من دون أغلبية وبتهم فساد وتشريعات ضده: نتنياهو يبدأ مهمة "شبه مستحيلة" لتشكيل الحكومة

تبدو مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لتشكيل الحكومة صعبة وتكاد تكون شبه مستحيلة، حيث لم يحصل نتنياهو على أغلبية 61 من أعضاء الكنيست لدعم الائتلاف الحكومي، وذلك في الوقت الذي انطلقت فيه مداولات الإثباتات بالمحكمة في ملفات الفساد ضد نتنياهو.
وسعيا منه لبث روح التفاؤل وإنه ما زال يتحكم بمفاصل الأمور الحزبية والسياسية ولمنع أي انشقاقات مستقبلية في الليكود، وفي محاولة منه للتأثير على المعسكر المناوئ وزعزعة أركانه واستمالة بعض أعضائه، صرح نتنياهو بأن "تشكيل الحكومة في متناول اليد"، وذلك بعد أن حصل على التكليف من الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsفوازير نتنياهو.. سمِّ 4 دول عربية تنتظر التطبيع
يائير لابيد.. الصحفي الملاكم ينافس نتنياهو على رئاسة الحكومة
وأضاف نتنياهو في تصريحات أمام أعضاء حزبه الليكود في الكنيست أنه يريد تشكيل حكومة واحدة موحدة حسب تعبيره تخدم جميع المواطنين، قائلا "سنشكل حكومة قوية، ليست حكومة مشلولة يجب علينا أن نكف عن الإقصاء والمقاطعة الشخصية".
حملت تصريحات نتنياهو رسائل متعددة منها داخلية لأعضاء الليكود، وذلك بعد أن تواردت أنباء بظل استفحال أزمة تشكيل الحكومة عن مبادرة لقيادات بالليكود تهدف لإقناع نتنياهو التنحي عن رئاسة الوزراء وانتخابه لمنصب رئيس الدولة، وتشكيل حكومة يمين برئاسة الليكود لكن دون نتنياهو.
حظوظ نتنياهو
ويمارس نتنياهو ضغوطات على تحالف "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش، بغية إقناعه بالتراجع عن المعارضة التي يبديها بتشكيل حكومة يمين برئاسة نتنياهو بدعم خارجي من القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
ووسط التناقضات والصراعات الداخلية الخفية سواء في الليكود أو حتى داخل معسكره الذي يضم 52 من أعضاء الكنيست، وجد نتنياهو نفسه أمام تحديات القضاء والتشريعات، فمع انطلاق أعمال الكنيست الـ24، مساء الثلاثاء، دفع رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان، سلسلة من القوانين بما يتعلق بولاية رئيس الوزراء، ومنع تكليف عضو كنيست متهم بالفساد من تشكيل حكومة.
ويلتقي نتنياهو، الأربعاء والخميس، بقيادات الأحزاب الحريدية "شاس" و"يهودت هتوراة" وقيادات تحالف "الصهيونية الدينية"، وهو المعسكر الذي يضم 52 من أعضاء الكنيست، كما سيجتمع برئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت، في محاولة لمنعه من الانضمام إلى الكتلة المعارضة والتوصل لاتفاق تناوب على رئاسة الحكومة مع رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد.
وفي ظل التجاذبات الحزبية وفي حال بقي معسكر نتنياهو متماسكا ونجح بضم بعض أعضاء الكنيست إليه، فإن السيناريو الأقوى يتمثل بتشكيل حكومة بتناوب بين نتنياهو وبينيت، لتشمل هذه الحكومة الليكود و"شاس" و"يهودت هتوراة" و"الصهيونية الدينية" و"يمينا" بإجمالي 59 مقعدا.

