أفغانستان.. طالبان تقترب من كابل بعد سيطرتها على غزني والحكومة تعرض عليها تقاسم السلطة مقابل وقف العمليات

مقاتلون من حركة طالبان عقب سيطرتهم على مدينة غزني جنوب غرب كابل (الأوروبية)

اقتربت حركة طالبان من العاصمة كابل بعد سيطرتها -اليوم الخميس- على مدينة غزني، وهي عاشر مركز ولاية تستولي عليه خلال أسبوع، في حين أكد مصدر حكومي أفغاني للجزيرة أن حكومة بلاده مستعدة لتقاسم السلطة مع طالبان مقابل وقف زحفها العسكري.

وأعلنت الحركة -في بيان لها- سيطرة مسلحيها صباح اليوم على مدينة غزني (130 كيلومترا جنوب غرب كابل)، وأكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد -على تويتر- أن عشرات الجنود الحكوميين قتلوا خلال المعارك، مشيرا إلى أن الحركة استولت على أسلحة ومعدات خلال تقدمها نحو مكتب حاكم الولاية.

وقالت وكالة أسوشيتد برس إن طالبان رفعت راياتها في المدينة، ونقلت عن مصادر أن اشتباكات متفرقة لا تزال تدور خارج غزني في مقرين للمخابرات والجيش.

وقد أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أنه تم اعتقال حاكم ولاية غزني ومساعده بتهمة تسليم الولاية إلى حركة طالبان.

من جهته، نشر عضو مجلس ولاية غزني، نصير أحمد فقيري، صورا قال إنها لسيطرة مسلحي طالبان على غزني، وذكر في منشور على صفحته في فيسبوك أن حاكم الولاية "لغماني" سلم الولاية إلى طالبان بعد عقد تفاهمات معهم.

وأشار إلى أهمية الولاية من جهة موقعها الجيوسياسي، حيث تقع وسط البلاد على الطريق الموصل إلى العاصمة كابل.

إعلان

الأقرب للعاصمة

وغزني عاصمة أقرب ولاية إلى كابل تستولي عليها طالبان منذ أن أطلقت هجوما في مايو/أيار الماضي مع بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية الشهر الحالي.

وتعد المدينة نقطة مهمة على المحور الرئيسي الذي يربط كابل بقندهار، ثاني كبرى مدن أفغانستان الواقعة في الجنوب. ويسمح الاستيلاء عليها للحركة بقطع خطوط الإمداد البرية للجيش إلى الجنوب.

وكانت طالبان أعلنت -أمس الأربعاء- سيطرتها على ولايتي بغلان وبدخشان، واستولت قبل ذلك على مراكز معظم ولايات الشمال، وفي مقدمتها قندوز، بالإضافة إلى ولايتي فراه في الغرب ونيمروز في الجنوب على الحدود مع إيران.

وأعلن ذبيح الله مجاهد -عبر حسابه في تويتر- أن عددا من جنود القوات الأفغانية انضموا إلى الحركة، وقال إنه بالإضافة لاستسلام الجنود، غنمت الحركة مروحية في مطار ولاية قندوز وأسلحة أخرى.

من جهته، أكد مسؤول محلي أفغاني أن مئات من أفراد قوات الأمن استسلموا -أمس الأربعاء- لمسلحي طالبان في مطار قندوز الذي انسحبوا إليه بعد سقوط المدينة في يد الحركة.

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 27 مسلحا من حركة طالبان في غارة جوية نفذتها القوات الأفغانية في ولاية بلخ شمالي البلاد.

تطورات ميدانية أخرى

في تطورات ميدانية أخرى، قالت وكالة أسوشيتد برس إن طالبان سيطرت على مقر للشرطة في مدينة لشكركاه عاصمة ولاية هلمند جنوبي أفغانستان، التي تحاول الحركة الاستيلاء عليها.

وبالإضافة إلى هلمند، تشن طالبان هجمات بهدف السيطرة على ولاية قندهار التي تقع بدورها في الجنوب، وتعد معقلا رئيسيا للحركة.

وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 90 وإصابة 130 من مسلحي حركة طالبان خلال عمليات عسكرية جوية وبرية في مدينة لشكركاه خلال الساعات الـ24 الماضية.

إعلان

بدوره، أفاد مراسل الجزيرة -نقلا عن مصدر أمني أفغاني- استسلام حاكم ولاية فراه ونائبه ومسؤولين حكوميين لحركة طالبان بعد سيطرة الحركة على الولاية، في حين ذكر مصدر أمني أفغاني أن عضو البرلمان الأفغاني عن فراه، وقائد الجيش بالولاية، ورئيس مجلس الولاية، فروا إلى إيران.

وفي مواجهة التقدم المتسارع لحركة طالبان، التقى الرئيس الأفغاني أشرف غني قادة حرب سابقين من بينهم عبد الرشيد دوستم في مدينة مزار شريف سعيا لشن هجوم مضاد على طالبان.

من جهتها، قالت واشنطن إن معلومات تتواتر عن عمليات إعدام تستهدف جنودا استسلموا للحركة، وحذرت من أن ذلك يرقى إلى جرائم حرب.

وعلى ضوء تقدم طالبان السريع على الأرض، دعت السفارة الألمانية في كابل رعاياها إلى مغادرة أفغانستان في أسرع وقت ممكن، بسبب التطورات الراهنة. وباتت طالبان تسيطر على عدة معابر حدودية مع كل من طاجيكستان وأوزبكستان وباكستان.

تقاسم السلطة

سياسيا، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر حكومي أفغاني أن الحكومة مستعدة لتقاسم السلطة مع حركة طالبان شريطة وقف العمليات العسكرية.

وقال المصدر إن الحكومة قدمت مسودة لحل النزاع إلى قطر بوصفها وسيطا في المفاوضات.

