مذكرات رئيس البرلمان التونسي السابق تثير زوبعة.. ما حقيقة محاولة النهضة والشاهد الانقلاب على السبسي؟
تداولت وسائل إعلام محلية بكثافة تفاصيل وصفت بالصادمة لشهادة محمد الناصر التي ضمنها في كتابه، تتعلق بكواليس الساعات الأخيرة قبل وفاة الرئيس الراحل السبسي، وما قال إنها تحركات غير عادية في البرلمان من نواب النهضة وتحيا تونس لتجهيز مخطط انقلاب

بمجرد طرحه في الأسواق، فجّر كتاب رئيس مجلس النواب السابق محمد الناصر جدلا واسعا، بعد اتهامه كلا من حركة النهضة ورئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد بمحاولة الانقلاب على الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي واستغلال مرضه لإعلان الشغور وافتكاك السلطة صيف 2019.
وجاء كتاب "جمهوريتان وتونس واحدة" في شكل مذكرات باللغة الفرنسية، تطرق خلالها الرجل لمسيرته السياسية التي امتدت لنحو 5 عقود وشهادته على محطات حاسمة في تاريخ تونس ولا سيما المتعلقة بما بات يوصف بالخميس الأسود في 27 يونيو/حزيران 2019 والذي أعقب وفاة السبسي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتأخر تشكيل الهيئة الدستورية بتونس ينذر بأزمات سياسية وقانونية
تونس.. من يقف وراء "حراك 14 يونيو" ولماذا آل للفشل؟
تونس.. الأزمات تطيح بالحكومات
وتداولت وسائل إعلام محلية بكثافة تفاصيل وصفت بالصادمة لشهادة محمد الناصر التي ضمنها في كتابه، تتعلق بكواليس الساعات الأخيرة قبل وفاة الرئيس الراحل السبسي، وما قال إنها تحركات غير عادية في البرلمان من نواب النهضة وتحيا تونس لتجهيز مخطط انقلاب.

وأشار الناصر في مذكراته إلى أن تغيبه في ذلك اليوم المشهود عن البرلمان كان بسبب تعرضه لوعكة صحية بسبب الإرهاق الذي صاحب ترؤسه للدورة النيابية، ما استوجب أخذه لقسط من الراحة بطلب من طبيبه الخاص.
ولفت إلى أنه تلقى إرسالية من وزير الدفاع السابق عبدالكريم الزبيدي ليعلمه بدخول السبسي المستشفى العسكري وبتعقد حالته الصحية ومكالمة هاتفية من مدير ديوانه يعلمه بوجود تحركات مريبة بين نواب حركة النهضة وتحيا تونس أمام مكتب نائبه حينها عبدالفتاح مورو.
وقال محمد الناصر في مذكراته إنه تحامل على نفسه وهرع مسرعا إلى البرلمان بعد شعوره بشيء ما يحاك في الكواليس.
وتابع أن ما دعم شكوكه لاحقا ما أسر له وزير الدفاع السابق عن تخطيط نواب النهضة وتحيا تونس لعقد جلسة عامة استثنائية لإعلان الشغور الوقتي بمنصب رئيس الجمهورية بسبب مرضه، وتعويضه برئيس الحكومة يوسف الشاهد عملا بالفصل 84 من الدستور.
وتحدث رئيس البرلمان السابق عن علامات التعجب والصدمة التي لاحظها على وجوه نواب حركة النهضة وتحيا تونس بسبب قدومه غير المتوقع وبأنه شاهد بعضهم يحمل نسخا من الدستور، لكنه تظاهر بعدم الاكتراث.
واعتبر الناصر في كتابه أن قدومه غير المتوقع إلى البرلمان أجهض مخططا للانقلاب على رئيس الجمهورية، لكنه أشار بالمقابل أن ما تحدث عنه من تفاصيل محاولة الانقلاب من نواب النهضة وتحيا تونس لإزاحة السبسي من السلطة وتعويضه بيوسف الشاهد تبقى فرضية لا غير.

