فلسطيني لجندي إسرائيلي: أطلق النار يا جبان.. عندما كسر الفلسطينيون حاجز الخوف
فلسطيني يمر بمركبته العمومية من أمام جندي من جيش الاحتلال عند مدخل بيت لحم الشمالي جنوب الضفة الغربية تزامنا مع مواجهات مندلعة هناك، يقول للجندي "أنت، تحمل السلاح، ولن تستطيع أن تطلق النار يا جبان".
كان هذا مقطع فيديو نشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي يوم الجمعة الماضي، بعد ساعات من وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة، وبالفعل يَظهر في هذا المقطع كيف رفع الجندي السلاح وصرخ على الفلسطيني ولم يطلق النار، رغم أن الفلسطيني قال له أيضا "سأخبر أبو عبيدة، إذا أطلقت النار"، في إشارة للمتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsالعلاج بالدراما.. وفاء أبو موسى فلسطينية تقدم الدعم النفسي لأطفال الحروب منذ 20 عاما
فرحة فلسطينية بنصر المقاومة
كسر الخوف
لم يكن هذا المقطع المصور الوحيد الذي نشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي تظهر كسر حاجز الخوف من قبل الفلسطينيين أمام جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، فمقطع آخر يُظهر شبانا فلسطينيين يخرجون من صلاة الفجر من يوم الجمعة، وهم يكبرون ويهتفون لكتائب القسام والمقاومة، أمام أعين الجنود عند أحد أبواب المسجد الأقصى، ولم يحرك الجنود ساكنا، حتى أن منهم من أزاح وجهه عن الشبان.
في المقابل، نُشرت فيديوهات أخرى لإحدى المجندات من جيش الاحتلال وهي تبكي، رغم أنها مدججة بالسلاح والعتاد، بسبب المواجهات التي اندلعت في منطقة باب العامود في القدس القديمة خلال شهر رمضان، حتى أن أحد الشبان الفلسطينيين طاردها، رغم وجود الجنود حولها، وقام بتصويرها والاستهزاء بها.
كثيرة هي الفيديوهات التي نشرت للفلسطينيين الذين كسروا حاجز الخوف أمام أعتى جيوش المنطقة، رغم علمهم التام أن حملة القمع ستكون شديدة من قبل جيش الاحتلال، من ضرب واحتجاز واعتداء وتنكيل بهم، وحتى قتلهم، ولكنهم كانوا كل مرة يعودون إلى نقاط المواجهة مع المحتل.
قهر وظلم
توجهنا بهذا الوصف إلى رئيس جمعية الأطباء النفسيين الفلسطينيين الدكتور توفيق سلمان، وقال للجزيرة نت إن هذا يوصف في علم النفس بأنه ظاهرة "قهر الوالدين" أو "ضعف الوالدين"؛ بمعنى أن هؤلاء الشبان وحتى الفتية الذين قادوا الهبة الأخيرة في فلسطين في وجه الاحتلال، تتراوح أعمار أغلبهم بين 15 و25 عاما، وكانوا شاهدوا أمام أعينهم الإهانة التي كان يتعرض لها والديهم أو معلميهم أو الأكبر منهم على الحواجز أو أثناء اقتحام جنود الاحتلال لمنازلهم، فأحدث ذلك لهم ردة فعل للانتقام، وولّد انفجارا داخلهم لحماية الأبوين والدفاع عنهم مهما كلف الثمن.
يرى سلمان أن ظروف القهر والظلم من قبل الاحتلال وسلوكياته، التي رافقت هؤلاء الشبان منذ صغرهم، ولدت عندهم حالة تمرد على كل شيء، وكسروا الحواجز النفسية وتمردوا على قوانين المحتل، واكتشفوا أن السلام كان مبني على الوهم، ومن خلال المراقبة النفسية لهؤلاء الشبان قبل نحو 15 عاما، فإنك ترى أطفالا كانوا سيثورون على واقعهم ولن يستسلموا له، تحت المقولة الشعبية "سيأتي يوم تثور الضحية على الجلاد"، وبالفعل جاء هذا اليوم.
كان الجيل القديم حسب سلمان- أكثر ضعفا، لأنه كان يتعرض للصلف والعنجهية الاحتلالية، أما الجيل الجديد فلم يتحمل ما عاشه آباؤه، وفي المقابل فإن الجندي الإسرائيلي يُربى في معسكراته أن يُنَبه ويَحذّر من قبل مدربيه من هذا الفلسطيني؛ الذي هو عبارة عن عبوة ناسفة قد تقتلك في أي لحظة، لذا ولّد هذا نوعا من خوف الجندي أمام الفلسطيني الذي أصبح يبدو قويا.
يعتقد سلمان أن ثورة الفلسطيني الشاب ضد القهر والظلم وعدم القبول به، وفي المقابل الخشية التي أصبحت عند الجندي الإسرائيلي، وأيضا استخدام صفحات التواصل الاجتماعي بشكل أظهر الشبان الفلسطينيين كأنهم يحتشدون بشكل منظم، كسرت نظرية الجيش الذي لا يُقهر.
تقزيم العقاب
كما أن الفلسطيني الشاب يعرف تماما أنه صاحب حق، مما يجعله يشعر بأن سكينه أقوى من السلاح النووي الإسرائيلي، وجعله أيضا يستصغر الجندي حتى لو كان يحمل السلاح، ويُقزّم دولته التي من ورائه، ولا يأبه بما سيحدث له بعد ذلك، فالفلسطيني لم يعد يفكر بالعقوبة من اعتقال أو قتل أو تنكيل، لأنه في عقله كسر عنجهية هذا الاحتلال.
ويرى سلمان في حديثه للجزيرة نت أنه "عند مراقبة أي شاب أو فتاة، خرج ويخرج من كل مكان في فلسطين لمواجهة المحتل المدجج بالسلاح؛ من حيفا والقدس والضفة، وكأنه تخطى حدود المعايير الدولية، وتمرد على واقعه الظالم، ولم يعد يقبل به، وكأنه هو الجيل الذي سيكمل الحُلم الفلسطيني بالتحرر من صلف الاحتلال الصهيوني البغيض".