بالأرقام.. هكذا تسوق إسرائيل صفقاتها التسليحية عبر العالم
تفرض إسرائيل ستارا ثقيلا من التعتيم الأمني على صفقات الأسلحة، لكن الحديث يدور حول وجود ألف شركة إسرائيلية تعمل في بيع السلاح، ودأبت على إبرام صفقات ضخمة حول العالم
شكّل إبرام إسرائيل لأضخم صفقة عسكرية مع اليونان بمليارات الدولارات، مناسبة لتسليط الضوء على عالم صفقاتها التسليحية مع دول العالم، مما يسهم في إذكاء نار الحروب والصراعات الدامية، مع الدول التي تنتهك حقوق الإنسان وتشهد حروبا أهلية.
الفقرات التالية تناقش طبيعة الصفقات العسكرية، من الدول التي تبرم معها إسرائيل هذه الصفقات، إلى حجم المبيعات التسليحية وقيمتها المالية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحروب السايبر.. أحدث ساحات المعارك الإسرائيلية وأكثرها كلفة
من السر إلى العلن.. تعاون أمني يشهر صفقات الأسلحة والاستثمارات العسكرية بين إسرائيل والإمارات
أقرّت بحصولها عليها أثناء مجازر الروهينغا.. القصة الكاملة لصفقات الأسلحة الإسرائيلية لميانمار
كم يبلغ حجم الصفقات التسليحية الإسرائيلية؟
تفرض إسرائيل ستارا ثقيلا من التعتيم الأمني على صفقات الأسلحة، لكن الحديث يدور حول وجود ألف شركة إسرائيلية تعمل في بيع السلاح، ودأبت على إبرام صفقات ضخمة حول العالم، وتعتبر الدولة الثامنة المصدرة للسلاح حول العالم، وتوفر هذه الصفقات 250 ألف فرصة عمل إسرائيلية.
ورغم رفض إسرائيل إعطاء قائمة تفصيلية بالدول التي تشتري أسلحتها، فإن هناك 130 دولة تبرم معها صفقات بقيمة 9 مليارات دولار سنويا.
بلغة الأرقام، فإن 35% من صفقات السلاح الإسرائيلية تتم مع دول أوروبية وبأميركا الشمالية، و2% في أميركا اللاتينية، و63% في آسيا والباسيفيك وأفريقيا.
في أي المجالات العسكرية تتركز صفقات الأسلحة الإسرائيلية؟
تركز الصادرات العسكرية الإسرائيلية على الروبوتات، والطائرات دون طيار، وأنظمة التحكم والسيطرة، وكذلك الرادارات ومعدات الحرب الإلكترونية، ومنتجات الصواريخ والدفاع الجوي، وأيضا الطائرات المأهولة وإلكترونيات الطيران، ومعدات المراقبة؛ فضلا عن أنظمة ذكاء واتصالات.
وبلغت ذروة صفقات الأسلحة الإسرائيلية ببيعها للجيش الأميركي بطاريات من منظومة القبة الحديدية لحماية قواته من التهديدات الباليستية والجوية.
كما أبرمت إسرائيل واليونان أكبر صفقة عسكرية، تشمل إنشاء وتشغيل مركز تدريب طيران لسلاح الجو اليوناني لـ20 عاما بـ1.68 مليار دولار، وتوفير أجهزة محاكاة وتدريب وخدمات اللوجستية.
لمن تبيع إسرائيل أسلحتها ومعداتها القتالية؟
توزعت خارطة صفقات الأسلحة الإسرائيلية حول العالم، ولم تستثن أيا من القارات الست، حيث تُعد الهند أكبر مشترٍ لها بنسبة 49% من مجمل وارداتها، بقيمة 15 مليار دولار، وتعتبر إسرائيل ثاني أكبر مورد دفاعي للهند بعد روسيا، وباعت الصناعات الجوية الإسرائيلية للهند منظومة دفاع جوي بـ777 مليون دولار من طراز برق8، توفر للهند حماية جوية من أي تهديدات من الجو والبحر والبر.
كما تشهد فيتنام معدلات متزايدة من استيراد الأسلحة الإسرائيلية بصورة تصاعدية لافتة، وإقامة لجان مشتركة للتعاون الأمني ونقل التكنولوجيا العسكرية المتطورة، وقد باتت هدفا مفضلا للصادرات العسكرية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، ومنها معدات عسكرية ومنظومات قتالية بمليار دولار.
لكن الصفقة الأكبر كانت لشركة رفائيل للصناعات العسكرية الإسرائيلية، التي باعت فيتنام منظومات دفاعية جوية من نوع "سبايدر" بنصف مليار دولار، وأنشأ رجل الأعمال الإسرائيلي سامي كاتساب مصنعا لإنتاج بنادق "تابور" في فيتنام بقيمة 100 مليون دولار.
وتشكل أذربيجان وجهة تصدير مهمة للسلاح الإسرائيلي، مما تسبب لها بإحراج كبير، لأنها تخالف تعليمات الاتحاد الأوروبي، وتشمل معدات قتالية مثل مدافع ومنظومات إطلاق صواريخ بـ5 مليارات دولار.
وتوفر تل أبيب للدولة الأذرية احتياجاتها من معدات السلاح والوسائل القتالية، بزعم أنها بحاجة دائمة وماسة للقدرات العسكرية، كي تحافظ على كينونتها في المنطقة المكتظة بالنزاعات، وهي تجاور عدة دول كبرى، كروسيا وإيران وتركيا.
وقد أبرمت أذربيجان وإسرائيل قبل سنوات صفقة ضخمة للأسلحة، شملت طائرات دون طيار إسرائيلية، ومنظومة أقمار صناعية، ومقدرات عسكرية ووسائل قتالية، رغم الحظر الذي تفرضه العديد من دول العالم على بيعه لها، بسبب حربها مع أرمينيا.
