رئاسيات 2022.. اليسار الفرنسي يقاوم الاندثار في مواجهة صعود اليمين المتطرف

وجدت صرخة رئيس حزب الخضر للقوى اليسارية بالتغلب على خلافاتها صداها عند أغلب هذه القوى فالتقت يوم السبت 17 أبريل/نيسان في اجتماع تاريخي نادر

Protests Against Pension Reforms in Paris
اجتماع 17 أبريل/نيسان للمّ شمل اليسار انعقد بمبادرة من رئيس حزب الخضر يانيك جادو (الأناضول)

يبدو أن الصفعة القوية التي تلقتها قوى اليسار الفرنسي بعد النتائج الضعيفة والمخيبة للآمال في استطلاعات الرأي الأخيرة أمام اليمين المتطرف كانت حافزا لها للعمل على تجاوز خلافاتها ولمّ شملها، إذ بات وجودها على المحك، كما يقول مراقبون.

وأظهرت الاستطلاعات تقدم اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان مقابل حصول كل الأحزاب اليسارية على نسب ضئيلة جدا في توقعات الانتخابات الرئاسية لعام 2022.

وفي ظل هذه الظروف ونتيجة لهذه التحديات تكثفت الاتصالات والدعوات في الفترة الأخيرة من أجل اجتماع كل عائلة اليسار ومناقشة الصعوبات والخطر الداهم لليمين المتطرف.

وقد انطلقت باكورة هذه الدعوات في شهر مارس/آذار الماضي على لسان النائب الأوروبي ورئيس حزب الخضر يانيك جادو الذي قال في هذا السياق "مسؤوليتنا التاريخية هي التغلب على خلافاتنا".

PRAGUE, CZECH REPUBLIC - APRIL 25: Leader of French National Rally party (RN) Marine Le Pen during a meeting of populist far-right party leaders in Wenceslas Square on April 25, 2019 in Prague, Czech Republic. The Czech Freedom and Direct Democracy party (SPD), a member party of The Movement for a Europe of Nations and Freedom in the European Parliament, is set to officially launch its EU election campaign ahead of next month’s European elections. (Photo by Gabriel Kuchta/Getty Images)
الاستطلاعات توقعت تقدما كبيرا لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان (غيتي)

اجتماع تاريخي

وقد وجدت صرخته هذه صداها لدى أغلب ومختلف القوى اليسارية الفرنسية التي التقت يوم السبت 17 أبريل/نيسان في اجتماع تاريخي نادر ضم 50 طيفا سياسيا يساريا ناشطا، على غرار أحزاب يسارية كبرى مثل "الاشتراكي" و"الشيوعي" و"فرنسا الأبية" و"الخضر" و"اليسار الراديكالي" و"الجيل"، بالإضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة وناشطين يساريين معروفين.

و"نظرا لدقة المرحلة وخطورتها"، جاء هذا التقارب والاجتماع التاريخي لليسار الفرنسي، تحت عنوان "أكون أو لا أكون" الذي ترجمته تصريحات زعامات اليسار وممثليهم.

وقد جاءت دعوة الناشط السياسي اليساري المعروف يانيك جادو في هذا السياق رغم نفَسها التفاؤلي حيث قال "ربما لن ننجح، لكن دعونا نحاول"، بينما جاء تصريح بينوا هامون أكثر حماسة وتحديا، حيث قال "سيكون من الإجرام ألا يتحد اليسار".

إعلان

وأما اليساري الاشتراكي أوليفييه فور فكان أكثر واقعية ومباشرة حين قال لموقع "فرانس إنفو" (Franceinfo)، "إذا لم يتعاف اليسار، فسوف يختفي"، في حين قالت المتحدثة باسم حزب الخضر إيفا ساس، بإصرار "يجب أن نتحد معًا، لأننا ندرك أن هذه هي الطريقة الوحيدة للوجود بالجولة الثانية"، بينما حذر الاشتراكي إيمانويل جريجوار، النائب الأول لآن هيدالغو رئيس بلدية باريس، في تصريحات إعلامية سابقة، قائلا "عليك أن تكون واضحًا في مواجهة استطلاعات الرأي، لأنه إذا ذهب الجميع، فسيتم تحطيم الجميع".

