في الـ 100 يوم الأولى من حكمه.. لأي مدى نجح بايدن في مواجهة كورونا؟
من حسن حظ الرئيس الأميركي بايدن أنه تسلم الحكم مع إعلان الولايات المتحدة التوصل إلى لقاح لمعالجة فيروس كورونا، وتمكنت إدارته من وضع معايير وخطوات أسهمت في الحد من انتشار الفيروس كما وعد.

"سنحتفل بذكرى استقلال أميركا (4 يوليو/تموز) وقد هزمنا الفيروس"، بهذه الكلمات توجه الرئيس جو بايدن للشعب الأميركي مؤكدا تحقيق بلاده تقدما مذهلا في محاربة وباء كورونا قبل يومين من استكمال الـ 100 يوم الأولى منذ وصوله للبيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي.
وربما من حسن حظ بايدن أن رئاسته بدأت بعد نجاح بلاده في التوصل للقاحات في نهاية عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، واتخذ بايدن عددا من القرارات التنفيذية فيما يتعلق باللقاحات وتوزيعها، كما اتخذ سياسات اقتصادية ومالية للتعامل مع تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في الولايات المتحدة، مع وصول ضحايا الفيروس بانتهاء الـ 100 يوم الأولى من رئاسته إلى ما يقرب من 600 ألف شخص، وإصابة ما يزيد على 32 مليون أميركي.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsتعرف على الدليل المفصل لخطة بايدن لتحفيز اقتصاد بلاده
نيويورك تايمز: المتطرفون اليمينيون يتحولون من شعار “أوقفوا السرقة” إلى “أوقفوا اللقاح”
كوفيد-19 والوفاء بالوعد
رغم المهمة الصعبة التي واجهت الرئيس بايدن في ظل انتشار وتفشي فيروس كورونا عند وصوله للحكم؛ فإنه استطاع أن يفي بوعده بإعطاء 200 مليون جرعة قبل حلول اليوم 100 في فترة حكمه، بعد تطوير اللقاحات المضادة للفيروس والانتهاء من التجارب السريرية الخاصة بها خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومنذ وصوله للحكم، بدت إدارة بايدن أكثر تنظيما وتصميما على مواجهة الفيروس بطرق علمية على النقيض من الفوضى التي ميزت مواجهة إدارة ترامب للجائحة. وعلى عكس الرئيس السابق ترامب، التزم بايدن بارتداء كمامة الوجه في كل ظهور له، كما حث الأميركيين على ارتداء أقنعة الوجه والالتزام بالاحترازات الصحية خاصة التباعد في الكثير من الحالات. وكرر أنه يستمع إلى آراء العلماء والمختصين في مجال الصحة العامة، ولن يعبر عن آراء شخصية أو تفضيلات فيما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا.
وكشف بايدن -خلال كلمته حول مواجهة فيروس كوفيد-19 أمس الثلاثاء- عن تلقي أكثر من 67% من المسنين التلقيح الكامل، في حين حصل أكثر من 80% من الأميركيين على جرعة واحدة من اللقاح. ووصل عدد جرعات اللقاح -التي استخدمت داخل الولايات المتحدة قبل نهاية أمس الثلاثاء- إلى 231 مليون جرعة، وتلقى 96 مليون أميركي التطعيم بصورة كاملة، في حين تلقى 141 مليون جرعة واحدة على الأقل.
وعلى الرغم من النجاح في تلقيح ملايين الأميركيين؛ بلغ متوسط الإصابات اليومي أكثر من 50 ألف حالة خلال الأسبوع الماضي، وتوفي يوميا أكثر من 500 شخص وفقا لبيانات جامعة "جون هوبكينز" (Johns Hopkins).
