مسار ضبابي لمسيرة الأعلام الإسرائيلية.. هل تنجح في المرور بالأحياء المقدسية المسيحية؟

مسيحيو البلدة القديمة في القدس يرفضون تصنيف أحيائها دينيا، ويقولون إن المدينة بأكملها محتلة وعلى الجميع الدفاع عنها ومواجهة مخططات المستوطنين.

Jewish youth wave Israeli flags as they participate in a march marking "Jerusalem Day", near Damascus Gate in Jerusalem's Old City
مستوطنون يلوّحون بالأعلام الإسرائيلية أثناء مشاركتهم في مسيرة بمناسبة ما يسمى "يوم القدس" بالقرب من باب العامود بالقدس (رويترز)

في آخر اتفاق بين الشرطة الإسرائيلية ومنظمي مسيرة "رقصة الأعلام"، تم الاتفاق على أن يصل المستوطنون إلى حائط البراق غربي المسجد الأقصى، عبر الحيين اليهودي والمسيحي، وليس عبر الحي الإسلامي كما طلب المنظمون.

ويُفترض أن تنطلق المسيرة من ساحة وزارة المعارف الإسرائيلية غربي المدينة في الخامسة من عصر اليوم الثلاثاء، لتمر بـ"طريق الأنبياء" ثم شارع السلطان سليمان، ومنه إلى باب العامود حيث ستؤدى هناك رقصة الأعلام.

ويفترض أن يعود المشاركون بعدها إلى باب الخليل -أحد أبواب البلدة القديمة- ويدخلوا منه، ثم ينقسموا إلى قسمين أحدهما يتوجه إلى ساحة البراق عبر الحي الأرمني، والقسم الآخر عبر الحي المسيحي، وفقا لما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم".

ورغم ما نشر وما ينشر تباعا حول هذه المسيرة، فإن أحدا لا يعلم كيف سيكون المسار النهائي لها، وقد يجبر المشاركون الشرطة على الدخول من باب العامود والوصول إلى ساحة البراق عبر طريق الواد والحي الإسلامي، وهو المسار التقليدي السنوي للمسيرة.

الجزيرة نت سألت مسيحيي القدس عمّا إذا كان تحويل مسار "رقصة الأعلام" بمحاذاة أحيائهم يعد محاولة للاستفراد بهم.

باسم سعيد: مسيحيو القدس يرفضون مرور المسيرة من أحيائهم (الجزيرة نت)

اشتعال الحرب مجددا

رئيس جمعية تطوير حارة النصارى باسم سعيد، قال إن مسيحيي البلدة القديمة البالغ عددهم 6 آلاف مقدسي، يرفضون مرور هذه المسيرة من أزقتهم، معتبرا أن تنظيمها قد يؤدي إلى وقوع مجازر مجددا على غرار ما حصل الشهر الماضي، إذ اشتعلت حرب جديدة على غزة بسببها.

ويرى سعيد أن مرور هذه المسيرة يشكل خطرا على شباب وأطفال الحي نظرا لاستفزازات المستوطنين المشاركين فيها، مضيفا أن المسيحيين يرفضون أيضا مرور هذه المسيرة بالحي الإسلامي ويشهدون سنويا على تخريب ممتلكات المقدسيين الواقعة في مسارها.

الناشط المقدسي المسيحي نضال عبود ردّ على المسار الذي تمت المصادقة عليه، بالقول إن المسيحيين يعدون أقلية مقارنة بالمسلمين، لكنّهم ليسوا ضعفاء و"لن يسمحوا بأن يعربد المستوطنون في البلدة القديمة بأي شكل".

الناشط المقدسي المسيحي نضال عبود: لن نسمح بمرور المتطرفين بمنازلنا ومحالنا التجارية (الجزيرة نت)

وقال عبود "نرفض أيضا المس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وبأي حي وزقاق في البلدة القديمة، ولن نسمح بمرور المتطرفين من الطرق المؤدية لمنازلنا ومحالنا التجارية، وفي حال مروا بقوة الاحتلال فسنكون لهم بالمرصاد، مسلمين ومسيحيين، كنا وما زلنا يدا واحدة في القدس".

بدوره قال رئيس التجمع الوطني المسيحي في القدس ديمتري دلياني إن الشعب الفلسطيني بمجمله وقف وتأهّب لتحدي هذه المسيرة في تاريخها الأصلي والمعدل بعد العدوان على غزة.

وأضاف "بالنسبة لنا كفلسطينيين لم يتغير شيء، سواء مرّوا بمحاذاة الحي الأرمني أو الإسلامي أو المسيحي، فلا فرق لأن هذه مدينة محتلة بكاملها، ونطلق نفس الدعوات التي نطلقها دائما للتجمهر والدفاع عن الممتلكات والمؤسسات والمحال التجارية في المسار المخطط له".

استفزاز وعدوان

ووصف دلياني المسيرة بالعدوانية والعنصرية والاستفزازية، مؤكدا على ضرورة تحدّيها ومجابهتها كما حصل في السنوات السابقة.

ويرفض دلياني تصنيف أحياء البلدة القديمة بحسب الأديان، قائلا إن كافة أحياء القدس عربية ولا فرق بين زقاق وآخر. وأكد أن المسار البديل لدخول المتطرفين من باب الخليل باتجاه حائط البراق يهدف للاستفراد بالمسيحيين، لكنه اختير أيضا لإمكانية ضبطه ومراقبته من الناحية الأمنية.

وقال: "الشوارع في هذا المسار واسعة أكثر من الأزقة الأخرى، ولأن الإسرائيليين يسلكونه بشكل دائم للوصول إلى حائط البراق، فهو مزوّد بنظام كاميرات مراقبة وصوتيات متطور جدا، ولذلك تم اختياره".

يُذكر أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت نشر 2500 عنصر من قواتها لتأمين مسيرة الأعلام، وذلك بعد مصادقة وزير الأمن الداخلي الجديد عومير بارليف على المسيرة في ختام جلسة لتقييم الأوضاع، عقدها مع قيادة الشرطة وكبار المسؤولين في الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) أمس الاثنين.

وما زالت الأنباء تتضارب عن المسار النهائي للمسيرة، فرغم الإجماع على مكان انطلاقها وتأدية "رقصة الأعلام" في باب العامود، فإنه لا يبدو واضحا إن كانت ستدخل البلدة القديمة من هناك مرورا بالحي الإسلامي، في حال مارس المستوطنون ضغوطا على الشرطة للسماح لهم بذلك، أم أن الأخيرة ستجبرهم على العودة صعودا باتجاه باب الخليل للوصول إلى ساحة البراق من خلاله.

الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أكد أنه في حال حضرت الإرادة الشعبية للمواجهة وبأعداد كافية في الميدان، فإن الشرطة ستعجز من جديد وسينقلب الـ2500 شرطي ليكونوا أحرص الناس على منع وصول المستوطنين إلى ساحة باب العامود.

يُذكر أن المستوطنين فشلوا في تنظيم مسيرة "رقصة الأعلام" في ذكرى ما يسمى "توحيد القدس" في مايو/أيار الماضي، بعد أن وجهّت المقاومة الفلسطينية صواريخ نحو القدس، وشنّت إسرائيل على إثر ذلك عدوانا استمر 11 يوما على قطاع غزة، وخلّف مئات الشهداء والجرحى.

المصدر : الجزيرة

إعلان