أفغانستان.. طالبان تجري مشاورات لتشكيل حكومة وبايدن يضع شروطا "صعبة" لمنحها الشرعية ومباحثات بين بوتين وأردوغان

نقل مراسل الجزيرة عن مصدر في حركة طالبان قوله إن رئيس المكتب السياسي للحركة الملا عبد الغني برادر يجري في العاصمة الأفغانية كابل محادثات لتشكيل حكومة جديدة، حيث يسود الهدوء العاصمة، في وقت قال فيه الرئيس الأميركي جو بايدن إن حصول طالبان على الشرعية الدولية سيكون قاسيا وصعبا.
وقال المصدر الذي تحدث لمراسل الجزيرة، إن الحركة ستعرض على بعض أفراد النظام السابق تولي مناصب في الحكومة الجديدة التي قال إن النساء سيكون لهن دور فيها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsما وراء الخبر.. لماذا تخشى أوروبا نفوذ روسيا والصين في أفغانستان؟
حكم طالبان لأفغانستان يربك أوروبا ويجبرها على إعادة حساباتها
تفاصيل السقوط السريع لحكومة أفغانستان.. كيف انتصرت طالبان وفشلت إستراتيجية واشنطن؟
وقال الناطق باسم حركة طالبان سهيل شاهين -في مقابلة مع شبكة التلفزيون العالمية الصينية الحكومية- إن المحادثات جارية لتشكيل حكومة تضم كل الأطياف في أفغانستان.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان إنهم أجروا محادثات في كابل مع شخصيات سياسية بشأن شكل النظام المقبل.
وأضاف أن الحركة تريد نظاما سياسيا يحترم حكم القانون ويتيح الفرصة لجميع المواطنين، وأنهم أكدوا خلال المحادثات رغبتهم في إقامة نظام مركزي قوي خال من الفساد.
من جانبه، قال رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله إنه والرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي أجريا محادثات مفصلة مع وفد المفاوضات في حركة طالبان برئاسة عبد السلام حنفي، حيث ناقش المجتمعون ترتيبات نقل السلطة سلميا، وتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع الأفغاني، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين وفتح المصارف.
كما بحث كرزاي مع حاكم ولاية كابل التابع لحركة طالبان عبد الرحمن منصور ضبط الوضع الأمني في العاصمة، وتهدئة الأوضاع في محيط المطار.
من جهة أخرى، التقى عضو المكتب السياسي لحركة طالبان أنس حقاني عشائر وناشطين من المجتمع المدني في ولاية خوست (شرقي البلاد). وقال شهود عيان إن اللقاء تناول عددا من القضايا المحلية ومستقبل البلاد.
وأفاد زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار بأن المحادثات الرسمية بين القادة السياسيين الأفغان وطالبان بهدف تشكيل حكومة جديدة ستبدأ مع وصول قادة الحركة إلى كابل.
وأشار حكمتيار -في تصريحات أدلى بها للصحفيين أمس الجمعة في كابل- إلى وجود مؤشرات على رغبة طالبان في تشكيل حكومة شاملة.
تصريحات بايدن
وعلى مستوى ردود الفعل الخارجية، قال بايدن في كلمة له بالبيت الأبيض إن طالبان تسعى للحصول على الشرعية الدولية، معتبرا أن الشروط للحصول على ذلك ستكون قاسية وصعبة، وأن ذلك سيعتمد على كيفية تعامل الحركة مع المواطنين الأفغان والنساء والفتيات.
كما قال بايدن إنه رغم أن الولايات المتحدة كانت على اتصال دائم مع طالبان والدوحة طوال هذه الفترة، فإنه لم يكن من المتوقع أن نشهد زوالا تاما للقوات الوطنية الأفغانية التي كانت مكونة من 300 ألف فرد.
وأضاف "لنفترض أن القوات الوطنية الأفغانية استمرت في القتال وأنها حافظت على وجودها حول كابل، فإن الأمور ستكون مختلفة تماما. كان هناك إجماع على أن القوات الأفغانية لن تنهار ولن تنسحب ولن تغادر".
أردوغان وبوتين
من جهة أخرى، بحث الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي بينهما، الوضع في أفغانستان بعد انهيار النظام وسيطرة طالبان على مقاليد السلطة.
