نيوزويك: كيف بنت الصين الشيوعية أكبر جيش وقريبا أكبر اقتصاد في العالم خلال قرن؟

The 100th founding anniversary of the Communist Party of China, in Beijing
جانب من الاحتفالات بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي بساحة تيانانمين وسط العاصمة بكين (رويترز)

قالت نيوزويك (Newsweek) الأميركية إن الحزب الشيوعي الصيني تطور في ظرف قرن من الزمان -وهي فترة وجيزة في تاريخ الحضارة الصينية التي تعد من أقدم الحضارات على وجه الأرض- من حركة مليشيات فكرية -تضم عددا قليلا من الثوار- إلى عملاق قوامه 95 مليون فرد يقود أكبر جيش، وقريبا أكبر اقتصاد، في العالم.

وتؤكد المجلة -في تقرير لمحررها توم أوكنور- أن احتفال الحزب الشيوعي بذكراه المئوية هذه الأيام كانت مناسبة لقادة البلاد للاحتفاء بـ "الطريق الشاق للنجاح" مع استحضار تحديات الماضي والحاضر، وتطلعات المستقبل التي باتت مدعاة للإثارة والقلق في الآن ذاته.

وأضافت أن حالة من "عدم اليقين" تسود داخل الحزب الشيوعي الحاكم خاصة في ظل موقف التحدي الذي تبنته الولايات المتحدة والعالم الغربي اتجاه بكين، وهو موقف لم نشهد له مثيلا منذ وفاة ماو تسي تونغ المؤسس الثوري لجمهورية الصين الشعبية.

اشتراكية صينية

وقد حدد الرئيس الصيني شي جين بينغ -خلال ترؤسه فعاليات الذكرى السنوية للحزب الشيوعي- سمات نهجه الخاص في الحكم من خلال الحديث عن "اشتراكية بميزات صينية" تعترف بالإنجازات التي حققتها البلاد، ولكن أيضا بالتحديات المستقبلية التي تواجهها.

وترى سوزان ثورنتون، الدبلوماسية المتقاعدة والباحثة بمركز بول تساي الصيني في كلية الحقوق بجامعة ييل الأميركية، أن أبرز العوامل الكامنة وراء صعود الصين هي "النمو الاقتصادي والاستقرار الداخلي والإجماع وراء الأولويات الوطنية وتنامي النفوذ الدولي وتطور قدرات البلد التكنولوجية والعسكرية".

وفي الإطار العسكري، شرع الرئيس شي منذ السنوات الأولى لحكمه للحفاظ على أمن البلاد في إصلاح جيش التحرير الشعبي ليصبح "جيشا عالميا" بحلول منتصف هذا القرن.

وقد مكنت فعلا الاستثمارات الضخمة بهذا القطاع -تضيف المجلة- من التفوق على الولايات المتحدة في مجالات معينة مثل بناء السفن الحربية وأنظمة الصواريخ الدفاعية والهجومية، وهي تطورات تراقبها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) باهتمام بالغ في إطار الحرص على استمرار الريادة العسكرية.

وقد أكد الرئيس الصيني -خلال كلمة بمناسبة الذكرى المئوية أمس الخميس بميدان تيانانمين- أهمية هذا البعد حيث وصف جيش التحرير الشعبي بأنه "ركيزة قوية لحماية بلدنا الاشتراكي والحفاظ على الكرامة الوطنية، وقوة مهمة لحماية السلام في منطقتنا وخارجها".

كما ذكر أن "الاشتراكية بميزات صينية" مكنت البلاد من تحويل نفسها "من اقتصاد مخطط له وشديد المركزية إلى اقتصاد سوق اشتراكي مفعم بالحيوية، ومن دولة معزولة إلى حد كبير إلى بلد منفتح على العالم الخارجي".

وأضاف "لقد تمكنت الصين أيضا من تحقيق قفزة تاريخية حيث انتقلت من دولة ذات قوى إنتاجية متأخرة نسبيا إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مما مكننا من رفع مستوى عيش الشعب والوصول إلى رخاء نسبي للجميع ومن جميع النواحي".

القوة الاقتصادية

وقد رأى شويو زانغ، أستاذ تاريخ العلاقات الأميركية الصينية بجامعة إنديانا بلومنغتون، في تصريحات الرئيس تشي تأكيدا على أن النظام الصيني عاقد العزم على الاستمرار في ذات المسار الاقتصادي الذي اعتمد لأول مرة في عهد الرئيس دنغ شياو بينغ (1978-1992).

يقول هذا الأكاديمي "دعم الإصلاحات والانفتاح في عهد الرئيس دنغ قوّى الحكومات المحلية وحفز المنافسة الاقتصادية بين المقاطعات والمدن مما أدى إلى تحقيق نوع من التوازن بين التعاون الوطني والمبادرات المحلية. وبهذه الطريقة، أمكن للصين المضي قدمًا وبالتزامن بين مشاريع وطنية وأخرى محلية، مثل مشاريع الخطط الخماسية وتجارب المدن الرائدة مثل مدينة شينجن (Shenzhen) والمدن الساحلية المفتوحة".

ويعتقد أن مثل هذا النموذج "قابل للتكيف" في عهد الرئيس الحالي شي، وهي قدرة كانت حاسمة في تحقيق إنجازات الصين وانتصاراتها الاقتصادية والسياسية، ولكن أيضا في استمرار وبقاء الحزب الشيوعي الصيني نفسه.

المصدر : نيوزويك