هآرتس: أطول ساعتين في الحرب الإسرائيلية على غزة
روت الكاتبة الإسرائيلية أميرة هاس في تقرير نشرته صحيفة هآرتس (Haartz) على موقعها الإلكتروني، تفاصيل أحلك اللحظات التي عاشتها أسرة فلسطينية الخميس الماضي، قبل ساعتين من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
واعتمدت هاس في تقريرها على مواطنة فلسطينية تُدعى ريم، وصفتها بأنها "هبة من السماء" لأي صحفي، لما قدمته في روايتها من وصف دقيق للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وشعور "الخوف المثبط" الذي انتاب السكان، على حد تعبير الكاتبة.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsبين مشاهد الدمار والركام.. بائع بالونات العيد يتجول لإسعاد أطفال غزة
الحياة تعود إلى شواطئ غزة بعد 11 يوما من الحرب
وجاء في تقرير هآرتس أن ريم وزوجها كانا يقيمان في شقة سكنية في حي الرمال بقطاع غزة قبل أن ينتقلا منها مساء الاثنين الماضي إلى منزل آخر في مكان بعيد في الحي نفسه، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي نيته قصف أحد الأهداف في منطقتهما، وما قد يترتب على ذلك من "أضرار جانبية".
وكانت ريم وعائلتها من بين 2500 شخص في غزة أخلوا منازلهم بحثا عن ملاذ آمن فقط، ليكتشفوا ليل الخميس -وتحديدا قبل ساعتين من سريان الهدنة- أن المكان الذي حطوا فيه رحالهم بات هو الآخر هدفا محتملا قد تطاله "أضرار جانبية".
قبيل الهدنة
وقالت ريم للصحفية الإسرائيلية إنه عقب إعلان أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في تمام الساعة الثانية من فجر يوم 21 مايو/أيار، "كنا ندرك أن الإسرائيليين عادة ما يجن جنونهم قبيل أي هدنة. وكذا حال شعبنا. هذه هي الحقيقة".
ومضت قائلة "كنا نعرف أنه في حال استغل الإسرائيليون الوقت المتبقي من أجل قصف وقتل مزيد من الفلسطينيين، فإن جماعتنا سيردون بإطلاق الصواريخ، وسيكثف الإسرائيليون بعدها اعتداءاتهم، ومن يدري من سيُقتل ومن سيصاب".
وروت ريم أنهم كانوا 8 جلوسا في شقتهم المؤقتة ينتظرون بفارغ الصبر انقضاء تلك الساعتين والنصف، "لكن الساعة توقفت عن الحركة. وفجأة عند حوالي الساعة 12 منتصف الليل سمعنا أصواتا وصراخا وبكاءً يأتي من الشارع، اتضح بعدها أن مختار المنطقة في البناية المجاورة تلقى اتصالا عبر الهاتف من الجيش (الإسرائيلي) بأنهم سيقصفون المبنى".
وعندها -تقول ريم- بدأ سكان العمارة في المغادرة والفرار والصراخ، وهم يلهثون ويمضون على غير هدى ولا يدرون أي الوجهات آمنة. "في نهاية المطاف قررنا السير مسافة كيلومترين أو ثلاثة باتجاه الغرب، حيث مستشفى الشفاء".
وتابعت القول "اعتقدنا أنهم لن يقصفوه. وكان آخرون يقودون سياراتهم أو يركضون باتجاه المستشفى"، مشيرة إلى أنها ومن معها ظلوا طوال الوقت قابعين في مرآب سيارات المستشفى".
كانت تلك أطول ساعتين خلال الحرب بأكملها، هكذا وصفت ريم تلك اللحظات، مضيفة أنهم عندما عادوا إلى شقتهم المؤقتة، أطلقت إسرائيل صاروخا تحذيريا من طائرة مسيرة على سطح العمارة المجاورة لبنايتهم.
لكن العمارة لم تتعرض لمزيد من إطلاق الصواريخ عليها، حسب قول ريم التي أعربت عن سعادتها لعودتها إلى منزلها وحديقتها التي تربي فيها حمائم ظلت على قيد الحياة، رغم أنها لم تطعمها طوال 4 أيام.
وقالت بنبرة تنم عن تحدٍ "الحمائم مثلنا تعرف أيضا معنى الصمود". واعتبرت أن ما يتعرض له الفلسطينيون فوق طاقة البشر، مؤكدة أن نكبة 1948 ستظل ماثلة جيلا بعد جيل، "فاليهود يضطهدوننا أينما حللنا، إلا أنهم لن يستطيعوا استئصالنا، فذلك أمر مستحيل".
ولا تزال ريم تتحدث بنبرة التحدي ذاتها، إذ قالت إن على اليهود أن يفهموا ذلك، "فنحن لسنا هنودا أميركيين. سنبقى هنا وسنتكاثر، كما أننا لن ننسى".
واتهمت المواطنة الفلسطينية المجتمع الدولي بالتقاعس واصفة أفراده بالمجرمين، وتساءلت "لِم كل هذا الصمت؟". وانتقدت دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى خفض التصعيد بين إسرائيل وقطاع غزة، متسائلة عما الذي يعنيه بخفض التصعيد.
ونسبت أميرة هاس في تقريرها بصحيفة هآرتس إلى ريم القول "إننا لا نؤمن بالأحزاب، لكننا نثق بالله وبشعبنا وبأرضنا".
وقالت ريم موجهة حديثها للصحفية الإسرائيلية: "انظري إلى الفلسطينيين في المسجد الأقصى. الشعب لا ينسى أصله. انظري إلى الفلسطينيين الذين أصبحوا مواطنين إسرائيليين، إنهم الجيل الثالث الذين يوصفون بأنهم إسرائيليون، لكنهم فلسطينيون وهم لن ينسوا وطنهم الأم أو شعبهم".