وقالت الرئاسة التركية إن أردوغان أكد في اتصاله مع بوتين أن تركيا ملتزمة بأمن مطار كابل وفق معايير الأفغان والمجتمع الدولي.
ومن جهته، قال الكرملين إن بوتين وأردوغان اتفقا على تعزيز التنسيق الثنائي بشأن القضايا الأفغانية.
وأضاف أن الرئيسين أكدا في اتصال هاتفي على أهمية ضمان الاستقرار والسلم الأهلي في أفغانستان.
وضمن المشاورات الخارجية المتعلقة بالشأن الأفغاني، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هاتفيا مع نظيره الباكستاني شاه محمود قريشي الوضع في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على السلطة في البلاد.
وقالت الخارجية الروسية في بيان لها إن لافروف وقريشي شددا على أهمية تقديم المساعدة بما في ذلك تفعيل إطار مجموعة ترويكا الموسعة، لإقامة حوار شامل بين الأفغان بهدف تشكيل حكومة تمثيلية، وضمان الاستقرار والقانون والنظام العام في أفغانستان، وفق البيان.
تشكيل فريقين أمني ومالي
وفي السياق ذاته، نقلت رويترز عن مسؤول في طالبان قوله إن "الحركة ستشكل فريقين منفصلين لإدارة الأمن الداخلي والأزمة المالية، كما أن خبراء قانونيين ودينيين وخبراء في السياسة الخارجية في طالبان يعملون على طرح إطار حكم جديد في الأسابيع القليلة المقبلة".
وأضاف المسؤول -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- أن نموذج طالبان الجديد للحكم في أفغانستان قد لا يكون ديمقراطيا بالتعريف الغربي الدقيق، ولكنه سيحمي حقوق الجميع.
ووفقا للمسؤول، فإن الملا برادر سيوزع المسؤوليات على القادة، ويجتمع بقادة سياسيين ودينيين وزعماء مليشيات من أجل تشكيل حكومة أفغانية موحدة.
وأشار إلى أن طالبان تبحث -خلال المحادثات- كيفية ضمان مغادرة القوى الغربية أفغانستان بشروط ودية.
ونفى المسؤول في طالبان أن تكون الحركة اختطفت أي أجنبي، لكنه أقر بأن الحركة استجوبت بعضهم قبل خروجهم من البلاد.
وحول ما يتردد عن قيام أعضاء في الحركة بارتكاب أعمال انتقامية وفظائع، قال المسؤول في طالبان إن "الحركة ستكون مسؤولة عن أفعالها، وستحقق في الأمر".
وأضاف المسؤول "سمعنا عن ارتكاب بعض الفظائع والجرائم ضد المدنيين. لو كان (أعضاء) طالبان يفعلون هذه المشاكل المتعلقة بالقانون والنظام فسيتم التحقيق معهم".
وتابع "يمكننا تفهم حالة الذعر والتوتر والقلق. الناس يعتقدون أننا لن نخضع للمساءلة، لكن هذه ليست الحقيقة".
هدوء بالعاصمة
وتأتي هذه التطورات السياسية وسط حالة من الهدوء في العاصمة كابل.
وقال عضو حركة طالبان في كابل قاري محمد هارون سيرات إنّ الوضع الأمني في العاصمة يتحسن، مشيرا إلى أن الحركة ستلعب دورا مهما لتعزيز أمن الأفغان.
وأضاف "نحن نعقد أيضا اجتماعات مع مديري وسائل الإعلام لإطلاعهم على الوضع في البلاد، كما نطمئن شعب كابل على سلامتهم وحمايتهم.
وأوضح أن حركته لم تسجل أي حادث في الأيام الأربعة الماضية، وأنها اعتقلت أشخاصا ادعوا أنهم من طالبان لسرقة المجمعات الرئاسية.
كما قال المسؤول الأمني لحركة طالبان في العاصمة الأفغانية مولوي سيد رحمن بدر إن الحركة تبذل ما بوسعها لحفظ الأمن والسلام وضمان رفاهية السكان في كابل.
وأشار إلى أن الحكومة التي يجري تشكيلها حاليا لن تسمح بالفوضى كما فعلت حكومة أشرف غني، وأنها أنشأت وحدة أمنية لخدمة الناس في كابل.
