رفض قرار السادات وقضى على حلم شارون.. وداعا قائد المقاومة الشعبية ضد إسرائيل

"إننا شعب السويس نرفض التسليم، ونقول لكم إن استطعتم أن تدخلوا المدينة مرة ثانية فأهلا وسهلا بكم، فإن أرض السويس الطاهرة عطشى في حاجة أن تُروى من دمائكم القذرة مرة ثانية" كلمات خالدة وجهها شيخ المجاهدين المصري الراحل، حافظ سلامة، للمحتل الإسرائيلي الرابض على أسوار السويس، ورددتها خلفه مآذن المدينة الباسلة.
تلك الكلمات، صنعت أسطورة الشيخ حافظ سلامة، بعد أن حولها أبطال المقاومة الشعبية بقيادته إلى حقيقة، ورووا أرض السويس الطاهرة بدماء جنود الاحتلال، ونجحوا في تدمير 76 دبابة ومصفحة إسرائيلية بأسلحة المقاومة البسيطة. وأنهوا حلم القائد الإسرائيلي "أرييل شارون" الذي عبر بفرقته قناة السويس، وكان يأمل أن يدخل المدينة في الأيام الأخيرة من حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
نجح الشيخ حافظ ورفاقه في طرد قوات الاحتلال، وإنقاذ المدينة الباسلة من السقوط بعد أن تخلى عنها الجميع بمن فيهم القادة العسكريون ومحافظ المدينة، الذي قرر إعلان الاستسلام، خوفا من تهديد شارون بهدم المدينة على رؤوس أهلها، لولا رفض الشيخ النحيل ورفاقه من أبطال المقاومة، الذين كتبوا أسماءهم بحروف من نور في تاريخ مصر.
مولده وحياته
ولد الشيخ حافظ علي أحمد سلامة في مدينة السويس (شرقي مصر) عام 1925 لأسرة ميسورة الحال، فقد كان أبوه تاجرا للأقمشة، حرص على أن يلتحق ابنه بكتّاب الحي الذي يعيش فيه، وأن يكمل تعليمه لاحقا في مدارس المدينة.
وخلال ما يقرب من 100 عام وعبر نشاطه في الدعوة الإسلامية ومقاومة المحتلين بدءا من الحرب العالمية الثانية وحتى حرب أكتوبر/تشرين الأول، ودعم فلسطين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وثورات الربيع العربي، أصبح الشيخ حافظ سلامة بلحيته البيضاء وطربوشه الأحمر، الذي لم يتخل عنه أبدا، الأب الروحي للمقاومة في مصر؛ بل وذاع صيته في مختلف أنحاء الوطن العربي.
التحق الشيخ حافظ سلامة في شبابه بجماعة "شباب محمد"، التي أنشأها حسين محمد يوسف عام 1948، وشارك من خلالها في النضال المصري ضد الاحتلال الإنجليزي، وشكل حافظ أول فرقة فدائية في مدينة السويس.
كانت مهمة فرقته الرئيسة تنحصر في مهاجمة قواعد القوات الإنجليزية الرابضة على حدود المدينة، والاستيلاء على كل ما تطاله أيديهم من أسلحة وذخائر، وكان يجري تسليمها للمركز العام للجماعة في القاهرة، ليتم تقديمها لاحقا دعما للفدائيين في فلسطين.
وعقب خلافات الرئيس المصري جمال عبد الناصر مع الإسلاميين قام بحل جماعة "شباب محمد"، وتم اعتقال الشيخ حافظ ضمن من تم اعتقالهم، وظل الشيخ في السجن حتى 1967.

عقب نكسة يونيو/حزيران 1967 أمام إسرائيل، أسس الشيخ حافظ سلامة جمعية الهداية الإسلامية في مدينة السويس، ونجح في إقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود، وعلى جرائم اليهود بحق الأنبياء وغيرها من المعاني التي تساهم في رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة المصرية.
لكن قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءا من يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 1973، شكلت المحطة الأهم في حياته، بعد أن نجحت القوات الإسرائيلية وقتها في التسلل خلف خطوط القوات المصرية إلى منطقة الدفرسوار، وسارت باتجاه السويس، واستعدت لاقتحام المدينة لتكمل حصار الجيش الثالث الميداني، وتفتح الطريق نحو العاصمة المصرية (القاهرة).
وبعد أن قررت أجهزة المدينة تسليمها، بسبب عدم قدرتها على الصمود على حد تقدير تلك الأجهزة، رفض الشيخ حافظ سلامة ومن معه من أبطال المقاومة الشعبية تسليم المدينة، وقاموا بجمع من تبقى من قوات الجيش، ونجحوا في إنقاذ المدينة من السقوط، رغم الحصار الشديد من القوات الإسرائيلية، والقصف المستمر من الطائرات.
