بعد 10 سنوات على الثورة السورية.. 150 ألف فلسطيني هُجّروا من مخيم اليرموك عاد منهم 500 عائلة
لم تختلف مأساة اللاجئين الفلسطينيين على يد النظام السوري عن ما لاقوه على يد الاحتلال الإسرائيلي قبل 7 عقود، فقصة اللجوء والتشرد واحدة.
ترتسم أمام عينيه رواية والده وجده المحفورة في ذهنه، بعد أن شنت طائرات النظام غاراتها الأولى على مخيم اليرموك عام 2012، رغم أن المكان والزمان مختلفان والمنفذ مختلف أيضا، لكن النتيجة بالنسبة إلى الفلسطيني السوري عمار القدسي واحدة، فقد حل الدمار في كل مكان فيما يعرف بعاصمة الشتات الفلسطيني والمقصود بها "مخيم اليرموك في دمشق"، وقد سمع كثيرا من القصص التي رواها والده عن التغريبة الفلسطينية والمعاناة مع الاحتلال إبان نكبة عام 1948، لذلك تراءى إلى ذهنه تلك القصص بعد أن شاهد أحداثا مألوفة تتكرر أمامه.
قرار المشاركة
لم يكن النظام السوري موجودا عندما وصل الفلسطينيون إلى سوريا، ولم تكن القوانين الأولى المتعلقة بوجودهم ومشاركتهم في الحياة العامة كأبناء جدد لسوريا من وضع النظام، فالشعب السوري هو من استقبل الفلسطينيين.. هذا ما قاله عمار القدسي خلال حديثه عن مشاركة الفلسطينيين السوريين في الثورة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإعدام الذاكرة الفلسطينية في مخيم اليرموك
غضب من نهب النظام بيوت مخيم اليرموك
مخيم اليرموك.. النظام السوري يمنع انتشال الجثث العالقة تحت الركام
ويبرر القدسي الأمر -خلال حديثه للجزيرة نت- أن "الفلسطينيين عاشوا متساوين في الحقوق والواجبات مع السوريين منذ أقر البرلمان السوري قانون المساواة عام 1956، أي قبل وصول نظام الأسد إلى الحكم".
ويؤكد أن النظام السوري لم يفرق بين الفلسطينيين والسوريين، بل زاد في ضرب مخيمات الفلسطينيين لإيصال رسائل مودة للاحتلال الإسرائيلي الذي عانى منه الشعب الفلسطيني على مدى عقود طويلة؛ لذلك كان واجبا على الفلسطينيين في سوريا المشاركة في ثورة الشعب ضد نظام بشار الأسد.
لجوء فنزوح
لم يفرق النظام السوري في ضرب معارضيه أيا كانت هويتهم أو انتماءاتهم أو أماكن إقامتهم، لذلك لم ينجُ الفلسطينيون من بطش قوات النظام، وخصوصا في أكبر تجمعين للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وهما مخيم اليرموك ومخيم درعا.
ويؤكد القدسي الذي أصيب في قدمه جراء قصف للنظام على مخيم اليرموك، أن كثيرا من الفلسطينيين السوريين تعرضوا لانتهاكات جسيمة سواء بالقتل أو التعذيب أو التهجير، ويشير إلى أن النظام استخدم مجموعات فلسطينية مسلحة تابعه له لمهاجمة معارضيه الفلسطينيين في المخيمات، وإحداث شرخ بين الفلسطينيين أنفسهم وبين الفلسطينيين والسوريين.
بعد رحلة اللجوء التي بدأتها عائلته قبل أكثر من 70 عاما، وقف القدسي على مفترق طرق جديد، وقد خرج من مخيم اليرموك مهجرا عقب سيطرة النظام عليه، وبدأ رحلة جديدة من النزوح حطت به في ريف حلب الشمالي، ومثله الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في المخيمات الفلسطينية بسوريا، وهجرتهم الحرب مرة أخرى إلى مدن سورية أخرى وبعضهم لجؤوا إلى بلدان جديدة.
ثمن المشاركة بالثورة
أحصت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا مقتل أكثر من 4 آلاف فلسطيني منذ بداية الثورة قبل 10 سنوات، وأكدت الإحصائيات -التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- أن نحو 1800 فلسطيني سوري يقبعون في معتقلات النظام بينهم ما لا يقل عن 100 سيدة.
كما تشير إحصائيات المجموعة إلى وجود أكثر من 300 لاجئ فلسطيني مفقودين منذ بداية الثورة، وتعليقا على ذلك يقول الصحفي الفلسطيني فايز أبو عيد إن "الفلسطينيين كانوا يعذبون داخل سجون النظام السوري بشكل مضاعف، بحجة أنهم تدخلوا بشؤون سوريّة بحتة".
ويعتقد أبو عيد -وهو مسؤول قسم الإعلام في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا- أن مستقبلا غامضا ينتظر اللاجئ الفلسطيني في سوريا بعد التهجير، وخصوصا أبناء مخيم اليرموك في دمشق.
ويشير إلى أن عدد العائلات الفلسطينية التي عادت إلى مخيم اليرموك -الذي يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني بسوريا- أقل من 500 عائلة، في حين كان يقطنه أكثر من 150 ألف شخص عام 2011، وقد تغيرت ملامح الوجود الفلسطيني في سوريا خلال العقد الماضي بين دمار ونزوح بعد اللجوء واعتقالات وقتل يصفه معارضو النظام بالوحشية التي فاقت وحشية الاحتلال الإسرائيلي.