مورو ينفي
وعبّر نائب رئيس البرلمان السابق عبدالفتاح مورو في حديثه للجزيرة نت عن استغرابه وامتعاضه الشديد لما ورد في كتاب محمد الناصر من تشويه للحقائق ومغالطات، نافيا ما جاء فيه جملة وتفصيلا حول التخطيط لمحاولة الانقلاب.
وتابع مورو "كنت حاضرا وشاهدا على كل ما حدث في البرلمان يوم الخميس 27 يونيو/حزيران 2019، حيث جلست كعادتي صباحا في مكتبي وأعلمني محمد الناصر في مكالمة هاتفية بأن أنوبه في رئاسة المجلس بسبب وضعه الصحي".
وأشار مورو إلى أن ذلك اليوم كان غير عادي بسبب الأحداث المأساوية التي رافقته بدءا من دخول رئيس الجمهورية السابق إلى المستشفى العسكري وصولا إلى وقوع عمليتين إرهابيتين متزامنتين في قلب العاصمة.
وشدد على أنه طلب شخصيا رفع اجتماع مكتب المجلس بعد تداول وسائل إعلام إماراتية وفرنسية خبر وفاة السبسي، وعقب وقوع العمليتين الإرهابيتين، هاتف رئيس البرلمان محمد الناصر وطلب منه القدوم على وجه السرعة.

ووصف مورو الاتهامات التي جاءت على لسان محمد الناصر لنواب البرلمان بالمضحكة والسخيفة، متسائلا "هل البرلمان يمتلك قوة عسكرية وسلاحا لينفذ مخطط الانقلاب المزعوم؟!".
وشدد على أن الإعلان عن الشغور الوقتي أو الدائم في رئاسة الجمهورية من مهام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين في ظل غياب المحكمة الدستورية، وأنه لا يمكن معاينته وإثباته في غياب أي شهادة طبية تثبت عجز أو وفاة الرئيس.
وختم بالقول "أخشى أن يكون محمد الناصر ضحية معلومات خاطئة نقلها له نائب في البرلمان وأوهمه بوجود مؤامرة ضده، لأنه لم يكن حاضرا حينها وبنى روايته على فرضيات".
وكان القيادي في تحيا تونس مصطفى بن أحمد، قد كتب تدوينة مطولة قال فيها إنه تواصل هاتفيا مع محمد الناصر حول الاتهامات التي طالت نواب الحزب في كتابه وإن الرجل أوضح أنه "تحدث عن تأويلات وليس عن وقائع مثبتة ومتأكد منها".
وأشار بن أحمد إلى أن ما حصل في ذلك اليوم "هو مطالبة بعض النواب من مختلف الكتل عقد جلسة عامة طارئة بعد أن شاع نبأ وفاة المرحوم الباجي قايد السبسي"، معربا عن استغرابه "من نقل محمد الناصر لوقائع تاريخية حساسة دون اعتماد التحري والدقة والوقوع في فخ تشويه الأشخاص دون قصد".

نجل السبسي يعلق
وفي تعليقه على الوقائع التي أوردها رئيس البرلمان السابق بمحاولة الانقلاب على والده، أيد حافظ قايد السبسي نجل الرئيس الراحل ما جاء في شهادة محمد الناصر.
وقال في تصريح خاص للجزيرة نت "رغم أني أفضل في هذا الوقت التحفظ على أي معلومة تتعلق بذلك اليوم المشؤوم، فإني أؤكد أن محمد الناصر الذي رافق والدي في حياته وفي اللحظات الأخيرة من وفاته لا يمكن أن يسرد وقائع خاطئة تسيء لتاريخه ولمصداقيته".
وشدد نجل السبسي على أنه سبق أن تحدث عن المرارة التي شعر بها والده خلال أيامه الأخيرة بسبب تعرضه للغدر من رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد الذي جاء به إلى السلطة ثم انقلب عليه بدعم من حركة النهضة.
وكان النائب السابق عن حزب تحيا تونس حافظ الزواري قد أكد بدوره ما ورد في كتاب محمد الناصر من محاولة الانقلاب الفاشلة التي خطط لها نواب حزبه.
وقال في تصريح إعلامي محلي إن محمد الناصر صادق في قوله، كما اتهم رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد بشغفه بالسلطة وبدخوله في صراعات مع الرئيس الراحل السبسي ونجله حافظ، فضلا عن استغلاله نفوذ الدولة بهدف الفوز في الانتخابات الرئاسية الماضية والتي أخفق فيها.

وزير الدفاع السابق على الخط
ونشر وزير الدفاع السابق عبدالكريم الزبيدي بيانا توضيحيا حول الجدل الذي أحدثه كتاب محمد الناصر، مؤكدا أنه قام بما أملاه عليه واجبه وضميره منذ تعرض الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي لأزمة صحية.
وقال إنه من خلال موقعه في وزارة الدفاع قام "بقطع الطريق أمام المغامرين والمقامرين" في كنف الاحترام التام للدستور ولتأمين السير العادي للدولة.