في ظل فشل تجارب سابقة.. هل تحقق لجنة الإصلاح السياسي بالأردن نتائج ملموسة؟
جاء تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في ظل ظرف اقتصادي صعب، يعاني منه الأردن بسبب جائحة كورونا، أدى لزيادة نسب بطالة لأكثر من 24%، وتراجع المستوى المعيشي وزيادة شرائح الفقر
على بسطة لبيع الخضار بالطريق العام الرابط بين مدينتي عمّان والسلط، غرب الأردن، يقضي الشاب عبدالله الواكد (30 عاما) يومه، يحمل على ظهره هموما كثيرة، آخرها قانون الانتخاب ومشاركة الشباب بالأحزاب السياسية، على حد قوله.
أولوياته في الحياة وفق حديثه للجزيرة نت "إيجاد فرصة عمل على شهادتي الجامعية في إدارة الأعمال بعد تخرج منذ 8 سنوات، والزواج وتأمين صحي وحياة كريمة، فالشباب بحاجة لوظائف واستقرار عائلي قبل انخراطهم بالحياة السياسية".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي يومهم العالمي يبحثون عمن ينقذهم.. عمال المهن الحرة بالأردن يواجهون تبعات أزمة كورونا
عكست حدود الديمقراطية بالمملكة.. نتائج انتخابات الأردن تظهر تراجع عدد مقاعد الإسلاميين والنساء
الغاز الإسرائيلي.. هل يضع حكومة الأردن وبرلمانه في مواجهة؟
يجاوره في بسطة أخرى أبو وائل الصقور (42 عاما) يعمل معلما في وزارة التربية والتعليم، وبعد الدوام يعمل على بسطة الخضار، يرى في اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإصلاح السياسي "خطوة إيجابية، لكنها غير كافية" وفق حديثه، مطالبا حكومة بلاده بـ"قرارات اقتصادية مهمة تخفض فيها من الضرائب وأسعار المشتقات النفطية، وترفع يدها عن نقابة المعلمين والحريات العامة".
وكان ملك الأردن عبدالله الثاني وجّه بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، وعضوية 93 شخصية، منهم مسؤولون سابقون وشخصيات حزبية من المعارضة والموالاة والنقابات.
مؤيد ومعارض
بالإعلان عن اللجنة الملكية، الخميس الماضي، ثارت حالة من الجدل والانقسام على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد وداعم للجنة، ومشكك ورافض لها، ولكل طرف مبرراته.
فالداعمون لها، يرون اللجنة -وفق نشطاء- خطوة مهمة على طريق إصلاح التشريعات السياسية، خاصة قانون الانتخاب الذي يعتبر المفتاح الذهبي لتطوير الحياة السياسية، وتداول السلطة بين الحكومات البرلمانية التي تشكلها الأحزاب السياسية ذات الأغلبية في مجلس النواب، إضافة إلى أن برنامج اللجنة استند على الأوراق النقاشية للملك الأردني، وتحظى برعاية ودعم ملكي.
أما المعارضون لتشكيل اللجنة، فيرون -بحسب آراء نشطاء- أن تجارب الأردنيين السابقة مع اللجان الوطنية المشكلة لم تصل إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وتبقى توصيات تلك اللجان حبيسة الأوراق التي كتبت عليها.
وذهب بعض نشطاء لأبعد من ذلك، معتبرين تشكيل اللجنة استجابة للإدارة الأميركية الديمقراطية الجديدة، ومحاولة رسمية لامتصاص الأزمات المحلية الناشئة عن غياب الإصلاح الحقيقي، وفق رواد مواقع التواصل.
وخلال عهد الملك عبدالله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية في 1999 تشكل نحو 10 لجان للإصلاح أبرزها لجنة الأردن أولا، ولجنة الأجندة الوطنية، ولجنة "كلنا الأردن"، وكذلك لجنة الحوار الوطني، ولجنة تعديل الدستور، ولجنة الحوار الاقتصادي، فضلا عن لجنة تطوير الجهاز القضائي.
محاور الرسالة
برنامج عمل اللجنة، تضمن وفق رسالة التكليف الملكي عدة محاور، منها ما هو تشريعي، يتمثل بوضع مشروعي قانونين جديدين للانتخاب وآخر للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة -حكما- بالقانونين الجديدين.
ومنها توصيات تقدمها اللجنة لتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وآليات العمل النيابي، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
وركزت الرسالة التكليف على ضرورة الاهتمام بدور الشباب وتحفيزهم للمشاركة بالحياة الحزبية والبرلمانية، وتمكين المرأة، وتعزيز قيم المواطنة -حقوقا وواجبات- والحريات المكفولة بالتشريعات، والالتزام بمبدأ سيادة القانون.
وجاء تشكيل اللجنة في ظل ظرف اقتصادي صعب، يعاني منه الأردن بسبب جائحة كورونا -وفق خبراء اقتصاد- أدى لزيادة نسب بطالة لأكثر من 24%، وتراجع المستوى المعيشي وزيادة شرائح الفقر.
خطوط متوازية
عضوة اللجنة الملكية -النائبة السابقة عن جبهة العمل الإسلامي- ديمة طهبوب تؤكد أن عمل اللجنة بإصلاح منظومة القوانين السياسية "يفترض أن يسير بخطوط متوازية مع عملية إصلاح اقتصادية وإدارية ومحارِبة للفساد".
وترى ديمة -في حديثها للجزيرة نت- أن حكومة بلادها مطالبة بـ"السير ببرنامجها الاقتصادي لرفع مستوى معيشة المواطنين، والتخفيف من العبء الضريبي عنهم، ورفع سقف الحريات العامة وحرية التعبير، وهذا الأمر ليس من مهام اللجنة".
وجاءت مشاركة ديمة باللجنة كممثلة لأكبر أحزاب المعارضة الإسلامية في الأردن لـ"نثبت أننا لسنا معارضة عدمية، ولدينا مشروعا قانونين للانتخاب والأحزاب السياسية توافقنا على بنودهما مع 30 حزبا سياسيا سنقدمها للجنة لتبنيها، وسنقدم رؤيتنا السياسية في الأوضاع الحالية".
وتحظى اللجنة بضمانة ملكية لوضع مشاريع القوانين والتوصيات موضع التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية، وفق طهبوب.
هل توجد إرادة؟
في المقابل، يتساءل الوزير السابق والمحلل السياسي محمد أبو رمان "هل هناك إرادة حقيقية للمضي قدما بالإصلاح السياسي؟ خاصة أن اللجنة ليست الأولى في عهد الملك عبدالله، لكنها تشكل "أرضية مشتركة للحوار بين أطياف المجتمع بعد التحولات المجتمعية الأخيرة".
ويضيف أبو رمان للجزيرة نت أن "خطورة فشل عمل اللجنة يقلق الجميع، خاصة في ظل نزيف مستمر من الرصيد السياسي بعلاقة الدولة بالمجتمع"، ويرى أن أكبر مشكلة تواجه عمل اللجنة "تنفيذ مخرجاتها في ظل وجود عوائق من السلطة التنفيذية والتيارات المحافظة في الدولة".
وانطلقت باكورة أعمال اللجنة، اليوم الثلاثاء، بخطاب توجيهي من الملك الأردني شكل خارطة طريق لعمل اللجنة، وينبثق عن اللجنة 6 لجان فرعية تتعلق بالشباب، والمرأة، والإدارة المحلية، وكذلك قانون الانتخاب، والأحزاب، والتعديلات الدستورية.