الكاظمي يتحدى ضغوط الموالين لإيران ويتقارب مع واشنطن وحلفائها
الكاظمي يستفيد من دعم طرف شيعي وازن لزيارة الرياض وأبو ظبي، هو مقتدى الصدر

يمدّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليدّ إلى واشنطن عبر "حوار إستراتيجي"، وإلى أطراف خليجية عبر جولة قام بها مؤخراً بين أبو ظبي والرياض، رغم كل الضغوط التي يتعرض لها على الساحة السياسية الداخلية.
ويشكّل "الحوار الإستراتيجي" الذي ينطلق الأربعاء مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن اختبار توازن جديد للكاظمي المستقل والذي لا يملك قاعدة شعبية أو حزبية.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsلوموند: لهذا تتنامى قبضة الفصائل الشيعية في العراق
وقبل هذه المحطّة، استقبل الكاظمي وزيري الخارجية المصري والأردني وزار الإمارات والسعودية، الحلفاء الأساسيين التقليديين لواشنطن في الشرق الأوسط.
ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري لوكالة الصحافة الفرنسية إن كلّ ذلك "رسالة إلى إيران بأن العراق لديه الحق باتخاذ مسار آخر في علاقاته الخارجية بما يعتمد على محيطه العربي، إذ لا يمكن للعراق أن يكون أحادي العلاقة كما تريد إيران وحلفاؤها".

مواقف متضاربة
وعلى الكاظمي الذي يفترض أن دوره تحضير البلاد لانتخابات مبكرة لا يزال موعد إجرائها غامضاً حتى الآن، التعامل مع معسكر شيعي نافذ موالٍ لإيران، وكذلك مع الأقليات السنية والكردية التي ترى الوجود الأميركي بمثابة حماية لها، ومع الجيران الخصوم لإيران في الخليج.
ويرى مسؤولون غربيون وعراقيون أن الكاظمي يريد من الحوار مع واشنطن جدولاً زمنياً للانسحاب. بهذا، يضمن دعماً عسكرياً غربياً ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكن مع إعطاء ضمانات في الوقت نفسه إلى الموالين لإيران بأنه يعمل لتنفيذ قرار البرلمان بسحب القوات الأميركية، لكن ذلك قد يستغرق سنوات.
وحتى قبل بدء المحادثات، أعرب المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي جعفر الحسيني عن رفضه لهذا الحوار، وقال "لا قيمة للمفاوضات كون الشعب العراقي حسم قراره بإنهاء الاحتلال الأميركي"، مضيفاً "المقاومة العراقية مستمرة بالضغط على أميركا".
بيد أن الكاظمي يستفيد في الوقت نفسه من دعم طرف شيعي وازن لزيارة الرياض وأبو ظبي، هو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي دعا قبل 18 عاما إلى حمل السلاح ردعاً للغزو الأميركي.
ورأى الصدر في تغريدة أن "انفتاح العراق على الدول العربية خطوة نحو الطريق الصحيح"، علماً أنه هو نفسه زار الرياض وأبو ظبي في صيف العام 2017.
ويرى عسكريون أميركيون وعراقيون، أنه مع تراجع خطر تنظيم الدولة في العراق إلى مجرد خلايا سرية في الجبال والصحاري، بات مصدر التهديد الفصائل الموالية لإيران، مشيرين إلى الهجمات المتكررة بصواريخ أو عبوات ناسفة تستهدف مواكب دعم لوجستي للتحالف الدولي، وإلى تبني هذه الفصائل أحياناً هجمات خارج الأراضي العراقية.

طمأنة الرياض
وحاول الكاظمي الأسبوع الماضي خلال زيارته للرياض طمأنة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تجمعه معه علاقة شخصية جيدة، قائلاً "لن نسمح بأيّ اعتداء على المملكة".
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تحطّمت طائرات مسيّرة مفخّخة في القصر الملكي الرئيسي في الرياض، في هجوم نقلت وسائل إعلام في الولايات المتّحدة عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ الطائرات التي شنّته أُطلقت من العراق المجاور.
وفي بغداد، تبنى فصيل غير معروف هو واجهة لفصائل معروفة موالية لإيران، بحسب محللين، ذاك الهجوم، إلا أن الكاظمي أكد من الرياض أنه "لم تكن هناك أي اعتداءات" على الرياض من العراق.
وكان مقرراً أن تكون السعودية هدفا لأول زيارة خارجية للكاظمي كرئيس للوزراء في الصيف، لكن لأسباب صحية، طلب ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إرجاءها. وبدلا من الرياض، زار الكاظمي حينها طهران حيث التقى مسؤولين على رأسهم المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
بعد السعودية، زار الكاظمي أبو ظبي حيث تناولت المحادثات الاقتصاد والاستثمارات.
ومع تعهد سعودي بمضاعفة الاستثمارات في العراق 5 مرات، إلى أكثر من مليارين ونصف مليار دولار، يرسل الكاظمي رسالة سياسية داخلية مفادها أنه "لا يريد أن يكون طرفاً مع جانب واحد فقط، بل يريد العمل بشكل دؤوب لجلب استثمارات إلى العراق من الدول المجاورة" وغيرها، وفق ما يقول مسؤول عراقي، طالباً عدم الكشف عن هويته.
ومن شأن أي دفع اقتصادي للعراق أن يصب في مصلحة إيران في الوقت نفسه، لا سيما أن طهران تحتاج إلى بغداد لشراء وارداتها وتبادل الرسائل مع الدول العربية.