حركة طالبان تتعهد بأمن البعثات الدبلوماسية وواشنطن: لا نثق في الأقوال بل الأفعال

تعهدت حركة طالبان بتوفير جو من الأمن للدبلوماسيين وموظفي البعثات الدبلوماسية، في وقت أعلنت فيه عدة دول إغلاق سفاراتها أو تخفيض عدد موظفيها، في حين أكدت واشنطن أنها تنتظر الأفعال لا الأقوال.
وأرسلت الحركة -في بيان- رسائل طمأنة لجيران أفغانستان بأنها لن تسبب لهم أي مشاكل.
وقالت الحركة إن سيطرتها على مناطق ومحافظات بأكملها دليل على شعبيتها وقبول الشعب الأفغاني بها، وأكدت التزامها بحماية حياة المواطنين وممتلكاتهم، داعية الناس إلى أن يعيشوا بشكل طبيعي لا سيما في الدوائر الرسمية.
كما أعلنت حركة طالبان عفوا عاما عن كل من تعاون مع من وصفتهم بالمحتلين، أو من يقفون الآن في خط إدارة كابل، على حد وصف البيان.
واتهم البيان الحكومة الأفغانية بإطلاق دعاية مضادة، ونسب جرائم ارتكبتها هي والدوائر الاستخباراتية التابعة لها لمسلحي الحركة، حسب البيان.
لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت إنها لا تثق في كل ما تقوله طالبان وإنما ستنظر في أفعالها.
وذكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس -في مقابلة مع شبكة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) أن واشنطن تركز على الجهد الدبلوماسي، وأن وفدا أميركيا موجودا في قطر يلتقي بدول من المنطقة وخارجها.
وأضاف أن بلاده لمست إجماعا من هذه الدول والأمم المتحدة بشأن عدم الاعتراف بأي حكومة تصل إلى السلطة عبر القوة.
بدوره، تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعدم إدارة الظهر لأفغانستان التي تواجه تقدم طالبان، داعيا الدول الغربية إلى العمل مع كابل لتجنب أن تصبح أفغانستان مرة أخرى تربة خصبة لما دعاه الإرهاب.
كما أكد جونسون -في حديث تلفزيوني إثر اجتماع أزمة حكومي- أن بلاده تعتزم "ممارسة الضغط" عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية، مستبعدا حتى الآن فرضية حل عسكري.
وكان وزير الدفاع البريطاني قد حذر من انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية وعبر عن قلقه من إمكانية عودة تنظيم القاعدة إلى البلاد، مؤكدا أنه إذا تحولت البلاد إلى ملاذ للتنظيم فإن بريطانيا ستعود إلى هناك مرة أخرى.
في السياق ذاته، جدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) -عقب اجتماعه بشكل عاجل في بروكسل- الالتزام بإيجاد حل سياسي للصراع، كما حذر بأنه لن يكون هناك اعتراف دولي بالنظام في حال الاستيلاء على السلطة بالقوة.
البعثات الدبلوماسية
وكانت دول غربية أعلنت عزمها إغلاق سفاراتها في أفغانستان جراء تقدم حركة طالبان في الولايات، ودعت دول أخرى مواطنيها للمغادرة.
فقد أعلنت النرويج إغلاق سفارتها في كابل مؤقتا وسحب جميع موظفي السفارة في أفغانستان.
وقالت وزيرة الخارجية النرويجية إيني إريكسن سوريدي -في مؤتمر صحفي- "هذا ينطبق أيضا على الأفغان العاملين محليا الذين لديهم عائلة قريبة في النرويج ويرغبون" في أن يتم إجلاؤهم.
بدوره، قال وزير الخارجية الدانماركي جيبي كوفود، اليوم الجمعة، إن الدانمارك بصدد إغلاق سفارتها في كابل وإجلاء موظفيها في الوقت الحالي بسبب تدهور الوضع الأمني في أفغانستان.
أما فنلندا فقررت إجلاء 130 موظفا من سفارتها في كابل، وفق مراسل الجزيرة.
وفي ألمانيا، قال وزير الخارجية هايكو ماس إن بلاده ستخفض طاقم السفارة في كابل إلى الحد الأدنى.
وأضاف -في تصريحات صحفية- أن فريق الأزمات التابع للحكومة الألمانية اجتمع هذا اليوم لبحث الوضع في أفغانستان، وأن بلاده سترسل فريق دعم للمساعدة في زيادة الاحتياطات الأمنية للعاملين الألمان في العاصمة كابل.
وقررت ألمانيا تعليق جميع المشاريع التنموية في المناطق التي سيطرت عليها طالبان.
من جانبها، جددت وزارة الخارجية الفرنسية دعوتها اليوم الجمعة للمواطنين الفرنسيين لمغادرة أفغانستان في أسرع وقت ممكن.
وقالت الوزارة -في بيان- "على ضوء الوضع الأمني المتفاقم (في أفغانستان) ندعو المواطنين الفرنسيين مجددا لمغادرة هذا البلد بأسرع وقت ممكن".
ومع تقدم طالبان المتواصل في أفغانستان، أعلنت لندن مساء أمس الخميس أنها سترسل في الأيام المقبلة نحو 600 جندي لإجلاء الرعايا البريطانيين من البلاد.
من جانبها، أعلنت واشنطن إرسال آلاف الجنود إلى كابل لإجلاء دبلوماسيين ومواطنين أميركيين.
من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن "أولويتنا هي حماية أفرادنا، ومستمرون في وجودنا الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية كابل".
وقال أحد المسؤولين لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحلف بحث اليوم "عمليات الإجلاء" والخيارات والتكيفات العسكرية المطلوبة للمضي قدما.
أما الأمم المتحدة، فقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن المنظمة تقيم الوضع الأمني في أفغانستان "على أساس ساعة بساعة" لكنها لا تقوم بإجلاء أي من موظفيها من البلاد.
وأضاف أن المنظمة الدولية لها "وجود محدود للغاية" في مناطق سيطرت عليها حركة طالبان وأنها قامت بنقل بعض موظفيها من مناطق أخرى في البلاد إلى العاصمة كابل.