بعد خصم مخصصات الأسرى والشهداء.. ما الأموال الأخرى التي تقتطعها إسرائيل من الفلسطينيين؟

اقتطعت إسرائيل خلال 14 عاما ما يتجاوز 10 مليارات دولار من أموال الفلسطينيين، حسب وزير المالية الفلسطيني

عاطف دغلس - احتجاج من المؤسسات الحقوقية وأهالي الأسرى بنابلس رفضا لخصم أموال الضرائب-الضفة الغربية-نابلس-وسط المدينة-الجزيرة نت6  - رأس المال الفلسطيني يصب في جيب الحكومة..ما المقابل؟
احتجاجات فلسطينية سابقة رفضا لقانون خصم أموال الأسرى والشهداء (الجزيرة)

بيت لحم- لم يكن خصم إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية مؤخرا، الأول ولن يكون الأخير؛ فالاحتلال يكبّد الفلسطينيين خسائر مالية فادحة لمجرد وجودهم في أرضهم، ويدفّعهم ثمن سجن ومصادرة أراضيهم.

وكان المجلس الوزراي الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية " الكابينت"، قرر في اجتماعه أمس الأحد خصم مبلغ 597 مليون شيكل (الدولار= 3.25 شيكل)، من أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل للسلطة الفلسطينية عن بضائع الفلسطينيين في الموانئ، بذريعة صرفها للأسرى وأهالي الشهداء، الذين تصفهم "بالإرهابين"، وهو قرار الخصم الأول في عهد حكومة بينيت.

وجاء القرار بعد تقرير قدمه وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس عن الأموال التي تحولها السلطة تحت بند الرواتب لعائلات الأسرى والشهداء، وذلك تطبيقا للقانون الذي أقره الكنيسيت وسمّاه " قانون مكافحة الإرهاب"، وتقتطع بموجبه إسرائيل ما تدفع السلطة للأسرى والشهداء من أموال المقاصة.

10 مليارات دولار خلال 14 عاما

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في مطلع جلسة حكومته الأسبوعية اليوم الاثنين، إن إسرائيل تقتطع منذ عام 2019 مبلغ 51 مليون شيكل شهريا، بمجموع 851 مليون شيكل اقتُطعت من أموال المقاصة منذ ذلك الحين.

إعلان

وكان وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة قال الأسبوع الماضي -في اجتماع لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني- إن ما اقتطعه الاحتلال خلال 14 عاما يتجاوز 10 مليارات دولار من مختلف القطاعات.

ويضاف إلى هذه المبالغ، حسب المستشار الإعلامي لهيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، مخصصات شهرية تدفعها السلطة لكل أسير فلسطيني مناضل قدرها 400 شيكل شهريا، لشراء حاجياته من بقالة السجن.

ويقدر عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حاليا بحوالي 5 آلاف و500 أسير. ويضاف إلى بدل البقالة أو "الكانتينا" كما تسمى، مبالغ يحولها أهالي الأسرى لذويهم عبر البريد الإسرائيلي أو مصلحة سجون الاحتلال، رغم أن مسؤولية إطعام الأسرى يجب أن تتحملها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حسب القانون الدولي.

ويعدد عبد ربه -في حديثه للجزيرة نت- غرامات مالية تُفرض على الأسرى كذلك، ترافق حكمهم بالسجن، وخاصة للأطفال منهم. وتختلف الغرامة من أسير لآخر ولكنها تقدر بآلاف الشواكل لكل واحد.

كما يتم إرغام المقاومين الفلسطينيين المعتقلين، ممن نفذوا عمليات فدائية أدت إلى مقتل أو إصابة إسرائيليين، على دفع تعويضات باهظة لعائلات هؤلاء، تُقدر بمئات آلاف الشواكل، وقد تصل إلى ملايين أيضا.