معارضة السادات
وعاد اسم الشيخ للبروز مجددا عام 1977، عندما رفض قرار الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة القدس، وما تلا ذلك من عقد اتفاق "كامب ديفيد" في العام التالي، ثم معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، واستمرت معارضته لسياسات السادات ما جعله واحدا من الشخصيات التي تم اعتقالها في سبتمبر/أيلول 1981، وظل في السجن عدة أسابيع حيث أفرج عنه بعد اغتيال السادات في الشهر التالي.
جدير بالذكر أن عطاء الشيخ حافظ سلامة لم يتوقف عند دوره في حرب أكتوبر/تشرين الأول، حيث تواصل على أصعدة أخرى، فقام من خلال جمعية الهداية الإسلامية بتأسيس عدد من المساجد والمراكز الإسلامية الكبيرة والمتميزة في عدد من مدن مصر، أشهرها وأكبرها مسجدي الفتح الإسلامي بميدان رمسيس، والنور بالعباسية في قلب العاصمة المصرية (القاهرة).
كما قام الشيخ حافظ سلامة من خلال الجمعية ذاتها بإنشاء عدد كبير من المدارس والملاجئ ومراكز رعاية المعوقين، ومراكز التأهيل المهني، وتعليم الحرف للأولاد والبنات.
وقام الشيخ حافظ سلامة عام 1984 بالدعوة إلى مسيرة شعبية للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وقد استجاب لندائه عدد كبير من المصريين الذين تجمعوا في مسجد النور بالعباسية، وقام وفد منهم بتسليم طلب تطبيق الشريعة الإسلامية إلى رئاسة الجمهورية حينها.
المشاركة في ثورة يناير
ولم يتخلف الشيخ حافظ سلامة، عن المشاركة في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وانضم إلى المطالبين بتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في ميدان التحرير، وأصدر بيانا يناشد فيه الجيش المصري بالتدخل الفوري لإنقاذ مصر.
كما شارك الرجل في قيادة وتنظيم مجموعات الدفاع الشعبي ضد عمليات السلب والنهب التي انتشرت بمدينة السويس في أعقاب الفراغ الأمني، الذي أحدثه غياب الشرطة المصرية عقب جمعة الغضب في رابع أيام ثورة يناير/كانون الثاني.
وفي العام التالي، شارك الشيخ حافظ سلامة في جمعة الزحف بالعباسية في مايو/أيار 2012، للمطالبة بالقصاص لشهداء العباسية، الذين قتلوا على أيدي البلطجية بدون تدخل من قوات الشرطة العسكرية التي اكتفت بمشاهدة ما يحدث حينها، وكان الشيخ موجودا بمسجد النور عند فض الاعتصام.
دعم الربيع العربي
لم يتوقف نضال الشيخ حافظ سلامة لدعم الربيع العربي داخل الحدود المصرية، فقد عبر الشيخ الحدود بين مصر وليبيا عام 2011، متوجها إلى بنغازي لدعم الثوار الليبيين، حاملا معه مواد غذائية ومساعدات طبية وأدوية، بصحبة عدد من المتطوعين للمشاركة في توزيع المساعدات.
وفي عام 2011 أيضا، أكد الشيخ دعمه لفعاليات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، كما قام في العام التالي بالسفر إلى سوريا عبر الحدود التركية للمشاركة في الثورة السورية، "من أجل تطهير جميع البلاد العربية من الطغاة والمنتفعين من ثرواتها" ، مصطحبا معه كمية كبيرة من المعونات لمؤازرة اللاجئين السوريين.
وداع مهيب
وفي مشهد مهيب شيع الآلاف من أبناء محافظة السويس، اليوم الثلاثاء، جنازة الشيخ حافظ سلامة، وسط حالة من الحزن بدت على جميع المشاركين، الذين افترشوا الشوارع والحدائق الملاصقة للمسجد للصلاة عليه.
وسيطرت الحالة ذاتها على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، والتي عبر روادها عن حزنهم الشديد على رحيل الشيخ حافظ سلامة، داعين له بالرحمة والمغفرة، كما قام عدد كبير من الشخصيات العامة على مختلف توجهاتهم برثاء الشيخ الراحل، مشيدين بجهاده الطويل في مواجهة الطغاة.
