آخرها بسبب إبراهيم غالي.. ملفات توتر عديدة تضبطها المصالح بين المغرب وإسبانيا
رغم أن ملفات التوتر والأزمات عديدة بين المغرب وإسبانيا، فإن البلدين يلجمان جموح التوتر حفظا للمصالح الكبيرة التي تربطهما. وكان آخر فصول التوتر بسبب إعلان إسبانيا استضافة إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو للعلاج.

في ما يشبه لعبة شد الحبل بين الطرفين، عاد التوتر البارد ليطبع من جديد علاقة المغرب بإسبانيا، في مشهد يتكرر بين مدّ وجزر؛ فالبلدان تربطهما قضايا مشتركة حساسة، ويجمعهما سجل حافل من المصالح الإستراتيجية التي تدفعهما لعدم التصعيد والتعامل بحذر، رغم الأزمات الصامتة والنقاط الخلافية التي تطفو على السطح.
وغدا ارتباك العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين متلازمة تظهر وتخبو بين حين وآخر، ويؤججه الموقف من أهم القضايا المتمثلة أساسا في سبتة ومليلية والصحراء وملف الهجرة.
المغرب يأسف لموقف إسبانيا ويعرب عن إحباطه من موقفها الذي يتنافى مع روح الشراكة وحسن الجوار.
➡️https://t.co/uO9WSS6F15 pic.twitter.com/lWGLL8m6sF
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) April 25, 2021
اقرأ أيضا
list of 3 itemsإسبانيا تؤكد عدم تراخي المغرب في منع الهجرة لسبتة
"من غويا إلى اليوم".. الفن يعزز صلات المغرب وإسبانيا
أسف مغربي
في منعطف جديد ضمن العلاقات المغربية الإسبانية، استدعت وزارة الشؤون الخارجية السفير الإسباني بالرباط لإبلاغه أسفها على موقف إسبانيا على خلفية استضافة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي. وقالت الخارجية الإسبانية إن غالي "نُقل إلى إسبانيا لدواعٍ إنسانية بحتة من أجل تلقي علاج طبي".
وقالت الخارجية المغربية الأحد الماضي "إن المملكة المغربية تعرب عن أسفها لموقف إسبانيا التي تستضيف على ترابها المدعو إبراهيم غالي، زعيم مليشيات البوليساريو الانفصالية، المتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". وأضافت الوزارة -في بيان- أن المغرب يعبر عن إحباطه من هذا الموقف الذي يتنافى مع روح الشراكة، وحسن الجوار، الذي يهم قضية أساسية للشعب المغربي وقواه الحية.
وكانت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا أكدت الجمعة أن العلاقات مع المغرب لن تتأثر بعد استقبال بلادها زعيم جبهة البوليساريو لتلقي العلاج على أراضيها. وقالت الوزيرة -في مؤتمر صحفي- إن "ذلك لن يربك العلاقات الممتازة التي تربط بين إسبانيا والمغرب، فهو شريك مميز لإسبانيا على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والهجرة والشركات ومكافحة التغير المناخي، ولن يتغير ذلك".
وغير بعيد، كانت إسبانيا استدعت في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي سفيرة المغرب لدى مدريد، بعد أن تحدث رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عن إمكانية أن يُفتح ملف سبتة ومليلية في يوم ما.
شد وجذب بلا انقطاع
ويرى الخبير في العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تعرف تاريخيا نوعا من الشد والجذب، خاصة ملفات مثل قضية جزيرة ليلى ومشاكل الهجرة وقضايا سبتة ومليلية، والموقف من الصحراء.
ويعتقد الحسيني -في حديثه للجزيرة نت- أن التوتر الحالي بين البلدين لن يشكل عرقلة جدية أمام استمرار القضايا الأساسية القائمة بين الطرفين، و"لا يمكن أن نتصور قطيعة بينهما، فما يجري اليوم سحابة صيف"، ووصف بلاغ الخارجية بالمعتدل رغم قوة لهجته، حيث لم يدن المغرب موقف إسبانيا، بل عبر عن أسف وإحباط. واعتبر الحسيني أن موقف إسبانيا ينم عن تواطؤ مكشوف والتفاف لما شاب القضية من تزوير في هوية إبراهيم غالي.
من جانبه، يقول خالد الشيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة أن هذا العمل (استضافة غالي) لا يليق، ويجب مساءلة إسبانيا والطرف الوسيط.

قرب ومصالح
تصدرت إسبانيا البلدان الأوروبية والعالمية كأول شريك تجاري للمغرب على مدى 4 سنوات على التوالي، وبلغت قيمة المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا خلال سنة 2019 ما قيمته 15 مليار دولار.
وتجمع المغرب وإسبانيا مصالح عديدة وملفات تعاون في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وترسيخ تعاون تسليم المجرمين وقضايا الأسرة والأحوال الشخصية، وملف تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء، بالإضافة إلى التبادل التجاري والاستثمارات والصيد البحري.
ويعتقد الحسيني أن المغرب منصة إستراتيجية للتواصل مع أطراف عديدة تربطها مصالح بالمنطقة، بالإضافة إلى علاقات مع أفريقيا، وأميركا، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وتحديدا إسبانيا وألمانيا، والصين؛ مما يجعل اللعبة الدبلوماسية معقدة جدا، وتحكمها عملية تنافسية متعددة الأطراف.
غموض ومناورة
ويستطرد الشيات في حديثه للجزيرة نت "أن العلاقات الاقتصادية المهمة التي تجمع البلدين من المفترض أن تجعل العلاقات الدبلوماسية والسياسية في مستوى متقدم". ونعت السياسة الإسبانية بغير المنطقية، وقال إن موقفها يشوبه الغموض.
وازداد تعقيد العلاقات المغربية الإسبانية بسبب معارضة إسبانيا الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه. ويعد ملف الصحراء محورا أساسيا وتاريخيا في العلاقات المغربية الإسبانية.
ويقول الحسيني إن إسبانيا لا ترغب في حصول المغرب على استقلالية كاملة للإقليم للحفاظ على مصالحها، وتبحث عن تمديد نفوذها، معتقدة أن حل ملف الصحراء يحيل إلى استكمال الوحدة الترابية للمغرب، وبالتالي المطالبة بسبتة ومليلية.
وعن ذلك يعتقد الشيات أن العداء الإستراتيجي للمغرب مرتبط بقضية سبتة ومليلية، وأن إسبانيا تسعى لخدمة مصالحها عبر تفويت السلع من دون خلق تنمية بالمغرب. ويضيف أن "انفتاح إسبانيا على أفريقيا بعيدا عن المغرب لا يستقيم، وأن اختيار إسبانيا لنهج التعالي لا يخدم مصالح الطرفين".