وقد أظهرت صور من العاصمة الأفغانية اليوم السبت عودة الحياة إلى طبيعتها إلى حد كبير بعد 6 أيام من سيطرة حركة طالبان على المدينة.
فقد فتحت المحال التجارية أبوابها، وبدأ الناس يُقبلون على شراء احتياجاتهم وفق شهادات تجار، أما حركة المرور فبدت اعتيادية بعد حالة الازدحام التي شهدتها شوارع المدينة في الأيام الأولى لسيطرة طالبان.
وعلى الحدود الأفغانية الباكستانية، أفاد مراسل الجزيرة بأن حركة المرور في معبر تَشمَن عادت إلى حالتها الطبيعية.
وأضاف أن السلطات الباكستانية سمحت بعبور شاحنات نقل البضائع والمسافرين في الاتجاهين، لكنها فرضت بعض القيود في معبر طُورخُم الحدودي حيث يسمح فقط بعودة الباكستانيين والأفغان، كل إلى بلده.
بالمقابل، خرج متظاهرون أفغان في العاصمة البريطانية لندن للتنديد بسيطرة حركة طالبان على البلاد.
وطالب المتظاهرون بوقف أعمال العنف التي قالوا إن طالبان تمارسها بحق معارضيها، ورددوا شعارات تطالب بإنقاذ النساء حسب وصفهم.
كما طالبوا بضمان حماية المدنيين وعدم تحول البلاد إلى ملاذ للإرهاب.
وتوجه المتظاهرون إلى السفارة الباكستانية تنديدا بما قالوا إنه دعم تقدمه إسلام آباد لحركة طالبان، كما نددوا بما وصفوه بفشل حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) في بلادهم.
شقيق غني يبايع
من جهة أخرى، أفادت وسائل إعلام أفغانية بأن حشمت غني أحمد زادي -شقيق الرئيس أشرف غني الذي أطيح بنظامه قبل أيام- بايع حركة طالبان في العاصمة كابل.
وقالت وكالة أنباء باجهوك المحلية اليوم السبت إن حشمت غني أعلن مبايعته للحركة.
ولم يكن حشمت غني، الذي يرأس المجلس الأكبر للكوشي (البدو) في أفغانستان، يشغل أي منصب رسمي خلال فترة رئاسة أشرف غني التي استمرت 8 سنوات.
وظهر حشمت غني في مقطع فيديو وهو يبايع العضو البارز في حركة طالبان خليل الرحمن، بحسب الوكالة الأفغانية.
د پخواني ارګ مشر اشرف غني ورور حشمت غني د خلیل الرحمن حقاني په لاس له اسلامي امارت سره بیعت وکړ. pic.twitter.com/ShM5yn8rmu
— nunn.asia (@nunnasia) August 21, 2021
جماعة إيرانية
من جهة أخرى، قالت جماعة الدعوة والإصلاح الإيرانية إنها تأمل أن يؤسس الحكام الجدد لأفغانستان نظاما سياسيا شاملا امتثالا لقيم الشريعة الإسلامية في قبول الآخر والتسامح وأولوية تبني رؤية حضارية تطبيقا للوعود التي أطلقوها، ليتمكن الشعب الأفغاني المكافح الذي عانى الويلات والمحن والقوى والتيارات الفاعلة من صناعة مستقبل أفضل لعموم المواطنين والأجيال المقبلة من خلال الحوار الوطني والتفاهم البنّاء، بعيدا عن قصر النظر والاحتكار.
وأضافت في بيان أصدرته أنه "بغض النظر عن سلوك طالبان في المدن والعاصمة الأفغانية كابل خلال الأيام الأخيرة، والذي اختلف إيجابيا عن سلوكها السابق، وحديث بعض الناطقين باسم الحركة عن تغيير في الفكر والممارسة، فإنه لا بد من التريث قبل إصدار أحكام مسبقة، بل ينبغي رصد الأداء الميداني لحكومة طالبان خلال الفترة المقبلة".
ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأت طالبان بتوسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامنا مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
والأحد الماضي سيطرت طالبان على كابل خلال أقل من 10 أيام، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي طوال 20 عاما لبناء قوات الأمن الأفغانية.