 2010، ونائب سابق في البرلمان.
وفيما يلي نص الحوار:
-
أعلنتم الانسحاب من العملية الانتخابية، فما الأسباب الرئيسية لذلك؟
لقد أوضحنا أسباب قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات المبكرة المقررة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتتلخص في أن الانتخابات المبكرة كانت مطلبا رئيسيا لانتفاضة تشرين الشعبية وحظي بإسناد واسع، والتزمت حكومة مصطفى الكاظمي بتنفيذه.
وارتبط هذا المطلب بالأهداف الأساسية الأخرى للحراك الجماهيري الداعية إلى إحداث تغيير في المنظومة السياسية الحاكمة المسؤولة عن الفشل في الأداء، وانتشار الفساد في جميع مفاصل الدولة، وتدهور الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة لا سيما بين الشباب، ومسؤولة أيضا عن ضعف الدولة وعدم قدرتها على ردع التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي.
وأضاف كان التعويل على الانتخابات المبكرة كونها وسيلة سلمية ودستورية ديمقراطية، لتكون رافعة وبوابة للتغيير الذي تتطلع إليه أوسع قطاعات الشعب التي ساندت مطالب انتفاضة تشرين المشروعة.
وأكد فهمي أنه لأجل أن تعبر الانتخابات عن الإرادة الشعبية ينبغي أن تتوفر في العملية الانتخابية شروط النزاهة والعدالة والشفافية، إلى جانب البيئة السياسية والأمنية الضامنة لحرية تعبير الناخب والمرشح.
وواصل بالقول إنه عندما تبين عدم قدرة الحكومة والأجهزة المعنية بالانتخابات على توفير هذه المستلزمات والشروط الضرورية لحرية الانتخابات ولإعادة الثقة بالعملية الانتخابية، بات واضحا أن الانتخابات القادمة سوف تعيد إنتاج التركيبة السياسية ذاتها للبرلمانات السابقة ونهج المحاصصة الحاضن للفساد مع تغييرات في الوجوه، مما يعني أن الغرض الرئيسي من الانتخابات المبكرة بوصفها بوابة للتغيير قد أجهض، وأن عوامل الأزمة المركبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة ستستمر.
-
هناك من يرى أنكم لا تستطيعون الفوز بعدد من المقاعد لذا أعلنتم الانسحاب، فما تعليقكم؟
يكاد يجمع المحللون والمراقبون والمعنيون بالشأن الانتخابي في العراق، أن جميع الانتخابات التي جرت خلال الدورات السابقة شابها التزوير بدرجات مختلفة، واستخدم المال والنفوذ السياسي وموارد الدولة، وتم تنظيمها وفق قوانين وأنظمة انتخابية غير منصفة ومفوضية انتخابات غير مستقلة، لذا فإن حزبنا لم يحصل على الأصوات التي تعكس وزنه وتأثيره السياسيين وحضوره الشعبي.
ولكننا خضنا الانتخابات رغم كل ذلك، ولم يحصل الحزب على ممثلين له في مجلس النواب في انتخابات عامي 2010 و2014، ومع ذلك لم يدع إلى المقاطعة، وفي انتخابات 2018 حصل الحزب على نائبين استقالا من المجلس تضامنا مع انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول.
وأعتبر أن هناك حملة تشويه لموقف الحزب من المقاطعة، وصرف النظر عن الأسباب الحقيقية التي أوضحها الحزب.
-
ما تعليقكم على الانسحابات الأخيرة من خوض الانتخابات ومقاطعتها؟
جميع الأحزاب والكتل التي أعلنت انسحابها أو مقاطعتها للانتخابات أوردت أسبابا مشتركة، مثل عدم توفر بيئة آمنة للمرشحين ولأصحاب الرأي الداعي للتغيير ووجود الجماعات المسلحة والسلاح خارج الدولة واستمرار تجاوزات قوى اللادولة وحركتهم الحرة من دون ردع او محاسبة، إلى جانب تدفق المال السياسي وشراء الأصوات ونفوذ أحزاب السلطة وتأثيرهم على المفوضية العليا للانتخابات.
واتساع دائرة المقاطعين قد لا يمنع من إجراء الانتخابات، ولكن ذلك سيكون شديد التأثير على مشروعيتها التمثيلية لإرادة الشعب وعلى ثقة الشعب بالعملية الانتخابية، ومن المحتمل أن تزيد من الاحتقان السياسي وتصاعد النشاط الاحتجاجي.
-
هل يلجأ الحزب الشيوعي إلى معارضة الحكومة المقبلة؟
نحن أعلنا بوضوح بأننا سنعمل بثبات كما سندعم كل نشاط أو مبادرة تهدف إلى بناء أوسع اصطفاف سياسي وشعبي رافض لنهج المحاصصة المنتج للأزمات وللمنظومة السياسية القائمة عليه، والعمل على تحقيق التغيير المنشود نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
وسنتعامل مع أي حكومة على ضوء موقفها وسياساتها ومدى تعارضها أو التقائها مع مشروع تغيير مسارات العملية السياسية ونبذ نهج المحاصصة والمكافحة الجادة والحازمة للفساد، وحصر السلاح بيد الدولة والكشف عن قتلة الناشطين والمحتجين ومن يقف وراءهم.
-
ما توقعاتك لسيناريو الوضع في العراق بعد الانتخابات؟
إن أسباب وعوامل اندلاع انتفاضة تشرين لا تزال قائمة، إن لم تكن قد اشتدت، وأزمات البلاد تلقي بظلالها الثقيلة على الأوضاع المعيشية لأقسام واسعة من شعبنا، وثمة تذمر شعبي واسع في طريقه للتحول إلى سخط قد يعبر عن نفسه بأشكال مختلفة.
فإذا ما جرت الانتخابات في ظل أجواء المقاطعة الواسعة وأعيدت إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية القوى والأحزاب ذاتها التي استثارت الاحتجاجات الشعبية الواسعة والمسؤولة عن الحصيلة البائسة لأكثر من 16 سنة من حكمها للبلاد، والفشل المريع في إدارة شؤون البلاد واستشراء الفساد الذي ينخر في الدولة ويقوض مرتكزاتها ويعمق الهوة التي تفصلها عن المجتمع، فكل هذه العوامل مجتمعة من شأنها أن تجعل من أوضاع ما بعد الانتخابات محملة بعناصر الاحتقان ومفتوحة على احتمال تصاعد الاحتجاجات وعدم الاستقرار السياسي.
-
كيف تقيمون الاتفاق الأخير بين بغداد وواشنطن بشأن سحب القوات الأميركية من البلاد قبل نهاية العام الجاري؟
إن ما أعلن عن الاتفاق الأخير ينسجم مع وجهة نظر الولايات المتحدة في سحب قواتها من منطقة الشرق الأوسط وإعادة نشرها بصورة تدريجية.
إننا ننظر إيجابيا لكل خطوة باتجاه إخلاء الأراضي العراقية من قوات أجنبية وقواعد عسكرية لقوى خارجية، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة اعتماد الشفافية والوضوح والدقة في تحديد طبيعة القوات الأجنبية الموجودة في العراق وعددها، كما نشدد على ضرورة أن تتكثف الجهود لتعزيز قدرات قواتنا المسلحة، بجميع صنوفها وترسيخ بنائها على أساس المواطنة والعقيدة الوطنية.