تدمير وهدم وتجريف.. أساليب النظام المختلفة للتغيير الديمغرافي بمناطق سوريا
يمثّل حي القابون نقطة وصل بين الغوطة الشرقية ودمشق، فهو يبعد عن مركز العاصمة أقل من 4 كلم، وقد شكل موقعه الإستراتيجي خطرا على العاصمة أهم معاقل النظام في البلاد، لذلك ركز النظام على الحي الذي انتفض أهله منذ بدايات الثورة السورية.
يستنشق حمزة عباس الهواء القادم من الجهة الجنوبية لعل بعضا منه قد مرّ بمدينته دمشق وبحيه القابون، فقد طال فراقه عن حي القابون بعد نزوحه إلى مدينة عفرين بريف حلب الشمالي.
لكن حمزة يبدو يائسا من إمكانية عودته إذا ما تهيأت الظروف السياسية في البلاد، فحيّه واحد من المناطق التي يسعى النظام إلى تغيير معالمها ديمغرافيا، فلا يكون أصحاب المناطق بعدها هم أهلها الحقيقيون، وتدخل تلك المناطق في دوامة جديدة، وربما مفاوضات وتسويات مختلفة أفضلها قد يكون مُرّا على أصحابها.
تدمير وتهجير
يمثّل حي القابون نقطة وصل بين الغوطة الشرقية ودمشق، فهو يبعد عن مركز العاصمة أقل من 4 كلم، وقد شكل موقعه الإستراتيجي خطرا على العاصمة دمشق أهم معاقل النظام في البلاد، لذلك ركّز النظام بشكل أكبر على الحي الذي انتفض أهله منذ بدايات الثورة السورية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحرب الديمغرافيا.. الحملة الممنهجة على الأغلبية السورية
"اتفاق الوعر".. استكمال للتغيير الديمغرافي بسوريا
التغيير الديمغرافي بسوريا.. لا ملكية لمعارض أو مهجّر
يقول حمزة -في حديثه للجزيرة نت- إن النظام السوري حاول اقتحام الحي مرات متعددة، سواء كانت زمن سلمية الثورة ومظاهراتها أو ما بعد ذلك.
ويضيف حمزة أن مما يدل على أهمية الحي عند النظام، أن إحدى الحملات العسكرية لقواته استمرت نحو 8 أشهر، مؤكدا أن دمارا كبيرا لحق بالحي وقارب 90% منه، جراء قصف النظام السوري وروسيا.
كما أوضح أن منزله في الحي دُمر كاملا عام 2017، وقبل تهجيرهم الذي جرى في السنة ذاتها. وعن وضع المنزل حاليا قال إن النظام عمل على تجريف الحي حتى لم يبقَ منه إلا 10%، وأصدر قانونا ينص على إعادة تنظيمه بطريقة المدن الكبرى التي لا يعرف أهلها بعضهم بعضا، ليضمن النظام بعد ذلك أن ما حدث قبل 10 سنوات لن يتكرر.
أما القانون المعروف باسم القانون رقم 10، فيمنع النظام من خلاله أهالي القابون من التحكم أو بيع الأراضي التي كانت عليها بيوتهم قبل تجريفها، ويحول الحي بالكامل إلى إدارة أحد رجال الأعمال الموالين له كي ينهض بمشروعه الجديد، ظننا منهم أن إقامته قد تنسف مشروع الحرية الذي بدأه أبناء الحي مع باقي مكونات الشعب السوري مع انطلاق الثورة قبل عقد من الآن.
أسباب متنوعة
ليس حي القابون إلا نموذجا واحدا للمناطق التي يسعى النظام السوري إلى إحداث تغيير ديمغرافي فيها، لكن الأسباب غالبا لا تكون واحدة، لأن الثورة السورية لفتت أنظار النظام إلى تلك المناطق عقب أحداث غير متوقعة جرت فيها.
ولعل أبرز المناطق: "القابون" و"داريا" بسبب قربهما الجغرافي من العاصمة، و"الزبداني" و"القلمون" بريف دمشق، و"القصير" بريف حمص، لقرب تلك المناطق جغرافيا من الحدود اللبنانية، طريق إمداد حزب الله الذي يسيطر عليها فعليا في الوقت الراهن.
إضافة إلى "المليحة" و"أحياء جنوب دمشق" التي كانت خارج سيطرة النظام وشكلت خطرا كبيرا على العاصمة، وحي "الست زينب" الذي يشكل معقلا إيرانيا في العاصمة السورية لما يحمله من طابع طائفي لهم.
أما طرائق التغيير، فالنظام يتبع -بحسب ما يقول معارضون- سياسات مختلفة بحسب كل منطقة، فالمناطق المحاذية للحدود السورية مع لبنان وحي الست زينب وأحياء في حمص، يسعى النظام من خلال حلفائه إلى بناء تركيبة سكانية مختلفة فيها، أما المناطق الأخرى مثل حي القابون وأحياء جنوب دمشق، فيتذرع بالتنظيم الجديد لهدمها وجرفها وإعادة بنائها بطريقة مغايرة للسابق.
مجتمع متجانس
وتمكن النظام السوري من تطبيق مشروع التغيير الديمغرافي الذي يخطط له في عدة مناطق، ويرى الناشط الحقوقي أمجد المالح أن النظام طبق ما يريد من تغيير ديمغرافي في جميع المناطق، وبدأ الآن بحصد النتائج.
وأكد المالح -في حوار مع الجزيرة نت- أن تصريح رأس النظام بشار الأسد الذي قال فيه "وصلنا إلى مجتمع سوري أكثر تجانسا"، هو عنوان لمرحلة الحصاد بعد عمليات التهجير والتغيير في المناطق، مؤكدا أن هذا الأمر سيؤثر على مستقبل سوريا وكيفية الحل فيها.
وبحسب المالح، فإن النظام السوري نفسه خسر مناطق من سوريا لن تكون تحت نفوذه حتى لو استمر في حكم البلاد، لأنها أصبحت مناطق نفوذ إيرانية وأخرى لمليشيا حزب الله اللبناني.
وتكشف إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن وجود أكثر من 13 مليون سوري خارج منازلهم، وأوضحت إحصائيات الشبكة التي أطلعت عليها الجزيرة نت أن هناك نحو 6 ملايين نازح داخل البلاد، وقرابة 7 ملايين لاجئ خارج البلاد، ويشكل إطالة أمد الحل في سوريا ترسيخا أكثر لهم في مناطق إقامتهم، وتعزيزا لمشاريع النظام في المناطق التي يسعى إلى إقامة وضع جديد فيها، خصوصا بعد دخول الثورة عامها الحادي عشر.