الجيش الأميركي يعيد فتح مطار كابل وطالبان تحكم قبضتها على العاصمة ووفد أفغاني يتوجه للدوحة لبحث تشكيل حكومة

مروحية للجيش الأميركي تحلق فوق مطار كابل (الأوروبية)

أعاد الجيش الأميركي الليلة فتح مطار كابل لاستئناف عمليات الإجلاء بعد فوضى عارمة سقط فيها قتلى، وفي حين أحكمت حركة طالبان قبضتها على العاصمة، وقدمت ضمانات بعدم مهاجمة الأميركيين، يتوجه وفد أفغاني إلى الدوحة لإجراء مشاورات مع قادة الحركة لبحث تشكيل حكومة جديدة لأفغانستان.

ونقلت رويترز في وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء عن مسؤول أمني غربي أن مدرج مطار كابل بات خاليا من الحشود، وأن العديد من المدنيين الأفغان عادوا إلى بيوتهم، مؤكدا أن الرحلات الجوية العسكرية بدأت في الإقلاع من المطار.

وفي وقت سابق، أعلن الجنرال هانك تايلور المسؤول في هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن المطار أعيد فتحه في حدود منتصف ليلة الثلاثاء بتوقيت أفغانستان.

وقال تايلور إن طائرة نقل عسكرية من طراز "سي 17" (C 17) هبطت في المطار وعلى متنها عناصر من مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، وإن طائرة ثانية مماثلة على متنها وحدة من الجيش ستليها، في تعزيزات هدفها ضمان أمن المطار.

وتوقع ارتفاع عدد الجنود الأميركيين في كابل إلى نحو 3500 جندي، مشيرا إلى أن مهمة القوات الأميركية تبقى ضمان أمن المطار لتنفيذ عمليات الإجلاء الجارية حاليا.

وأوضح القائد العسكري الأميركي أن القوات الأميركية لم تقم بأي ضربات جوية في أفغانستان خلال الساعات الـ24 الماضية، مشيرا إلى أن قائد القوات الأميركية هناك يملك القدرات اللازمة لتنفيذ هذه الضربات إذا ارتأى حاجة لذلك.

بدورها، نقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية الليلة أن طائرة حربية ألمانية هبطت في كابل لإجلاء رعايا أجانب وعاملين محليين أفغان إلى طشقند عاصمة أوزبكستان، على أن يسافر هؤلاء في طائرة مدنية من هناك.

واضطر الجيش الأميركي عصر الاثنين لإغلاق مطار كابل بسبب الفوضى التي سادت داخله مع بدء أولى عمليات إجلاء الرعايا الأميركيين والموظفين الأفغان الذين كانوا يعملون مع القوات الأجنبية.

فوضى ورصاص

وأفاد مصدر أمني أفغاني للجزيرة بارتفاع حصيلة القتلى في المطار بسبب الفوضى إلى 10 أشخاص عقب توافد آلاف الساعين لمغادرة البلاد، وذلك بعيد دخول مسلحي طالبان العاصمة الأفغانية عصر الأحد.

وكان مراسل الجزيرة أفاد بأن محيط المطار شهد إطلاقا كثيفا للرصاص.

وشوهد مقاتلون من حركة طالبان في محيط المطار وهم يحاولون ثني الناس عن الدخول.

وقال البنتاغون إن القوات الأميركية ردت على حادثين لإطلاق النار؛ مما أدى إلى مقتل مسلحين اثنين في مطار كابل، وكشف عن معلومات أوليّة تفيد بإصابة جندي أميركي، من دون أن يجزم بذلك.

وأضاف أنه سيرفع عدد الجنود الأميركيين في مطار العاصمة الأفغانية خلال الأيام القادمة إلى 6 آلاف، وأن الرحلات التجارية والعسكرية ستستأنف بمجرد عودة النظام إلى المطار واستتباب الأمن فيه.

في السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إنه لا يمكن للبنتاغون التأكيد بأن الحوادث الأمنية التي وقعت في كابل كانت لمسلحين من طالبان.

ضمانات للأميركيين

وقال المتحدث باسم حركة طالبان سهيل شاهين إن الحركة ملتزمة بعدم استهداف الأميركيين، وأضاف -في لقاء مع محطة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) الأميركية أن الحركة التزمت في السابق بهذا الأمر، وأنها مستمرة في الالتزام به.

ووصف الادعاءات بارتكاب الحركة أعمالا وحشية خلال زحفها على المدن الأفغانية مؤخرا بغير الصحيحة، مؤكدا أن طالبان لم تقم بتفتيش البيوت بحثا عن الذين عملوا مع الأميركيين.