ما علاقة التطبيع بصفقات الأسلحة الإسرائيلية؟
توافقت المحافل الإسرائيلية على أن اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع البحرين والإمارات العربية المتحدة والسودان والمغرب، و"العلاقات السرية" مع دول عربية أخرى، ستزيد من صفقات بيع السلاح الإسرائيلي في المنطقة، لأن المزيد منها سيباع للدول "المطبعة"، فأموالها كثيرة، وتسعى لترقية جيوشها، وفق محدد أساسي عنوانه أن التفوق الأمني والعسكري الإسرائيلي لن يتضرر.
وشكلت صفقة بيع طائرات "إف 35" (F-35) الأميركية للإمارات ذروة هذه الصفقات، وإضافة للموافقة الإسرائيلية عليها، فقد أعلنت أنها ستزود الطائرات المباعة للإمارات برادارات جديدة، ودأبت إسرائيل على بيع عدد من دول المنطقة منظومات تجسس أمنية وعسكرية، لملاحقة معارضيها السياسيين وتتبعهم.
لماذا تبرم إسرائيل صفقات تسليح مع الدكتاتوريات العسكرية؟
لم تتردد الصناعات العسكرية الإسرائيلية في إبرام صفقات السلاح مع العديد من الدكتاتوريات التي تنتهك حقوق الإنسان، وترتكب جرائم الحرب، ويقودها حكام طغاة، متورطون بإبادة الشعوب، وكلهم يعدّون زبائن مفضلين لتجار السلاح الإسرائيليين، بدءا بالبنادق، وانتهاء بالطائرات المسيرة.
يؤكد هذا حجم الدور العميق الذي تلعبه الأسلحة الإسرائيلية في تجارة الموت حول العالم، في ظل عدم وجود رقابة على صادراتها الأمنية والعسكرية، وبالتالي فإن هذه الصفقات ينبغي أن تكون مصدر خجل واشمئزاز للإسرائيليين.
ومن هذه الدول، ميانمار التي تنفذ عمليات تطهير عرقي ضد المسلمين، وقد اشترت سفنا إسرائيلية من طراز دبورا، وباعتها إسرائيل منظومات للتنصت والحرب الإلكترونية وطائرات استطلاعية.
وهناك "هايتي" في المياه الكاريبية، التي تعود صفقات الأسلحة الإسرائيلية معها لعقود بعيدة، وأظهر التحقيق بجرائم الحرب في سريلانكا أن جيشها فجر مأوى للأيتام، وقتل العشرات منهم، عبر طائرة كافير اشتراها من إسرائيل.
كما زودت إسرائيل غواتيمالا بأسلحة لتنفيذ عمليات إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، من خلال الحرب الأهلية المستمرة هناك، والفلبين التي حصلت من إسرائيل على صفقات أسلحة لدعم الدكتاتور السابق فرديناند ماركوس، وكذلك هندوراس التي تعد من الدول الأكثر فسادا حول العالم، والأخطر على مواطنيها، وصربيا التي تعتبر إسرائيل من الدول الأكثر دعما لها عسكريا خلال حرب البوسنة، رغم ارتكابها جرائم حرب.
أما السلفادور، فتعتبر إسرائيل الدولة المركزية الداعمة لمجموعاتها العسكرية التي نفذت جرائم ضد الإنسانية خلال حربها الأهلية، كما حصلت بيرو على دعم عسكري إسرائيلي خلال حقب الأنظمة الدكتاتورية التي حكمتها، ونفذت انتهاكات وجرائم فيها.
وقد ورد اسم إسرائيل في صفقات بيع أسلحة في كولومبيا، وشارك ضباطها بإجراء تدريبات للجيش الكولومبي لخوض حروب العصابات.
كيف تحولت إسرائيل إلى مورد أساسي للحروب الأهلية في أفريقيا؟
لعل المشهد الذي انتشر قبل سنوات حين تم قتل امرأة صغيرة، وعلى ظهرها طفل رضيع، على يد جنود في الكاميرون، التي كانت تعاني حربا أهلية طاحنة، يكشف أن جزءا كبيرا من السلاح المستخدم في هذه الحرب الأهلية الكاميرونية تم إنتاجه وصناعته في إسرائيل، ويتم تسويقه عبر شركات إسرائيلية، ومن بينها بنادق غاليلي وقناصة.
وبينما شهدت رواندا حربا أهلية في 1994، قضت على 800 ألف إنسان، فقد تم تصدير أسلحة إسرائيلية إليها عبر مطار بن غوريون، وتم إرساله لمجموعات الحرب هناك.
وتشمل قائمة الدول المستفيدة من صفقات الأسلحة العديد من الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، ومنها أنغولا التي تطبق نظام الفصل العنصري في أفريقيا الجنوبية، وترتكب جرائم ضد المدنيين، والكونغو التي ساعدت إسرائيل دكتاتورها موبوتو لإقامة وحدات عسكرية كاملة، لدعم قواته الأمنية الدموية من خلال السلاح والتدريبات، المستخدمة في المذابح التي شهدتها البلاد، وساحل العاج التي باعتها إسرائيل أسلحة استخدمت خلال الحرب الأهلية.
يشار كذلك إلى أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على الجنرال الإسرائيلي يسرائيل زيف، لتورطه بإمداد السلاح للحرب الأهلية بجنوب السودان، ودوره في إذكائها بصفقات أسلحة ومعدات قتالية بقيمة 150 مليون دولار، استخدمت لتنفيذ جرائم الحرب والتطهير العرقي.