من جهته، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إنه لا علم للحركة بعرض الحكومة الأفغانية، مضيفا أنه لا يستطيع التعليق عليه.

ويأتي ذلك في حين يُستأنف في العاصمة القطرية الدوحة الاجتماع الدولي الموسع بشأن أفغانستان، الذي يركز على محاولة إقناع الأطراف الأفغانية بخفض العنف والانخراط في مفاوضات عاجلة لتحقيق السلام.

ويحضر الاجتماع المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية زلماي خليل زاد، والمبعوث القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة وتسوية النزاعات مطلق القحطاني، وممثلا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إضافة إلى الصين وباكستان.

إعلان

كما انضمت طاجيكستان للاجتماع في انتظار أن تلتحق دول جوار أخرى معنية بالأزمة الأفغانية.

وكان الوفد الحكومي الأفغاني برئاسة رئيس اللجنة العليا للمصالحة عبد الله عبد الله قد اختتم الثلاثاء الماضي اجتماعاته مع وفود الدول المشاركة، وقد انضم وفد من حركة طالبان إلى الاجتماع.

وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إن الحركة متمسكة بحل المشاكل عبر الحوار رغم التقدم الميداني الذي تحققه. وفي لقاء سابق مع الجزيرة أكد نعيم أن طالبان لم تغلق المسار السياسي وأن وجود وفدها في الدوحة دليل على تمسكها بالمفاوضات.

في المقابل، كشف عبد الله عبد الله، أنه تم تسليم دولة قطر خطة الحكومة الأفغانية لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية، وقال إن حكومة بلاده تدعم تعيين وسيط أو وسطاء لتنظيم المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي.

وانتقد عبد الله عدم وفاء حركة طالبان بالتزاماتها وعدم قطعها علاقتها مع جماعات وصفها بالإرهابية بما فيها تنظيم القاعدة، كما اتهم الحركة بأنها غير جادة في محادثات السلام وغير مؤمنة بالحل السياسي.

وعن التطورات الراهنة، قال رئيس الحكومة الباكستانية عمران خان إن حركة طالبان ترى أنه ما دام أشرف غني رئيسا لأفغانستان فإنها لن تتواصل مع الحكومة الأفغانية. وأكد خان أن التسوية السلمية في أفغانستان باتت أمرا صعبا.

في المقابل، طالبت الخارجية الأفغانية باكستان بإغلاق ما وصفتها بطرق الإمداد لحركة طالبان والإرهابيين المتحالفين معها، وفق تعبيرها.

في واشنطن، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن هناك تأخرا "مؤلما" في المحادثات بشأن أفغانستان، مشيرا إلى أن جهود بلاده في الدوحة تهدف إلى الضغط على طالبان للحد من العنف والانخراط في مفاوضاتٍ عاجلة للسلام.

بدوره، قال السفير الأميركي في كابل إن محاولات احتكار السلطة بالعنف والخوف والحرب التي تمارسها طالبان لن تؤدي إلا إلى العزلة الدولية.

إعلان

الدعم الأميركي

على صعيد آخر، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، إن السلطات الممنوحة للقوات الأميركية بتقديم الدعم الجوي للقوات الأفغانية تنتهي بنهاية الشهر الجاري، مؤكدا أنه لم يصدر أي قرار عن المرحلة التي تلي ذلك.

من جانبها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن واشنطن مستمرة في سحب قواتها من أفغانستان وفق الآجال المحددة بمعزل عما تحققه طالبان من تقدم على الأرض.

وأضافت ساكي أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأفغانية، وترى أن لدى هذه القوات ما يمكّنها من التصدي لطالبان.

ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض التعليق على ما يُقال عن احتمال سقوط العاصمة كابل في يد طالبان خلال 90 يوما، وقالت إن تقييم الإدارة الأميركية حاليا هو عدم وجود أي سيناريو حتمي، وفق تعبيرها.

بدوره، اعتبر برايس -ما سماه- المؤشرات الأخيرة تفيد أن طالبان تسعى للنصر العسكري في أفغانستان.

وبشأن تطورات الوضع الميداني، أوضح برايس أن الوزارة اتخذت خطوات لضمان سلامة وأمن الدبلوماسيين الأميركيين.

وأشار إلى أن طالبان قدمت التزامات بشأن القوات الأميركية وقوات التحالف على الأرض بموجب الاتفاق معها.

عمليات النزوح

وفي نيويورك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الصراع في جميع أنحاء أفغانستان أدى منذ بداية العام الجاري إلى نزوح ما يقرب من 390 ألف شخص.

وأضاف دوجاريك أن فرق التقييم الأممية تأكدت من وجود أكثر من 4 آلاف نازح إضافي يحتاجون حاليا إلى المأوى والغذاء والصرف الصحي ومياه الشرب.

يأتي ذلك في وقت قدرت فيه منظمات دولية عدد من نزحوا خلال الأيام الماضية من شمال أفغانستان بسبب هجوم طالبان بنحو 30 ألف عائلة.

مطار كابل

في هذه الأثناء، قال زير الدفاع التركي خلوصي أكار اليوم الخميس إن مسألة تشغيل مطار كابل ستتبلور خلال الأيام المقبلة وإن بلاده لن تعرض حياة جنودها للخطر.

إعلان

وأضاف أكار أنه سيكون من المفيد أن يظل مطار كابل مفتوحا.

وكانت وكالة رويترز نقلت عن مسؤولين تركييْن أن بلادهما ما زالت عازمة في الوقت الراهن على إدارة وحماية مطار كابل بعد انسحاب القوات الأجنبية الأخرى من أفغانستان، لكنها تراقب الوضع بعد تحقيق حركة طالبان مكاسب سريعة على الأرض.

المصدر : وكالات

إعلان