سد النهضة وصدمة مجلس الأمن.. مصر تحاول التهوين وتبحث عن مسارات بديلة

لا تزال أصداء موقف مجلس الأمن الدولي تجاه أزمة سد النهضة الإثيوبي تدور بين المصريين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى العودة من جديد إلى طاولة المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الأفريقي، والتي لم تتمخض عنها نتائج ملموسة على مدى السنوات الماضية.
وتراوح أزمة سد النهضة مكانها بعدما فشلت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، كما فشلت المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، مما دفع مصر والسودان إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي، لكن العديد من الدول الكبرى اكتفت بحثّ جميع الأطراف على العودة إلى المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.
ويحاول مسؤولون مصريون التهوين من وقع الصدمة وتخفيفها على المصريين بالتأكيد على أن المفاوض المصري لم يكن يتوقع الكثير من مجلس الأمن، وأن القاهرة لديها مسارات أخرى لمعالجة الأزمة والحفاظ على حقوقها في مياه نهر النيل، وسط مطالبات شعبية بالتدخل العسكري.
والأحد الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الوضع في مجلس الأمن تعقّده المواءمات والاعتبارات السياسية، موضحا أنه سيعرب لأعضاء مجلس الأمن عن عدم الارتياح لتجاهل المجلس إدانة التعبئة الثانية للسد الإثيوبي.
وحول ما قصده مندوب روسيا بشأن رفض موسكو خطاب التهديد بين أطراف الأزمة، حاول شكري التخفيف من حديث المندوب الروسي بالقول "أفسره على أنه يوجه الحديث إلى إثيوبيا، لأنه كثيرا ما يصدر عنها تهديد بالملء دون اتفاق أو حمايته ضد خطر افتراضي، أحيانا تكون هناك عبارات تؤخذ بشكل مبهم يُسأل فيها من يصدرها".
ذهبنا لعرض القضية فقط
من جهته، قال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد إدريس إن مسار مجلس الأمن هو أحد المسارات وليس المسار الذي ينتظر منه حل هذه المشكلة، لكن مصر ذهبت فقط لعرض القضية على العالم.
وأضاف إدريس في تصريحات لفضائية "دي إم سي" (DMC) أول أمس الثلاثاء إن مصر ذهبت إلى مجلس الأمن خلال تاريخها في 3 قضايا لم يقم المجلس بحل أي منها.
وأوضح إدريس أن مصر تعلم جيدا عدم رغبة المجلس في الانخراط بمثل هذه القضايا، وأنه لن يحسم قضية السد وإلا كانت ذهبت إليه منذ 10 سنوات، هي عمر المفاوضات.
وتأكيدا على موقف الدول الكبرى من أزمة سد النهضة والذي لا يروق للمصريين، قال السفير البريطاني بالقاهرة جيفري آدامز إن موقف المملكة المتحدة هو استئناف المفاوضات تحت إشراف الاتحاد الأفريقي والتوصل إلى حل سلمي وإيجابي لكل الأطراف بأسرع وقت ممكن.
وخلال لقاء على فضائية "إم بي سي مصر" لشرح موقف بريطانيا ورؤيتها حول أزمة سد النهضة الإثيوبي، قال السفير آدامز "نحن عضو دائم في عضو مجلس الأمن لذلك شاركنا في الاجتماع الأخير، وسمعنا بوضوح موقف مصر من وزير الخارجية سامح شكري".
وأكد أن لدى بريطانيا علاقات جيدة مع كل الأطراف المعنية في قضية سد النهضة، لكنها لا تريد الدخول في تفاصيل المفاوضات، بل تساعد على تشجيع كل الأطراف المعنية على الرجوع لطاولة المفاوضات.
تعقيدات الموقف الدولي يبدو أنها دفعت السياسي المصري مصطفى الفقي إلى اقتراح مثير للجدل مفاده أن تحاول مصر إقناع إسرائيل بمساعدتها في حل أزمة سد النهضة، لما تملك من تأثير كبير على جميع الأطراف.
وشدد الدبلوماسي السابق -الذي كان سكرتيرا للرئيس الأسبق حسني مبارك ويتولى حاليا إدارة مكتبة الإسكندرية- على أن اقتناع إسرائيل بضرورة دعم مصر في قضية سد النهضة قادر على تغيير الموقف الأميركي من الأزمة، بل وقادر على تغيير الموقف الروسي أيضا.