لحظة تشييع جثمان الشيخ #حافظ_سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس ودفنه بمثواه الأخير ، وداعاً حافظ سلامة 🕊️🤍 pic.twitter.com/IbAdjhwaDV
— السويس | SUEZ (@suez_egypt2020) April 27, 2021
رحم الله الشيخ المجاهد حافظ سلامة، رمزا لبطولات شعبنا عندما تسد الابواب وتظلم الدنيا ولا يبقى سوى ابناء الشعب بصدور عارية وقلوب مؤمنة وعزيمة كالجبال،
فلا يقبلون بالدنية ولا يفرطون في حق ولا ينزلون عن شبر من ارض او قطرة من مياه او نسمة من هواء،
خالص العزاء لاسرته والسويس ولكل مصر pic.twitter.com/PJ2CeaWIWZ— Mohamed MAHSOOB (@MohammedMAHSOOB) April 27, 2021
توفي عن 96 عاما بطل المقاومة ورمز #السويس المدينة الباسلة فضيلة الشيخ حافظ سلامة تغمده الله بواسع رحمته، ورفع درجته وكتب أجره. pic.twitter.com/Kxz6AyM7Qo
— د. محمد الصغير (@drassagheer) April 26, 2021
خالص العزاء فى وفاة الشيخ / #حافظ_سلامة
أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة
وأن يسكنه فسيح جناته ويرفع درجاته في أعلى الجنان ووالدينا وجميع موتى المسلمين pic.twitter.com/EwjWLFYuKs— أ.د.أحمد عيسى المعصراوي (@elmasrw) April 27, 2021
ما لا يعلمه كثير عن الشيخ حافظ سلامة رحمه الله أنه شارك في الجهاد الأفغاني وشرفني الله برفقته صحبة الوالد الكريم وكنت أقود بهما السيارة في جولتهما على المعسكرات والجبهات وكان الوالد يضرب المثل بالشيخ حافظ سلامة -رحمهما الله- ويقول هذا ممن نفر ثقيلا ولم تقعده شيبته عن الجهاد pic.twitter.com/h7VxbLbLfz
— د.حذيفة عبدالله عزام (@huthaifaabdulah) April 27, 2021
النادي #المصري ينعى بخالص الحزن والأسى، الشيخ حافظ سلامة أحد رموز المقاومة الشعبية بمدينة السويس خلال حرب أكتوبر المجيدة والذي وافته المنية منذ قليل ، رحم الله الفقيد الغالي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وسائر مواطني محافظة السويس الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون. pic.twitter.com/i4y7xgsKjS
— Al-Masry SC (@AlMasrySC) April 26, 2021
فقدت مصر رجلا عظيما، إنه الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية في السويس أيام خرب الاستنزاف، والرجل الذي قاد مقاومين من المهنيين والعمال والحرفيين والشباب في كسر حصار السويس وقت ثغرة الدفرسوار في حرب 1973.
ظل هذا الرجل الكبير رمزا لدور الشعب مع الجيش في الصمود والنصدي والنصر. pic.twitter.com/cvQSM1NLCQ— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) April 26, 2021
إنّ القلب ليحزن وإنّ العين لتدمع وإنّا لفراق الشيخ المجاهد #حافظ_سلامة لمحزونون..
مات الرجل الصالح قائد المقاومة الشعبية فـي السويس.
مات بعد عُمرٍ طويل من الهِمّة في الدّعوة إلى الله والجهاد فـي سبيله.
نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جنّاته pic.twitter.com/6opSRQJLcj— حاتم الحويني | Hatem Al-Howainy (@Hatem_alhowainy) April 26, 2021
انا لله وانا اليه راجعون البقاء لله
الشيخ حافظ سلامة
بطل وزعيم المقاومة الشعبية في مدينة السويس الباسلة
اسأل الله العظيم ان يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته ويلهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان pic.twitter.com/nCSC9I8OeU— مهندس هيثم الحريري (@HaithamElhariri) April 26, 2021
وفاة الشيخ #حافظ_سلامة ، قائد المقاومة الشعبية وبطل حرب أكتوبر ، متأثرا بكورونا ، قاد كتائب شعبية للدفاع عن مدينة السويس بعد أن قرر قائدها العسكري تسليمها للصهاينة ورفع محافظها الراية البيضاء ، وهزم "شارون" في معركة تاريخية ، منحه السادات أعلى الأنواط تكريما لبطولاته ، يرحمه الله
— جمال سلطان (@GamalSultan1) April 27, 2021
وفاة المقاوم المصري الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس أثناء حرب الاستنزاف، وفي معركة صمود المدينة الباسلة ضد الاحتلال خلال حرب أكتوبر 1973.
عاش مناصراً لفلسطين منتصراً لحقها في الحرية وداعماً لمقاومتها بالسلاح.
الصورة من زيارته لغزة في ديسمبر عام 2012. pic.twitter.com/f3maK9abiw— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) April 27, 2021
نعزي مصر والسويس في الشيخ المجاهد بطل المقاومة الوطني الشيخ
حافظ سلامة..أحد فرسان الوطن القلائل pic.twitter.com/ksjYdDNl8D— magdy hemdan (الشهيرب جمال حمدان) (@magdy_mousaa) April 27, 2021
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
وفاة حافظ سلامة بطل المقاومة الشعبية في السويس عن عمر ٩٦ فاللهم ارحمه وأدخله الجنّة مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين آمين pic.twitter.com/vYFTmoHewu— حامد العلي (@Hamed_Alali) April 26, 2021