الخبراء يجيبون من واشنطن.. هل بدأ بايدن البحث عن بديل للاتفاق النووي؟
توقعات بألا يعود التفاوض بين واشنطن وطهران قبل سبتمبر/أيلول، وأن الاجتماع المقبل لفرق التفاوض قد يكون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

واشنطن- العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني قد لا تكون ممكنة، والولايات المتحدة تبدو عاجزة عن وقف تقدم طهران نحو إنتاج أسلحة نووية، ولذلك تبحث عن بديل. هكذا تبدو المقاربة الجديدة لإدارة الرئيس جو بايدن، وهي نابعة من الشعور بأن العودة إلى الاتفاق قد لا تكون ممكنة، وأن إيران تستفيد جزئياً من الوضع الحالي.
وتقلّصت طموحات بايدن المتعلقة بسرعة التوصل إلى اتفاق مع إيران، وبات يفكر في بدائل، مع اشتعال التوترات بالمنطقة، وتشكيل الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي مجلس وزراء يسيطر عليه "المتشددون" وقبل ذلك تعثّر مفاوضات فيينا منتصف يونيو/حزيران الماضي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتل أبيب وواشنطن تختتمان مناورات جوية.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يبحث ملف إيران مع مدير وكالة المخابرات الأميركية
بعضهم يدخل حكومة إيران لأول مرة وآخرون عملوا مع أحمدي نجاد.. هؤلاء هم أبرز وزراء حكومة رئيسي
ملف النووي الإيراني.. مدير المخابرات الأميركية يجري مباحثات في إسرائيل ودعوة ألمانية لاستئناف مفاوضات فيينا
تشدد النظام الإيراني
يدعو جودت بهجت البروفيسور بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، في حديث للجزيرة نت، إلى عدم المبالغة في تأثير انتخاب رئيسي، فمرشد الجمهورية علي خامنئي لديه الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي.
ويدير مجلس الأمن القومي الإيراني مفاوضات الملف النووي، ومن بين أعضائه الرئيس ووزير الخارجية وممثل المرشد ووزير الاستخبارات وكبار المسؤولين العسكريين وقادة الحرس الثوري.
وقبل بضعة أشهر، أوضح خامنئي أن الخارجية لا تحرص على وضع سياسة، بل تنفذ ما تمت الموافقة عليه من كبار المسؤولين (أعضاء مجلس الأمن القومي).
من جانبها، اعتبرت آسال راد، الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني بمركز تحليلات دول الخليج بواشنطن، أن القرارات الهامة في السياسة الخارجية مثل مفاوضات الملف النووي يتم تحديدها من خلال الإجماع، في النظام السياسي الإيراني.
وأشارت، في حديث للجزيرة نت، إلى تصريحات رئيسي بأنه سيسعى إلى المسار الدبلوماسي مع الجيران، ويريد رفع العقوبات عنها. وقالت إنه "في خطاب التنصيب وصف الأسلحة النووية بأنها ممنوعة دينيا" مؤكدا من جديد أن هذا البرنامج النووي المدني "سلمي".
ولم تستبعد الباحثة أن تتشدد المواقف الإيرانية في ضوء فشل الولايات المتحدة في الوفاء بوعود تخفيف العقوبات التي أعاد الرئيس السابق دونالد ترامب فرضها بعد انسحابه من الاتفاق النووي. وقد اختار رئيسي حكومة محافظة، وعين حسين أمير عبد اللهيان للخارجية محل جواد ظريف الذي كان مدافعا قويا عن الاتفاق النووي، والانفتاح على الغرب.
ورأت أن "آراء عبد اللهيان تبدو أكثر انسجاما مع العناصر المحافظة بالحرس الثوري، الأمر الذي قد يجعل التفاوض مع الولايات المتحدة أكثر صعوبة".
ولكن مع صراع داخلي أقل بين الخارجية والحرس الثوري، تقول الباحثة "قد نرى المزيد من الوضوح بشأن قرارات السياسة الخارجية الإيرانية، وأقل عرقلة للعودة للاتفاق النووي".
وفي حديث مع الجزيرة نت، قالت باربرا سلافين مديرة مبادرة مستقبل إيران بالمجلس الأطلسي "المسؤولية العامة للمفاوضات ستعود إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الذي تشارك فيه الخارجية والحرس الثوري. ومن المحتمل أن يستمر عباس عراقجي نائب وزير الخارجية في قيادة فريق التفاوض مع تدعيمه ببعض الوجوه المحافظة".
