أساليب وأشكال متعددة.. تضامن شعبي واسع في إيطاليا مع الفلسطينيين

مجموعات عمل وعروض سينمائية نماذج لأشكال متعددة ينخرط فيها إيطاليون للتضامن مع القضية الفلسطينية بهدف رفع الوعي ودعم حقوق الشعب الفلسطيني

International solidarity with Palestine continues after truce
مسيرات التضامن مع الفلسطينيين لم تتوقف بإيطاليا أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة (الأناضول)

من خلال أشكال وأساليب متنوعة ينتظم في إيطاليا تضامن شعبي واسع مع الفلسطينيين في ظل ما يتعرضون له من جرائم وانتهاكات من الاحتلال الإسرائيلي ضمن فعاليات مستمرة وليس فقط ارتباطا بحادث آني.

الجزيرة نت ترصد بعضا من هذه المبادرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني على سبيل المثال لا الحصر:

بيت الشعوب

في مدينة فلورنسا معقل اليسار الإيطالي تأسس "بيت حقوق الشعوب"، للتوحيد بين اللجان والجمعيات ذات الصلة التي تناضل من أجل حقوق الشعوب -وعلى رأسها الشعب الفلسطيني- كما يوضح ذلك منسق البيت جياني مونتي شارحا مبادراتهم لتعزيز التعاون الأخوي بين الشعوب التي تكافح ضد الاضطهاد والاستغلال.

ويعد "بيت حقوق الشعوب" مبادرة محلية "لجمع الحقائق التي يتم رصدها في مجال السياسة الدولية، ودعم قضية الشعوب المناضلة من أجل الحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والبيئية".

وقد كان "بيت حقوق الشعوب" من بين التنسيقيات المحلية في إيطاليا السباقة للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعد أحداث حي الشيخ جراح والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وتتميز تشكيلة "بيت حقوق الشعوب" بتنوع أفرادها من بقاع مختلفة عبر العالم، وهو ما يعطي لهذه الهيئة التضامنية مع الشعب الفلسطيني طابع العالمية وإن كانت محلية التأسيس.

International solidarity with Palestine continues after truce
مسيرات في إيطاليا للتضامن مع الفلسطينيين استمرت حتى بعد اتفاق الهدنة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية (الأناضول)

مشروع فلسطين

في ربيع سنة 2015 قرر طلاب إيطاليون من مختلف التخصصات الدراسية في جامعة تورينو والبوليتكنك تأسيس مجموعة عمل ميدانية للتضامن مع الشعب الفلسطيني على المستوى الأكاديمي أطلقوا عليها اسم "مشروع فلسطين"، والتي تم تشكيلها بعد زيارة الباحث والناشط الفلسطيني عمر البرغوثي إلى جامعة تورينو في كلية الثقافة والسياسة والمجتمع.

وترمي المجموعة -كما جاء في ورقة تعريفية بها- إلى تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في خلق لحظات من النقاش والدراسة الواعية والنقدية للمسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية داخل الجامعة، وهو "مكان يجب أن يحركه حوار مستمر بين القضايا النظرية والأبعاد العملية التي تميز الواقع في العالم المعاصر".

والغرض من أنشطة المجموعة -التي يشارك فيها أساتذة جامعيون ونشطاء ومؤلفو كتب من وقت لآخر- هو "خلق وعي لدى الطلاب بالوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية، واقتراح طريقة فعالة لدعم مطالب الفلسطينيين بالعدالة والحرية من خلال المقاطعة الأكاديمية".

لم يعد "مشروع فلسطين" مقتصرا فقط على الطلبة، فحتى الذين تخرجوا من الجامعة ما زالوا على ارتباط بهذه المجموعة التضامنية مثل كيارا فورتوناتو الناشطة حاليا في إحدى المنظمات الأهلية، والتي اكتسبت في مرحلتها الجامعية حسا تضامنيا مع القضية الفلسطينية، ولم تتخلف كناشطة ضمن هذه الفعالية عن مسيرة التضامن مع الشعب الفلسطيني التي نظمها نشطاء المشروع أخيرا في ساحات وشوارع تورينو لمدة ناهزت 7 ساعات إبان قصف غزة قبل أسبوعين.

"كلما زاد التضامن مع فلسطين والضغط الدولي على إسرائيل ارتفع منسوب الأمل في التغيير" بحسب رأي كيارا فورتوناتو التي تقارن الأمر مع وضع حكومة جنوب أفريقيا التي "كانت معزولة تقريبا عن المجتمع الدولي بسبب الفصل العنصري الذي نهجته. بالمقابل، نجد أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تتمتع بتضامن معظم حكومات العالم".

"فلسطين مون آمور"

تعددت أشكال وأساليب التضامن مع القضية الفلسطينية في إيطاليا، فلم يقتصر الأمر فقط على طرق الاحتجاج التقليدية، إذ اختار مجموعة من الشباب الفنانين تنظيم عروض سينمائية سنوية في منطقة بيموني شمال إيطاليا تحت عنوان "فلسطين مون آمور" على وزن الفيلم السينمائي العالمي الشهير "هيروشيما مون آمور" (Hiroshima Mon Amour) لمخرجه الفرنسي ألان رينيه.

واختار المنظمون دلالة "مون آمور" لإثارة الانتباه إلى ما يحدث في الأراضي الفلسطينية باستحضار حجم الدمار والهجوم الذري الذي تعرضت له هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.

حجم المأساة والخراب الذي يحيط بالفلسطينيين تكاد تحجبه الرؤية السائدة في العديد من الأفلام الغربية، بحسب رأي أندريينا كامبانيا الباحثة الأكاديمية في السينما وإحدى العضوات النشيطات في منتدى السينما الصغيرة الذي ينظم سلسلة عروض الأفلام الفلسطينية، والتي ترى فيها محدثتنا أسلوبا تضامنيا ناعما لتصحيح بعض المغالطات.

وتؤكد كامبانيا أن "معظم المعلومات والصور التي تأتي من الأراضي الفلسطينية ومن قطاع غزة تتوسطها وجهة نظر مؤيدة لإسرائيل تميل إلى التسطيح، ويكررون في الأفلام نفس الرواية، إلى حد الغثيان لترويض نظرة وفكر المشاهد".

وتسترسل أندريينا كامبانيا حديثها للجزيرة نت قائلة إن العروض السينمائية الخاصة بالسينما الفلسطينية هي فعل تضامني من نوع خاص "يمكن أن يقترح رؤية مختلفة للواقع ويعيد للشعب الفلسطيني الحق الكامل في الوجود السينمائي من خلال نظرات جديدة".

تضامن لا ينضب

"التضامن سلاح، ويجب أن نستغله الآن أكثر من أي وقت مضى" هكذا عبر تكتل "جامعات ضد الفصل العنصري الإسرائيلي" بمدينة بولونيا، والذي أكد على صفحته الرسمية في فيسبوك أنه "من الضروري إعلام، رفع الوعي، دعم النضال في فلسطين، مع إظهار التناقضات داخل دولة تدعي أنها قريبة من الحقوق المدنية، ولكن لا مانع لديها من إلغاء حقوق شعب بأكمله".

لقد أخذت المبادرات التضامنية تجاه الشعب الفلسطيني طابعا مادية أيضا كما هو الشأن بالنسبة لـ"جمعية جزيرة سردينيا فلسطين" التي افتتحت حملة لجمع التبرعات ستذهب عائداتها إلى مستشفى العودة بغزة.

 

المصدر : الجزيرة