رهانات نتنياهو.. الموحدة والانشقاقات
وستكون حكومة من هذا القبيل بحال اتضحت معالمها، بحاجة لدعم خارجي سواء من المنشقين عن ساعر الذين يراهن عليهم أو من القائمة الموحدة (4 أعضاء كنيست)، التي امتنعت عن التوصية لنتنياهو أو لبيد، لكن رئيسها عباس منصور صرح خلال المشاورات التي عقدها مع ريفلين، بأنه مستعد للتعاون مع أي مرشح منتخب يشكل الحكومة المقبلة.
ومقابل ذلك، هناك سيناريو لدى المعسكر المناوئ أو ما يسمى بـ "معسكر التغيير"، تشكيل حكومة تكافؤ تعتمد على توازنات بين معسكري اليمين والمركز واليسار الصهيوني، وستقوم مثل هذه الحكومة على اتفاق تناوب على رئاسة الوزراء بين بينيت ولبيد الذي أعلن أنه قدم لبينيت عرضا كهذا.
وستشمل الحكومة إذا ما نجح لبيد في تشكيلها كل من "هناك مستقبل" و"العمل" و"أزرق أبيض" و"ميرتس" و"يسرائيل بيتينو" و"أمل جديد" و"يمينا"، بإجمالي 57 من أعضاء الكنيست وستكون بحاجة إلى دعم خارجي من الموحدة أو القائمة المشتركة (6 أعضاء كنيست)، التي امتنعت عن التوصية على نتنياهو أو لبيد، وأكدت معارضتها لدعم أي حكومة.
حكومة بلا نتنياهو
وفي قراءة لمواقف الأحزاب اليهودية والعربية من مشاورات التوصية لدى الرئيس الإسرائيلي، يجزم المحلل السياسي عكيفا إلدار، بأن كافة الدلائل تشير إلى أن المشكلة الأساسية تتمثل بشخص نتنياهو، الذي يرى أنه "أخذ سكان البلاد رهينة 4 مرات إلى صناديق الاقتراع، علما أن النتائج كانت متقاربة في جميع الجولات مع فشل نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية قوية ومستقرة".
وعليه يقول إلدار للجزيرة نت إن نتائج الانتخابات وما أفرزته من معسكرات وتجاذبات جديدة بين الأحزاب والمتغيرات في الخارطة السياسية تشير إلى أنه في حال اختفى نتنياهو عن المشهد السياسي سواء تنحى أو اعتزل المسيرة السياسية أو اضطر للغياب بسبب المحاكم وتهم الفساد، سيكون بالإمكان وخلال دقائق تشكيل حكومة يمين برئاسة الليكود أو حكومة يمين-مركز بالتناوب بين الليكود ولبيد.
واستبعد المحلل السياسي إمكانية أن ينجح نتنياهو بتفكيك المعسكر المناوئ له أو شق وحدة صف حزب "أمل جديد" وضم "يمينا" إليه ليتمكن من تشكيل حكومة ضيقة تعتمد على 61 من أعضاء الكنيست، وقد يضطر نتنياهو للتوجه إلى القائمة العربية الموحدة للحصول على دعمه من الخارج، لكن هذا الاحتمال ضعيف كون اليمين المتطرف يبدي معارضة لتشكيل أي حكومة تعتمد على دعم ولو حتى خارجي للأحزاب العربية.

الأحزاب العربية بيضة القبان
ورغم أن انتخابات الكنيست الـ24 تميزت بعودة نتنياهو للبلدات العربية بعد انقطاع أكثر من 10 أعوام، حيث امتنع عن زيارتها وحرض على الجماهير العربية، فإن الميزة الأبرز يقول إلدار "الشرعية التي منحها نتنياهو للأحزاب العربية والحركة الإسلامية الجنوبية، حيث أعطى الشرعية للأحزاب اليهودية للتفاوض معها والتعاون من أجل تشكيل الحكومة".
ومع هذا التحول والشرعية السياسية التي منحها نتنياهو للأحزاب العربية المشاركة في الكنيست، فإن المحلل السياسي يستبعد أن تقوم الأحزاب العربية بدعم ولو حتى من الخارج لأي حكومة قد تشكل، حيث قلل من احتمال دعم خارجي للموحدة لحكومة نتنياهو، كما استبعد صمود أي حكومة يشكلها نتنياهو وبقائها لفترة طويلة، مشككا في إمكانية قبول المشتركة دعوات لبيد لدعم حكومة برئاسته.