تحذيرات إسرائيلية تقليدية
وكانت السياسة الإسرائيلية ثابتة في محاولة حمل واشنطن على القيام بعمل عسكري ضد إيران (بما في ذلك المنشآت النووية). وعلى مدى سنوات، ردد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين مقولة "إيران على بعد بضعة أسابيع أو أشهر فقط من صنع القنبلة النووية". وملخص رسالة تل أبيب لواشنطن أنه لا يوجد وقت للتفاوض، لقد حان الوقت للحرب.
يعود بهجت ليقول "جميع الرؤساء الأميركيين أكدوا أنه لن يُسمح لإيران بامتلاك القنبلة خلال فترة حكمهم. ومن المثير للاهتمام حسب البروفيسور أن "إيران لا تجادل أو تنفي الدعاية الإسرائيلية الكاذبة".
وحسبه، ترى إيران أنه "إذا اعتقد القادة الأميركيون أنها على وشك امتلاك القدرة على صنع القنبلة، فمن المرجح أن تُقدم واشنطن تنازلات في المفاوضات النووية. واستنادا إلى المعلومات المتاحة، لا يزال أمام طهران طريق طويل للوصول لهذه القدرات النووية إذا اختارت أن تسير بهذا الاتجاه".
وتعلق سلافين بأن إسرائيل تردد وتكرر وتتوقع أن تحصل إيران على قنبلة منذ عام 1994 ولكنها حتى الآن لا تمتلك قنبلة. ومع ذلك، فقد ضاعفت ما لديها من اليورانيوم المخصب.
واشنطن وبدائل الاتفاق
قبل تعليق المفاوضات التي استضافتها مدينة فيينا منذ يونيو/حزيران الماضي، كانت هناك توقعات بالتوصل لاتفاق وتوقيعه من قبل إدارة روحاني، وقبل وصول رئيس جديد للحكم بطهران. "وقد ثبت أن هذه التوقعات متفائلة للغاية" طبقا لما ذكره بهجت الذي اعتبر كذلك أن الرئيس الجديد يريد أن يظهر "أكثر صرامة" من سابقيه.
ويقول البروفيسور إن هذا ترك بايدن أمام خيارين: إما رفع بعض العقوبات مقابل تجميد البرنامج النووي الإيراني، وهي خطوة مؤقتة حتى يتوصل الجانبان إلى اتفاق شامل، أو فرض المزيد من العقوبات لإجبار إيران على العودة لطاولة المفاوضات وقبول شروط واشنطن.
ويضيف "إدارة بايدن تدرس فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية إلى الصين. وفي الوقت نفسه، تواصل إسرائيل ضغوطها على طهران في البحر وفي سوريا وحتى داخل إيران. وليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة متورطة بهذه العمليات أو أنها تباركها".
الفرصة قائمة
من جانبها، توقعت الباحثة بمركز تحليلات دول الخليج أن "تظل لإدارة بايدن فرصة للتوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران. ومع ذلك، وخلافا للإدارات المعتدلة والإصلاحية السابقة بإيران، التي سعت إلى التعامل مع الولايات المتحدة، من المرجح أن تكون المفاوضات في ظل إدارة رئيسي سقفا للدبلوماسية".
ورغم أن إدارة بايدن كانت بطيئة في معالجة الاتفاق النووي، تقول راد "إلا أن التوترات الإقليمية تزيد من الحاجة إلى استعادة الاتفاق، وبأهمية أكثر من أي وقت مضى".
وجزمت سلافين بالقول "إدارة بايدن مستمرة في الضغط من أجل التوصل إلى نتيجة تفاوضية واستئناف المحادثات بشأن العودة المتبادلة للامتثال ببنود الاتفاق النووي. كما يقول رئيسي إنه يريد التوصل لاتفاق، لذا فإن الأمر يتعلق بانتظار إعادة صياغة فريق إيران التفاوضي وكذلك مواقفه الأساسية".
وتوقعت ألا يعود التفاوض بين واشنطن وطهران قبل سبتمبر/أيلول، وأن الاجتماع المقبل لفرق التفاوض قد يُعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكنها في الوقت نفسه لا تستبعد إجراء بعض المحادثات عبر القنوات الخلفية من خلال سلطنة عمان أو غيرها.
وتشير الخبيرة إلى "وجود بعض النقاش حول اتفاق مؤقت (أقل مقابل أقل)" بحيث تُعلق بموجبه واشنطن بعض العقوبات و"تجمد طهران بالمقابل خطوات في برنامجها النووي".