خطوات بايدن الثلاث لمواجهة فيروس كورونا
- تشكيل فرق عمل مختصة ومستقلة للتعامل مع الفيروس
حيث تقدم فرق العمل التي شكلها بايدن إحاطات للأميركيين بصورة منتظمة، عادة 3 مرات في الأسبوع، لا يشارك فيها الرئيس، وهو عكس ما قام به الرئيس السابق ترامب. - إصدار خطة توزيع اللقاح
أصدر بايدن خطة توزيع اللقاح خلال الفترة الانتقالية بعد الانتخابات، وقبل تنصيبه رئيسا. وترتفع نسب تلقي الأميركيين للقاح مع مرور الوقت، وبدأت العديد من الولايات العودة لنمط الحياة الطبيعي. - العودة لمنظمة الصحة العالمية والحفاظ على الدكتور أنتوني فاوتشي
اتخذ بايدن خطوة العودة لمنظمة الصحة العالمية في أول أيام حكمه، وتمسك كذلك بالدكتور الشهير فاوتشي كمستشار طبي وعلمي للبيت الأبيض. وكان ترامب قد هاجم منظمة الصحة العالمية، وانسحب منها عام 2020، كما همش ترامب الدكتور فاوتشي.

مواجهة تداعيات كورونا الاقتصادية
وبعيدا عن قطاع الصحة، استطاع بايدن تمرير حزمة تحفيز اقتصاد قيمتها 1.9 تريليون دولار بهدف معالجة التردي الاقتصادي المتضرر جراء كورونا، وساعده على ذلك تمتع الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس النواب، وترجيح صوت نائبة الرئيس بوصفها رئيسة مجلس الشيوخ الذي يتساوى فيه الحزبين.
وتضمنت الحزمة مزيجا من المساعدات المالية المباشرة لأغلب الأميركيين بلغت نصيب الفرد منها 1200 دولار، إضافة لمساعدات لحكومات الولايات والحكومات المحلية، وإعانة ضريبية موسعة لمن لديهم أطفال، ومساعدة للشركات الصغيرة وأصحاب المنازل، وتعويضات موسعة عن البطالة.
ووسط الاستقطاب الواسع الذي تعاني منه السياسة الأميركية بين الجمهوريين والديمقراطيين، لجأ بايدن لاستغلال عملية "توفيق الميزانية الفدرالية" لتجنب فرض التعطيل من جانب الجمهوريين، وتم تمرير مشروع القانون على أساس حزبي ضيق.
ولم يتوقف بايدن عند هذا التشريع، إذ بدأ بالفعل العمل على خطة الوظائف الأميركية، وهي حزمة شاملة للبنية التحتية من شأنها أن تضخ تريليوني دولار في تطوير الاقتصاد الأميركي على مدار السنوات العشر القادمة.
وقبل أيام طرح بايدن تصوره العام لحزمة تحفيزية ضخمة أخرى أطلق عليها "خطة الوظائف الأميركية"، وتقدر قيمتها بأكثر من تريليوني دولار بهدف تحديث البنى التحتية الأميركية بكل الوسائل الممكنة، بدءا من الطرق التقليدية والجسور، ووصولا إلى الإنترنت فائق السرعة وتطوير السيارات الكهربائية.
رضى عن أداء بايدن
أجرت شبكة "إيه بي سي" (ABC) بالتعاون مع صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) استطلاعا للرأي شمل 1007 أميركيين بين 18 و21 أبريل/نيسان الجاري، حول رأيهم في أداء بايدن في مواجهة جائحة كورونا، وعبّر 64% منهم عن موافقتهم على طريقة مواجهته للجائحة، في حين رفض 31% منهم، ولم يرد 3% الباقيين.
فقد ركز بايدن الكثير من اهتمامه على التحدي اللوجستي المتمثل في توزيع اللقاحات والإشراف على إمداداتها. وقد أدى نجاح بايدن في تحقيق هدفه -المتمثل بإعطاء 200 مليون جرعة قبل الموعد المحدد بكثير- إلى إبطاء انتشار العدوى، والتمهيد لعودة الحياة كما عرفها الأميركيين.
وعلى الرغم من ذلك يبقى ربع الأميركيين في حالة تردد من تلقي اللقاحات، لشكوكهم في جدوى الأمصال والتسرع في إنتاجها كما يعتقدون.
ومن شأن الاستمرار في النجاح في مواجهة القضية الأولى التي تشغل الأميركيين -بل والعالم كله- تعزيز شعبية بايدن وترسيخ مكانته داخل الحزب الديمقراطي. وفي الوقت نفسه، قد يشعر الديمقراطيون بالتفاؤل قبل بدء معارك انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس لعام 2022، والتي تعززها نجاحات بايدن في مواجهة التحدي الأهم للأغلبية العظمى من الأميركيين.