الوحدة أو الاندثار من الخارطة السياسية

ولكل هذه التحديات ربما يكتسب سؤال أهمية هذا الاجتماع التاريخي مشروعيته، ويفرض سؤال المخاطر الوجودية اجتماع العائلة اليسارية الفرنسية للتوحد والعمل جنبا لجنب بخلاف الأعوام السابقة؟

عن جملة هذه الملاحظات والتساؤلات أكدت كورين ناراسيغوين السكرتير الوطني للتنسيق في الحزب الاشتراكي، أن هذا الاجتماع مهم جدا للانتخابات المقبلة، لأنها المرة الأولى التي تجتمع فيها قوى اليسار بهذا الزخم.

وأضافت للجزيرة نت، أن "أهمية هذا اللقاء هي أنه اجتماع جدي، وللمرة الأولى تجتمع عائلة اليسار ليس لمجرد النقاش، ولكن من أجل العمل مع بعضنا بصيغة جديدة ومخطط واضح وبرنامج موحد قادر على مواجهة كل التحديات".

وتابعت ناراسيغوين شارحة حجم هذه التحديات والصعوبات والمخاطر التي تتهدد اليسار، قائلة "ما دفع القوى اليسارية للوحدة هذه السنة، هو ما أظهرته استطلاعات الرأي من أن حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان سيحتل المرتبة الأولى وسيمر للدور الثاني، وفي ظل هذا التشرذم ومع النسب الضعيفة لبقية الأحزاب اليسارية على اختلافها، كان لزاما علينا أن نتوحد معا إذا أردنا أن لا نندثر ونبقى داخل معترك الحياة السياسية".

ومن جانبه، قال المناضل الشيوعي المعروف والمستشار السابق لعمدة باريس بيير منسات للجزيرة نت "هو اجتماع أول لتقريب وجهات النظر، وقد جاء كرد فعل على استطلاعات الآراء الأخيرة التي أظهرت ضعفا واضحا لمختلف الأحزاب اليسارية، وعدم تمكنها من بلوغ الدور الثاني إذا شارك كل حزب وحده".

زعيم حزب اليسار جان لوك ميلانشون
زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون أعلن مبكرا ترشحه للرئاسة الفرنسية (الجزيرة)

استرجاع ثقة الناخب

وبخصوص تأثير توحد قوى اليسار على حظوظ حزب مارين لوبان وبقية الاحزاب اليمينية، قال منسات "مشكلة اليسار الحقيقية اليوم هو كونه في حالة ضعف ويعاني من مشاكل كبيرة، وبالتالي حتى لو اجتمعت كل القوى اليسارية فإن النتيجة ستكون ضعيفة وهناك خطر كبير بعدم قدرتها على تجاوز الدور الأول، والتغلب على مرشحة التجمع الوطني مارين لوبان".

إعلان

وقالت المنسقة الوطنية للحزب الاشتراكي كورين ناراسيغوين للجزيرة نت "إذا استطعنا أن نتفق على برنامج مشترك ومرشح موحد حسب رأيي، نستطيع أن ننافس بجدية مارين لوبان والأحزاب اليمينية ونصل للدور الثاني".

ما يجعل مارين لوبان تتقدم استطلاعات الرأي -تضيف ناراسيغوين- ليس قاعدتها الانتخابية فقط، ولكن أيضا يأس القاعدة الانتخابية لليسار من هذه الفرقة والاختلافات التي تعيشها العائلة اليسارية، لذلك حين نتمكن من استرجاع ثقة الناخب، يمكننا التغلب على مارين لوبان والفوز بانتخابات 2022.

المصدر : الجزيرة

إعلان