بيلاي على رأس لجنة التحقيق.. الفلسطينيون منقسمون وإسرائيل تعتبر أن الهدف هو تبرئة حماس

epa03437564 South African Navanethem "Navi" Pillay, UN High Commissioner for Human Rights, speaks during a press conference, at the European headquarters of the United Nations in Geneva, Switzerland, 18 October 2012. Pillay reportedly compared the conflict in Syria to the sectarian war in Bosnia in the 1990s, calling on world powers to step up efforts to bring the violence in Syria to an end. EPA/MARTIAL TREZZINI
القاضية بيلاي من جنوب أفريقيا لديها تاريخ طويل في قضايا حقوق الإنسان (الأوروبية)

بيت لحم – اختلفت ردود الفعل الفلسطينية بين متفائل ومتشائم، بعد إعلان الأمم المتحدة عن ترؤس المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان نافي بيلاي لجنة تحقيق دولية بشأن الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، أما تل أبيب فاعتبرت أن اللجنة ستبرئ حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي 28 مايو/أيار الماضي، عقدت الأمم المتحدة جلسة لمجلس حقوق الإنسان أسفرت عن قرار، بتأييد 24 عضوا ومعارضة 9 وامتناع 14 عن التصويت، بتشكيل "لجنة تحقيق دولية مستقلة ودائمة" في تجاوزات القانون الدولي وحقوق الإنسان، والتي أدت إلى "أعمال عنف" في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.

وأعلن المجلس أمس الخميس عن تعيين القاضية بيلاي رئيسا للجنة، لتسارع البعثة الإسرائيلية الأممية بإصدار بيان جاء فيه "ليس مفاجأة أن يكون غرض هذه الآلية هو إيجاد انتهاكات إسرائيلية، وفي نفس الوقت تبرئة حماس المنظمة الإرهابية بقطاع غزة من الجرائم التي ارتكبتها".

مدير عام مؤسسة الحق والفيدرالية الدولية لحقوق الانسان شعوان جبارين
شعوان جبارين: العمل بدأ لملاحقة مجرمي الحرب (الجزيرة)

ترحيب فلسطيني

في المقابل، رحبت جهات فلسطينية حقوقية ورسمية بهذه اللجنة، ورأى مدير مؤسسة "الحق" شعوان جبارين أن تشكيل اللجنة ترجمة عملية لقرار مجلس حقوق الإنسان بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، واعتبره سابقة تاريخية، خاصة أنه يمكنها فتح تحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية منذ عام 1948 حتى اليوم.

كما أثنى جبارين -في حديثه للجزيرة نت- على تشكيل اللجنة الدائمة والمستمرة، خاصة أن على رأسها بيلاي من جنوب أفريقيا والتي شغلت منصب المفوض السامي لمجلس حقوق الإنسان، إذ رأى جبارين أن لها مواقف قانونية وحقوقية يشهد لها، وأنها شخصية مستقلة ومنحازة للقانون الدولي الإنساني، ولها سجل حافل في حماية الحقوق، مما يعني أن "العمل بدأ لملاحقة مجرمي الحرب".

كما رأى أن اللجنة ستلاحق التمييز العنصري ضد الفلسطينيين في إسرائيل، وهو أمر يتم لأول مرة في التاريخ، وهذا يقود للعودة إلى جذر القضية في التهجير، واللاجئين، والقرى الفلسطينية غير المعترف بها، وغيرها من القضايا التي أُضطهد فيها الفلسطينيون خلال فترة زمنية طويلة، حسب قوله.

وفي سؤال للجزيرة نت عن تقبل الفلسطينيين للجنة وقراراتها التي قد تدينهم، أجاب جبارين أن "القانون لا يتجزأ ويجب الأخذ به كما هو، ويجب الرضا بالنتائج".

جانب من الدمار الذي خلفه العدوان الأخير على غزة (الأوروبية)

تشكيك في النتائج

من جهة أخرى، يعتقد أستاذ القانون الدولي في جامعة الاستقلال إسلام البياري أن إسرائيل لن تتعاون مع لجنة التحقيق، وأنها تقوم بذلك مع لجان التحقيق الأممية الأخرى كي لا تعطي أي شرعية لقراراتها مستقبلا، وهو ما نفذته بالفعل في قرارات الأمم المتحدة ضد الاستيطان بالضفة الغربية والذي لم توقفه، وكذلك قرارات الحروب على غزة التي لم تتوقف أيضا.

ويرى البياري -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك قرارات دولية أدانت الفلسطينيين أكثر من إسرائيل، كما حدث في تقرير أممي أخير لانتهاكات حقوق الطفل، والتي انتقدت حركة حماس أكثر من إسرائيل، متهمة حماس باستخدام الأطفال دروعا بشرية بدلا من إدانة العدوان الإسرائيلي أصلا، حيث اعتبرت أنه كان على إسرائيل تجنبهم من دون أن تدينها.

ويضيف أن اللجنة لن تعطي مكاسب كبيرة للفلسطينيين، وذلك قياسا على اللجان والقرارات الأممية السابقة التي لم تعطِ أي شيء لهم، بدءًا من القرارات الأممية الخاصة باللاجئين وحق العودة، ثم لجنة تقصي الحقائق في حرب عام 2014 على غزة، وكذلك تقرير "غولدستون" وغيرها، حسب رأيه.

وأوضح البياري أن لجان التحقيق تعطي توصيات ولكنها لا تنفذ، فإسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون، وإذا أرادت الأمم المتحدة معاقبة إسرائيل كدولة فأقصى عقوبة ممكنة هي إيقاف عضويتها أو فصلها، والدول الكبرى لن تسمح بذلك، كما يقول.

ويضيف أستاذ القانون الدولي أن معاقبة السياسيين تتم في المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يتطلب سنوات طويلة جدا في التحقيق والإجراءات، وحتى في حال إقرار أي انتهاكات فلن تحدث المعاقبة بل تتم التوصية على الأغلب بتعويض الضحية.

ويرى البياري أنه يجدر بالفلسطينيين أن يصبوا كل جهدهم الدبلوماسي على تنفيذ أحد قرارات الأمم المتحدة التي تحقق مصالحهم وتعيد الأمور إلى أصولها، وليس إصدار قرارات جديدة مما قد يعني إلغاء البعد التاريخي للقضية، مضيفا أن أية محاكمة دولية ستتم خلالها إدانة حماس وإسرائيل على أنهما قاما بجرائم حرب، وستُدان أيضا السلطة الفلسطينية بجرائم ضد الإنسانية، ويتساوى هنا الاحتلال مع الفلسطينيين، مع أن أصل القضية تشريد وتهجير ولجوء واحتلال وانتهاكات مستمرة بحق الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة