تعويل على دعم أفريقي.. ما الذي سيجنيه السودان ومصر من تدويل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي؟
بعد مواقف وصفت بأنها متباعدة في مفاوضات سد النهضة عاد السودان ومصر للتنسيق بينهما في هذا الملف من خلال تبني القاهرة لمقترح الخرطوم توسيع الوساطة لتضم إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مكثفين الضغط على إثيوبيا قبل الملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل

يبدو السودان أكثر تعويلا على رئاسة الكونغو للاتحاد الأفريقي من جنوب أفريقيا، في اتجاه حمل إثيوبيا على قبول تدويل الوساطة بشأن سد النهضة، طبقا لمصادر رسمية تحدثت للجزيرة نت. ورغم أن الخرطوم ترجح عدم موافقة أديس أبابا، فإنها ترى أن "التدويل سيعري مواقفها أمام العالم" بحسب المصادر.
وطالما شكا فريق السودان التفاوضي حول سد النهضة في الغرف المغلقة من أن مصر، بحساب الأضرار، غير مهمومة بالتوصل لاتفاق قبل شروع إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة في يوليو/تموز المقبل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبيد أن روحا من التفاؤل تملكت الوفد السوداني في اجتماع عقده أمس الأحد بعد يوم واحد من زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للخرطوم.
أعلن السيسي عقب مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان، مساندة مصر لمقترح السودان بتبني وساطة رباعية تضم إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ويقول السودان إن الملء الثاني لسد النهضة بـ13.5 مليار متر مكعب يشكل خطرا على سدوده بالنيل الأزرق ويهدد حياة 20 مليون سوداني يقطنون على الضفاف.
مقترح سوداني
ويقول كبير المفاوضين السودانيين مصطفى حسين الزبير، رئيس الجهاز الفني بوزارة الري والموارد المائية، إن الوساطة الرباعية مقترح سوداني كامل الدسم.
ويؤكد الزبير للجزيرة نت أنه بعد تبني مصر لهذا المقترح فإن ذلك يمثل تطورا مفيدا ويشكل ضغطا على إثيوبيا باعتبار أن طرفين من 3 أطراف تريد توسعة الوساطة لأن النهج القديم أثبت عدم جدواه.
وحال رفضت إثيوبيا الوساطة الرباعية يشير كبير المفاوضين إلى أن إثيوبيا حينها ستواجه بضغوط من المجتمع الدولي وسيتم تعرية مواقفها أمام العالم ويمكن حينها للسودان تصعيد شكاوى دولية.
وينوه بأن السودان وعبر الوساطة الرباعية يريد إعطاء نفوذ أكبر للخبراء، لأنهم خلال المفاوضات الماضية لم تكن لديهم الكلمة العليا رغم أنهم أكثر قدرة على التوصل لاتفاق لإلمامهم بالقانون الدولي.
لاعب جديد
وبانتقال رئاسة الاتحاد الأفريقي من جنوب أفريقيا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية أصبحت الأخيرة لاعبا جديدا في مفاوضات سد النهضة الماراثونية.
وخلال فبراير/شباط الماضي ابتعث رئيس الكونغو، رئيس دورة الاتحاد الأفريقي الحالية فيليكس تشيسيكيدي مستشاره الخاص للاتحاد الأفريقي نتومبا لوابا إلى السودان حيث التقى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ووزير الري والموارد المائية ياسر عباس.
وطلب السودان رسميا من تشيسيكيدي تشكيل وساطة رباعية للإشراف على المحادثات بين السودان وإثيوبيا ومصر حول ملء وتشغيل سد النهضة بقيادة الاتحاد الأفريقي وإضافة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا.
وطبقا لمصادر رسمية تحدثت للجزيرة نت، فإن السودان أكثر تعويلا على الكونغو من جنوب أفريقيا التي قادت الوساطة الفترة الماضية بحكم ترؤسها للاتحاد الأفريقي.
لكن المصادر ذاتها تتوقع أن تتمسك إثيوبيا برفض الوساطة الرباعية، وتضيف "عموما سيكون من المفيد تعرية مواقفها دوليا وإقليميا".
ويقول كبير المفاوضين السودانيين في مفاوضات سد النهضة إن السودان طمأن الكونغو، في إطار مبدأ الحلول الأفريقية بأنه لا يريد بالوساطة الرباعية سحب البساط من تحت قدميها بل كل ما يريده توسعة الوساطة برئاسة الاتحاد الأفريقي باعتبار أن تدخل آخرين سيكون مفيدا.

مرافعة قانونية
ويؤكد المستشار القانوني وعضو الوفد السوداني المفاوض هشام عبدالله عبده كاهن أن مقترح الخرطوم لا يخرج عن الوساطة الأفريقية بل هو لتوسيعها تحت رئاسة الاتحاد الأفريقي.
وإزاء رفض المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي تدويل الوساطة وتمسك بلاده باتفاق المبادئ، يوضح كاهن للجزيرة نت أن توسيع الوساطة لا يخرج عن إعلان المبادئ لأن المادة "10" من الإعلان تنص على أنه إذا لم تنجح الأطراف "السودان ومصر وإثيوبيا" يمكن اللجوء للوساطة بموافقة الدول الثلاث.
ويضيف أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي كانت جزءا من مفاوضات سد النهضة بصفة مراقب، والمطلوب الآن ترقية صفتها لوسطاء على أن يكون اللاعب الجديد في هذه المفاوضات هو الأمم المتحدة.
ويقول "ثمة حاجة لتطوير الوساطة، هذا هو الحل الأمثل، لأن العودة للشكل القديم للتفاوض مرفوض بعد 8 أشهر من المفاوضات تباعدت فيها المواقف".

تنشيط الاتصالات
وما أن ضمن السودان تأييد مصر لمقترح الوساطة الرباعية حتى أقر أمس الأحد تنشيط وتكثيف اتصالات جارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي.
وفي ختام مباحثات لوزيري خارجية السودان ومصر، الأسبوع الماضي أعلنت القاهرة تأييدها لمقترح الخرطوم الخاص بتطوير آلية التفاوض حول ملء وتشغيل سد النهضة إلى وساطة رباعية.
ويؤكد كبير المفاوضين السودانيين "الآن هناك اتصالات مع كل أطراف الوساطة".
ويفيد بأن الخرطوم وبشهادة وزارة الخزانة الأميركية ظلت تقدم دائما مقترحات ومبادرات، حيث رعى وزير الخزانة ستيفن منوتشين ورئيس البنك الدولي ديفيد ملباس مباحثات بواشنطن بين الدول الثلاث توصلت في يناير/كانون الثاني 2020 لاتفاق مبدئي لتحديد إجراءات ملء سد النهضة على مراحل لكن إثيوبيا رفضته.
وفي فبراير/شباط الماضي، وصل الخرطوم وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو مبعوثا عن الاتحاد الأوروبي لإجراء مشاورات بشأن توتر الحدود بين السودان وإثيوبيا ومسألة سد النهضة.
#الخرطوم_بعد_التحسينات أنهى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة للسودان _ أمس السبت _ يمكن إضافتها لتدرجات الإنتقال…
تم النشر بواسطة محمد حامد جمعه نوار في السبت، ٦ مارس ٢٠٢١
خيارات مصر
وقال الصحفي والمحلل السياسي محمد حامد جمعة إن القاهرة ترى أن الخرطوم تماهت في قضية سد النهضة مع مواقف رأتها أنها أقرب لموقفها، لأنها عبرت عن قلقها ومخاوفها من عملية الملء الثاني.
وأكد جمعة على حسابه في فيسبوك أن السودان تحول من مقترحه الذي كان يوصف بأنه الأقرب للموقف الإثيوبي بشكل مفاجئ للمطالبة بإضافة شركاء إلى لجنة الخبراء الأفارقة بينما كانت القاهرة تصر على خبراء ومراقبين غربيين.
وتابع "هذا بالضرورة شكل وضعية جديدة يستشف منها أن رؤى السودان ومصر ستكون اثنين مقابل واحد وهو انتقال جديد، وطبيعي أنه سيعني الكثير للقاهرة".
وتوقع أن تساند مصر السودان في أزمته الحدودية مع إثيوبيا، باعتباره الطرف الأقرب، مع عوامل أخرى تتعلق بالداخل السوداني تلزمها بالحضور بقوة.
وأضاف جمعة "مع اتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والفصائل المسلحة والتطبيع ومشروع تطوير الانتقال بالسودان والمدعوم عربيا وغربيا، فالقاهرة أولى بالحضور في المشهد وهذا ربما يقود في مقبل الأيام لانفتاح مصري سياسي واقتصادي بشكل قوي".
وشدد على أن "ملامح التفاهمات العسكرية الأخيرة بين الجيشين السوداني والمصري تعني بالتأكيد أن أي هزة بالخرطوم تربك الوضع، وسيكون بموجب تلك الاتفاقيات للجيش المصري غطاء شرعي لترجيح كفة الطرف المناسب".