ميرفت صادق فلسطين رام الله نيسان 2019 اعتصام لأمهات الأسرى الفلسطينيين احتجاجا على قمعهم في سجون الاحتلال.
أمهات فلسطينيات يحملن صور أبنائهن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة)

تجريم النضال الفلسطيني

يرى عبد ربه أن الأمر لا يتعلق "بالقرصنة" على الأموال فقط، بل يأتي انسجاما مع قانون "القومية" أو ما يسمى "يهودية الدولة" الإسرائيلي؛ الذي لا يعطي أي حقوق لغير اليهود، وينفي أي حق للفلسطينيين فوق أرضهم، ويعتبرهم إرهابيين إذا قاوموا المحتل، ويعد أي أموال تذهب لهؤلاء "تمويلا للإرهاب".

ويقول المسؤول بهيئة الأسرى إن "ما يحدث هو محاولة تجريم للنضال الفلسطيني ووصف المقاومين بأنهم إرهابيون يأتي في إطار الاستهداف الكامل للفلسطينيين؛ من مصادرة أراضيهم والتوسع الاستيطاني عليها وتهويد القدس..".

إعلان

وهو باعتقاده، محاولة لنزع الطابع الوطني عن قضية الأسرى، ولإضعاف الحاضنة الشعبية والقانونية والوطنية لهم، وهذا ينسحب أيضا على الجرحى وأهالي الشهداء الفلسطينيين.

ويعتقد عبد ربه أن وضع استراتيجية لتوظيف الأدوات القانونية والدولية في حل مشكلة اقتطاع الأموال هي الحل، خاصة أن دفع مخصصات شهرية للأسرى والجرحى وأهالي الشهداء، نصت عليها اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وتدفع السلطة منذ نشأتها عام 1994، هذه المخصصات.

وقال عبد ربه إن ما يجري يُعد "التفافا على هذا الاتفاق، ويجب على القائمين عليه أن يتحركوا لمنع سرقة الأموال الفلسطينية بقوة الاحتلال".

نصر عبد الكريم –خبير اقتصادي
نصر عبد الكريم: أموال طائلة لا تحولها إسرائيل للفلسطينيين كمستحقات العمال وضرائب مناطق "ج" (الجزيرة)

أموال أخرى مقتطعة

وتنص اتفاقية باريس -الملحق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو- على أن تجبي إسرائيل للسلطة الفلسطينية الضرائب المختلفة، وتقوم بتحويلها لها بعد اقتطاع 3% منها، كخدمات تحصيل، بسبب عدم وجود حدود ومطارات وموانئ مستقلة للفلسطينيين.

وأحدث خصم أموال الشهداء والأسرى أزمة مالية للسلطة الفلسطينية عندما أقرت الحكومات الإسرائيلية السابقة منذ عام 2019 خصم هذه المبالغ. وردّت السلطة العام الماضي برفض استلام الأموال منقوصة، ولكنها عادت واستلمتها لما سببه القرار من أزمة اقتصادية للفلسطينيين.

غير أن الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم تحدث عن أموال أخرى لا تحولها إسرائيل للسلطة منذ سنوات طويلة؛ كضريبة سفر الفلسطينيين عبر الحدود الأردنية، التي تزيد عن 150 شيكلا لكل مسافر، وللسلطة حصة منها.

إلى جانب ذلك، تقتطع إسرائيل نسبة من أموال الفلسطينيين الذين يعملون في ورشات ومصانع إسرائيلية شهريا، ويقدر عددهم بـ100 ألف عامل مسجلين رسميا، إضافة إلى إخفائها بيانات جمركية يجب أن تدفع لصالح الفلسطينيين.

إعلان

ويضيف عبد الكريم، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل تجبي الضرائب من المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، ولا تحولها للسلطة الفلسطينية كذلك.

ويضاف هذا إلى خسارات الفلسطينيين الاقتصادية نتيجة استمرار الاحتلال، التي قدرها البنك الدولي عام 2013 بحوالي 3.5 مليارات دولار سنويا، بسبب السيطرة على المناطق "ج" والبحر الميت والمناطق الزراعية.

هذا عدا عن منع حركة التجارة والتنقل بحُرية، ومعاملات تجارية كثيرة لا يمتلك الفلسطينيون بيانات عن حجم الأموال التي يخسرونها فيها بسبب سياسات إسرائيل في عدم الإفصاح عنها.

المصدر : الجزيرة

إعلان