تساؤلات تعود للواجهة مع بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

من دون مقدمات، تم الإعلان الأسبوع الماضي عن العودة إلى المفاوضات التقنية غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية بينهما، بعد توقفها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي نتيجة الخلافات على حدود المنطقة المتنازع عليها.
ومنذ إعلان وزارة الخارجية الأميركية إرسال فريق الوساطة إلى بيروت من أجل استئناف المفاوضات، انشغل المراقبون بتحليل الظروف والأسباب التي مهدت للعودة إلى مسار التفاوض بعد توقفه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إثر اختلاف الجانبين على حجم المساحة البحرية المتنازع عليها.
وبعد دراسات أعدها الجيش اللبناني، رفعت بيروت مطالبها من مساحة تبلغ 860 كيلومترا مربعا لتصل إلى نحو 2290 كيلومترا مربعا في المياه التي تعتبرها إسرائيل منطقتها الاقتصادية الخالصة، مما يمكّن لبنان من الوصول إلى المناطق التي يعتقد أنها تحوي كميات من النفط والغاز على الحدود بين الجانبين.

جدل سياسي
وقد شهد لبنان جدلا سياسيا بعد امتناع الرئيس اللبناني ميشال عون عن توقيع مشروع المرسوم 6433 المتعلق بتعديل ترسيم الحدود البحرية. ورد عون الأمر إلى ضرورة إقراره من قبل حكومة تصريف أعمال، نظراً لأهميته والنتائج المترتبة عنه.
واعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تندرج في إطار إفساح عون المجال لواشنطن كي تعيد إطلاق المفاوضات.
وفي السياق الإقليمي والدولي، يعتبر مراقبون أن الإدارة الأميركية الجديدة -التي تخوض حملة مفاوضات دبلوماسية تتناول الأمن الإقليمي، والشراكة الإستراتيجية في المنطقة، بدءًا من محادثات فيينا المتصلة بالملف النووي الإيراني مرورا بملفات أفغانستان واليمن وغيرها- وجدت الوقت ملائما لتحريك موضوع المفاوضات الحدودية البحرية بين لبنان وإسرائيل. وتنفيذا لذلك عقد الجانبان جولة جديدة من التفاوض في مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبان"يونيفل" (UNIFIL) في بلدة الناقورة جنوبي لبنان.

مفاوضات جدية
وقد رأى الخبير الإستراتيجي خالد حمادة أن السبب الأساسي الذي دفع إدارة الرئيس جو بايدن لإطلاق المفاوضات مجددا هو مقاربتها كل الملفات بشكل جديد بعيدا عما سماه الموروث الدبلوماسي للإدارة السابقة.
وأضاف حمادة للجزيرة نت أن الولايات المتحدة صاحبة التأثير الأكبر جادة في إعادة إطلاق المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، مع علمها بالخلافات التقنية الموجودة بين الطرفين في مسألة ترسيم الحدود.
ورأى أن الإدارة السياسية اللبنانية تخلت تقريبا عن وفدها إلى المفاوضات بعدما لم تعمد إلى تعديل المرسوم 6433 المتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان بسبب الخلافات الداخلية.
لكن حمادة لفت إلى أن المفاوض اللبناني لديه الحجج التقنية لتثبيت حقوقه، واعتبر أنه في حال موافقة الأميركيين على الاستعانة بفريق خبراء دوليين للمساعدة في ترسيم الحدود، فإن لبنان سيحصل على مساحة إضافية في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وختم حمادة بأن نجاح المفاوضات متوقف على رغبة الأميركيين في الوصول إلى تفاهمات لإنهاء هذا الملف.

طريق الإنقاذ
ورأى الكاتب السياسي واصف عواضة أن عاملين رئيسين ساهما في عودة المفاوضات، يتمثل الأول في محاولة الإدارة الأميركية الجديدة تسوية عدد من ملفات المنطقة قبل التوصل إلى اتفاق مع إيران حول الملف النووي.
ولفت عواضة للجزيرة نت إلى أن واشنطن تشجع أكثر من طرف على حسم العديد من القضايا العالقة، ومنها موضوع الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل.
وأضاف أن العامل الآخر يتعلق باستعجال إسرائيل البدء بحفر آبار النفط في البلوك رقم 9 الواقع قرب حدودها مع لبنان.
ولفت عواضة إلى أن لبنان أعطى إشارة إيجابية للولايات المتحدة الأميركية بتأجيله توقيع المرسوم 6433، مضيفا أن نجاح التفاوض يتطلب تنازلات مشتركة من الطرفين.
وإذ أكد عواضة أنه من المبكر التقدير بنتيجة هذه المفاوضات، رأى أن من مصلحة لبنان التوصل إلى اتفاق، وبدء عملية حفر آبار النفط، معتبرا أنها الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد من أزماتها الكثيرة.