التضامن الميداني والإعلامي المتواصل.. أبرز ما تطلبه عائلات حي الشيخ جراح مع اقتراب جلسة محاكمتها

القدس المحتلة – كحال كل الوقفات التضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي وقفة مساء أمس السبت، دعا إليها أهالي الحي مع اقتراب موعد جلسة محاكمتهم في الثالث من أغسطس/آب الجاري داخل المحكمة العليا الإسرائيلية، في قضية إخلاء منازلهم لصالح المستوطنين.
وحالت المكعبات الإسمنتية والسواتر الحديدية التي نصبها الاحتلال قبل شهرين ونصف دون وصول المتضامنين الفلسطينيين والأجانب إلى شارع عثمان بن عفان في الحي، والذي تقطنه العائلات التي اقترب موعد جلستها، كما حالت بينهم أيضا الاعتقالات وهراوات الجنود ورشقات المياه العادمة، لكنهم سمعوا جيدا صراخ ابنة الحي منى الكرد وهي تقول لهم "بموتوا خوف منا وإحنا مش عاملين إشي، وقفة احتجاجية سلمية بتخوفهم، إذا ما وسعتكم بيوتنا بتوسعكم قلوبنا".
اقرأ أيضا
list of 3 itemsهآرتس: إسرائيل تتنصل من مسؤولياتها تجاه سكان الشيخ جراح وهذا أمر خطير
الشيخ جراح.. المعركة مستمرة
توقعات بالتأجيل
ويترقب أهالي الحي وإلى جانبهم أحرار العالم مجريات جلسة المحكمة القادمة التي يتوقع تأجيلها كحال الجلسات السابقة كي تفتر القضية ويمل المتضامنون وينفضوا عنها، لكن الأهالي يعولون على صبرهم وطول نفسهم ونفس مؤيديهم.
ويطلب نبيل الكرد (المهدد بالإخلاء من بيته) أن يستمر التفاعل الإعلامي -خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي- مع قضية حي الشيخ جراح.
ويقول الكرد للجزيرة نت إن سلاح الحي في هذه المعركة هو الصورة والفيديو اللذان نقلا القصة الفلسطينية الحقيقة من القلب وتغلبا على قصة الاحتلال الملفقة، حتى لاقت تفاعلا وتأييدا فاق توقعات أهالي الحي.

التضامن الإعلامي والميداني
ويؤكد الكرد أن الوجود على الأرض مهم جدا لمن يستطع إليه سبيلا، ويتابع "وجودنا في الشارع مرعب للصهاينة، عندما تقف قبالة أحدهم يرتجف من بعيد"، مضيفا "أبهرنا التضامن على الأرض أيضا، لم يتركنا المتضامنون، وكلما طلبنا منهم الوجود والدعم الميداني لبوا نداءنا في الحال رغم التضييقات وحصار الحي".
ويوافق صالح ذياب المهدد بالإخلاء أيضا جاره الكرد، ويقول للجزيرة نت إن الشارع هو الذي يفرض كلمته، ولن تنجح قضيتهم إذا لم يحركها الشارع، ويطلب من المتضامنين الدعاء للأهالي ومواصلة النداء بهتاف "أنقذوا الشيخ جراح".
لا يثقون بالمحكمة الإسرائيلية
ويضيف ذياب "لا نقول فقط أنقذوا الشيخ جراح، بل أنقذوا القدس بأسرها، والتي تتعرض بيوتها كل يوم للهدم ومعالمها للتهويد وأهلها للقتل والاعتقال، هذه قضية شعب كامل، والإرهاب الصهيوني لا يتوقف عند بيوتنا فقط، إن لم نكن موحدين فلن ننتصر أبدا".
ويتوقع ذياب أن تؤجل جلسة المحكمة، لكنه يؤكد أن قصتهم يجب ألا تنتهي أو تموت بالتأجيل، ويتابع "أنا لا أؤمن بالمحاكم الإسرائيلية، أتوقع منهم كل شيء، فالقاضي هو جزء لا يتجزأ من المستوطنين الذين يسرقون بيوتنا، كلهم منظومة واحدة".

فصل متعمد للقضايا وجلسات المحاكم
في الشارع المجاور لشارع عثمان بن عفان يقع شارع أبو بكر الصديق داخل حي الشيخ جراح، والذي تقطنه عائلات أخرى مهددة بالتهجير تشكل مع كل وحدات الحي 28 عائلة مهددة، لكن الاحتلال يتعمد الفصل بين العائلات في القضايا ومواعيد جلسات المحاكم كي تتفرق الجهود ولا يتم التهجير والإخلاء بشكل جماعي وأعداد كبيرة أمام المجتمع الدولي.
في شارع أبو بكر الصديق تعيش الشابة آلاء السلايمة مع 8 أفراد من عائلتها في بيت مهدد بالإخلاء، وتجاورهم عائلات تشاركهم التهديد ذاته، كالفتياتي والزين وأبو شوشة، ويجاورهم أيضا بيت أم كامل الكرد الذي طردت منه وسكنه المستوطنون عام 2008، وعقدت محكمة عائلة السلايمة الأخيرة في الخامس من يوليو/تموز الماضي لكنها تأجلت حتى 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وكذلك قامت المحكمة العليا الإسرائيلية في 28 يوليو/تموز الماضي بإصدار قرار تجميد تنفيذ قرار الإخلاء بحق 3 عائلات في حي الشيخ جراح وهي: الدجاني والداهودي وحماد، والذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ مطلع الشهر الجاري.
وتقول السلايمة للجزيرة نت "سيستمر تأجيل المحاكم حتى ينسى الناس وينشغلون بأشغالهم ويعودون إلى حياتهم الطبيعية، مع أننا لا نملك حياة طبيعية ونعيش بخوف دائم"، وتابعت "لا تسمحوا للقضية بأن تموت إعلاميا، نحن أقوياء، لكن لا تتركونا وحدنا، فقضيتنا سياسية وليست قانونية".
قضية سياسية لا قانونية
بدوره، يؤيد محامي العائلات المهددة بالإخلاء حسني أبو حسين مقولة إن القضية سياسية، لكنه يحارب إلى جانب زملائه المحامين في أروقة المحاكم لإنقاذ البيوت قانونيا، ويتأمل أن تفحص المحكمة كل الأوراق والإثباتات التي قدمها طاقم المحامين أمامها.
ويفصّل أبو حسين تلك الأوراق للجزيرة نت قائلا "حصلنا على كتاب مصدق من الأرشيف العثماني يثبت أن أهم وثيقة بحوزة المستوطنين في قضية الشيخ جراح مزيفة ولا وجود لها، حيث قدم المستوطنون وثيقة باللغة العثمانية تعود إلى عام 1294 هـ، لكن لا وجود لها في الأرشيف أبدا".
كما حصل أبو حسين على وثائق من الأردن صدقت عليها وزارة الإنشاء والتعمير، وتشمل 14 اتفاقية سابقة مع سكان الحي وكتابا عن تسلسل الأحداث على أرض حي الشيخ جراح منذ لجوء العائلات إليه عام 1956 ميلادي إبان الحكم الأردني الذي وفر لهم مساكن فيه، وتعهد بتسجيل ملكيتها لهم، لكن نكسة عام 1967 واحتلال القدس حالا دون ذلك.
ويختم أبو حسين "حسب القانون المحلي والدولي، فإن الالتزام الذي قامت به السلطة ذات السيادة الماضية (الأردن) يُلزم السلطة الحالية (إسرائيل)".