وكانت واشنطن قالت إنها وجهت تحذيرا مباشرا لقيادة طالبان من مغبة مهاجمة القوات الأميركية التي تنفذ عمليات إجلاء أجانب وأفغان من كابل.

كابل تحت السيطرة

من جهتها، جددت حركة طالبان الاثنين تأكيدها أن الأوضاع في العاصمة تحت السيطرة، وأنها اعتقلت عددا ممن قالت إنهم ضالعون في عمليات نهب، وذلك بعد يوم من سيطرة الحركة على المدينة، وانهيار الحكومة المدعومة أميركيا.

وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن الوضع في كابل تحت السيطرة، وإنه تم اعتقال متورطين في عمليات تخريبية، مشددا على حرص الحركة على عدم السماح بدخول منازل المسؤولين السابقين أو تهديدهم.

وبث ناشطون أفغان -عبر حساباتهم على تويتر- مقطع فيديو لإلقاء القبض من قبل عناصر حركة طالبان على مجموعة من اللصوص قاموا بسرقة عدد من المنازل في العاصمة الأفغانية كابل.

وكان مسؤولون في حركة طالبان قالوا إن الوضع في أفغانستان الاثنين هادئ، وإن مقاتلي الحركة لا يشتبكون مع قوات الحكومة المنصرفة أو المدنيين في أي منطقة.

وأعلنت حركة طالبان أنها نشرت شبكة استخباراتية تابعة لها في جميع أنحاء العاصمة الأفغانية، وكانت الحركة سيطرت قبل ذلك على كل المقرات الأمنية الرئيسية، فضلا عن القصر الرئاسي ومبنى البرلمان.

اعتقال لصوص

وقال رئيس استخبارات كابل في الحركة الملا فتح الله مدني -في مقطع فيديو عبر تويتر- إنه "تم التخطيط للسيطرة على بعض التحديات الجزئية الموجودة، كما ألقي القبض على جميع اللصوص ومرتكبي أعمال السلب والنهب".

وأظهر مقطع فيديو نشره مقربون من حركة طالبان تسييرها دوريات من القوات الخاصة التابعة لها في شوارع العاصمة كابل بهدف حفظ الأمن، وتم استقدام هذه القوات الخاصة من مدينة جلال آباد عاصمة ولاية ننغرهار (شرق).

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم طالبان إن "المولوي أمير خان متقي، عضو مجلس الشورى القيادي ورئيس لجنة الدعوة والإرشاد بالإمارة الإسلامية، وصل إلى العاصمة كابل، والتقى عددا من المسؤولين السابقين في الحكومة الأفغانية".

وفي ما يخص الوضع في كابل أيضا، نشر ناشطون أفغان عبر توتير مقطع فيديو للقيادي في طالبان عبد الحميد حماسي وهو يتواجد في أحد مستشفيات العاصمة، ويطمئن الفريق الطبي، ويشجعهم على ممارسة عملهم.

مباحثات تشكيل الحكومة

سياسيا، أعلن زعيم الحزب الإسلامي في أفغانستان قلب الدين حكمتيار أنه سيتوجه الثلاثاء إلى الدوحة مع الرئيس السابق حامد كرزاي، ورئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله؛ للقاء وفد حركة طالبان في العاصمة القطرية.

وقال حكمتيار إن الزيارة تهدف إلى مناقشة ترتيبات نقل السلطة وتشكيل حكومة جديدة في البلاد في أقرب وقت.

من جانبه، قال كرزاي إنه تم فتح قنوات اتصال مع قادة حركة طالبان، وعبر عن أمله أن تكون مثمرة.

وأضاف -عقب لقاء جمعه مع رئيس لجنة المصالحة- أنهما ناقشا مع قادة طالبان القضايا المصيرية بشأن مستقبل أفغانستان.

من جانبه، قال عبد الله إنه يتمنى أن يتفق جميع الزعماء الأفغان على حل الأزمة.

وبعيد دخول مقاتليها كابل الأحد، وجهت حركة طالبان رسائل طمأنة للشعب الأفغاني والمجتمع الدولي بشأن المرحلة المقبلة في البلاد، وأكدت وجود محادثات لتشكيل حكومة شاملة.

بدوره، أعرب سفير حركة طالبان السابق لدى باكستان عبد السلام ضعيف عن اعتقاده بأن الخطوة القادمة في أفغانستان ستكون لإرساء قواعد السلام.

وقال -في مقابلة مع الجزيرة- إن الخطوة التي تليها ستكون الحوار مع المعارضة والشخصيات السياسية في كابل من أجل اختيار رئيس البلاد.

المصدر : وكالات

إعلان