لماذا يحجم المصريون عن تلقي لقاحات كورونا؟

انتابت ربة المنزل المصرية نهلة أحمد مخاوف من الحصول على لقاح كورونا الذي أتاحت وزارة الصحة التسجيل للحصول عليه منذ نهاية فبراير/شباط الماضي.
تقول نهلة إنها أعادت حساباتها تجاه تلقي اللقاح بعد وفاة شقيقها بفيروس كورونا مؤخرا، وإصابة زوجته وأبنائه، مؤكدة أن وفاة شقيقها هي الدافع الرئيس لإعادة تفكيرها، رغم الحملات الدعائية التي تنفذها وزارة الصحة لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح، وفقا لحديثها للجزيرة نت.
ويتشارك الكثير من المصريين نفس التخوفات التي انتابت نهلة من الحصول على لقاح كورونا، وهو الأمر الذي انعكس في صورة ضعف الإقبال على اللقاحات منذ فتح عملية التسجيل في 28 فبراير/شباط الماضي.
وهو ما أيدته الموظفة الحكومية ندى عبد الرازق التي أكدت أنها تخوفت في البداية من الحصول على اللقاح لأسباب تتعلق بإشاعات متواترة حول جلطات يسببها لقاح أسترازينيكا (AstraZeneca)، إلى جانب الجدل الذي أثير حول عدم كفاية بيانات لقاح سينوفارم (SinoPharm) الصيني منذ بداية وجوده.
لكن ندى تضيف للجزيرة نت أن مخاوفها تلاشت مع الوقت، ولمرورها بتجربة فقد مريرة، فقد توفي خالها وأصيبت خالتها ثم عمتها التي توفيت مؤخرا في العناية المركزية بسبب كورونا.
وتشير ندى إلى أنها لاحظت زيادة تدريجية في عدد الراغبين في الحصول على اللقاح، وإن كانت تعتبر أن ذلك مجرد بداية نظرا لأن الغالبية الساحقة من المصريين لم تتلق اللقاح بعد، وهو ما يثير المخاوف من التعرض لكورونا حتى بعد الحصول على اللقاح بحسب ندى، التي تأمل أن يتم تلقيح جميع المصريين كي يتلاشى خطر المرض.
وقبل أيام قليلة، قال رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إن 2.5 مليون مواطن تلقوا لقاح كورونا، من بين 6 ملايين تم تسجيلهم إلكترونيا في موقع وزارة الصحة للحصول على اللقاح، وذلك ضمن حملة تستهدف تطعيم نسبة لا تقل عن 40% من الشعب الذي يزيد تعداده على 100 مليون نسمة.
وفي ظل ما بدا واضحا من عدم الإقبال على اللقاح، دعا مدبولي المواطنين إلى سرعة التسجيل للحصول على التطعيم.
أزمة وتساؤلات
وتقدم مصر -بحسب هيئة الدواء المصرية- نوعين من اللقاحات، هما: أسترازينيكا وسينوفارم الصيني.
ولكن لماذا تتدنى نسبة المتقدمين للحصول على التطعيم ضد كورونا؟ هذا هو التساؤل الذي أثاره استشاري الأبحاث الإكلينيكية والمناعة بواشنطن أشرف الفقي، مؤكدا على تدني نسبة المتقدمين لنيل اللقاح حتى وصلت إلى 95%، وهي من أقل النسب في العالم بحسب منشور له على فيسبوك.
ولفت الفقي -وهو زميل سابق لهيئة الدواء الأميركية- إلى أن تدني عدد المتقدمين للحصول على اللقاحات، يعني أن هناك عددا كبيرا غير مقتنع بها، أو لا يعرف بوجود لقاح من الأساس، أو يعرف ولا يستطيع التسجيل عبر موقع وزارة الصحة لمشكلة تقنية تواجهه أو عدم إتاحة الإنترنت له، أو ربما كان يعرف أن اللقاح آمن ولكنه ينتظر ليرى ما سيقع لغيره ومن ثم يقدم للحصول عليه.
واعتبر أن ذلك يعني العديد من المشاكل، أبرزها استمرار الوضع على ما هو عليه والالتزام بالإجراءات الاحترازية، مما يعكس ضرورة العمل على حصول المواطنين على اللقاحات لعودة الحياة إلى طبيعتها، ضاربا مثالا بالولايات المتحدة التي بلغ عدد الحاصلين على اللقاح فيها نحو 100 مليون شخص.
فوبيا اللقاحات
يقول الدكتور محمد علي، استشاري الجهاز الهضمي والمستشار الطبي لأحد المؤسسات الدوائية غير الهادفة للربح: "الإنسان عدو ما يجهل"، موضحا أن الأمر لا علاقة له باللقاحات المتاحة في مصر، فجميعها مجازة من منظمة الصحة العالمية وأثبتت فعاليتها، بما فيها اللقاح الصيني سينوفارم، الذي كان محور جدل في السابق بشأن فعاليته.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الطبيب المصري أن هذا يعيدنا إلى فكرة "فوبيا التطعيم" التي تنتاب الكثيرين، كعادة أي لقاح جديد بالسوق، وهو ما تكرر سابقا مع لقاحات إنفلونزا الطيور والخنازير.
وانتقد محمد علي تأخر الحكومة في استيراد اللقاحات وبالتالي التأخر في بدء حملة التطعيم، مشيرا إلى أن هذا انعكس على انخفاض نسبة الحاصلين على اللقاح حتى الآن.
لكنه أشاد بمحاولة الحكومة حاليا التغلب على المشكلة بالعديد من الإجراءات والتعاقد على كميات كبيرة من اللقاح، فضلا عن استيراد المواد الخام لتصنيع اللقاح الصيني سينوفاك (Sinovac).
وطالب بزيادة دور الإعلام التوعوي الذي بدأت الوزارة في تفعيله بحملات للتوعية بضرورة تلقي التطعيمات، وإن كانت هذه الإجراءات متأخرة، بحسب رأيه.