حرب خدمات تولد صيفا ساخنا في عدن.. شهادات للجزيرة نت عن الانقطاع المستمر للكهرباء بالعاصمة المؤقتة
الحكومة اليمنية أعلنت عن حزمة إجراءات وتدابير عاجلة لمعالجة الاختلالات التي تشهدها البلاد في الجانبين الاقتصادي والخدمي، وفي مقدمتها الانقطاع المتواصل للكهرباء، لكن ناشطين اعتبروا ما أعلنته الحكومة محاولة منها لامتصاص غضب الشارع دون أن يتعدى هذا الإجراء الإعلان عنه أو كحقنة تخدير لعدة أيام يعود بعدها الوضع أسوأ مما كان عليه
تصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن ومحافظات لحج وأبين وحضرموت في جنوبي اليمن خلال الأسبوعين الأخيرين بسبب تردي وانقطاع خدمات الكهرباء والمياه عن السكان لأيام متواصلة.
الحكومة اليمنية أعلنت عما قالت إنها حزمة إجراءات وتدابير عاجلة لمعالجة الاختلالات التي تشهدها البلاد في الجانبين الاقتصادي والخدمي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsقلق من استهداف خطوط الكهرباء باليمن
احتجاجات على تردي الخدمات في عدن.. من المسؤول؟
تخريب الكهرباء باليمن.. ورقة في الصراع السياسي
وقال رئيس الحكومة معين عبد الملك في مؤتمر صحفي بمدينة عدن الأربعاء الماضي -عقب اجتماع استثنائي للحكومة كرس للملف الاقتصادي والخدمي والوضع العسكري والأمني- إن الحكومة اتخذت تدابير عاجلة لمعالجة تلك القضايا، وفي مقدمتها تراجع خدمة الكهرباء وازدياد ساعات انقطاعها عن السكان، وأزمة المشتقات النفطية، وانخفاض سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية والتي بلغت أكثر من 400% خلال 6 سنوات.
وعود مكررة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها حكومة يمنية إجراء كهذا في كل مرة يبلغ فيها غضب الشارع ذروته، وذلك في محاولة لامتصاص غضبه، دون أن يتعدى هذا الإجراء الإعلان عنه أو كحقنة تخدير لعدة أيام يعود بعدها الوضع أسوأ مما كان عليه، كما يقول الصحفي شكري حسين.
وخلال السنوات العشر الأخيرة -يضيف حسين- ارتفعت معاناة سكان تلك المحافظات التي شهدت خلالها الخدمات الأساسية تدهورا متواصلا، خاصة خدمتي الكهرباء والمياه، دون أن تظهر أي جهود، سواء من قبل الحكومات الرسمية المتعاقبة أو من قبل سلطات الأمر الواقع المتمثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يشارك في الحكومة بـ4 حقائب وزارية والمسيطر فعليا بشكل شبه كامل على تلك المحافظات وغيرها من محافظات جنوب اليمن.
وقال المجلس في بيان له بالتزامن مع اتساع رقعة الاحتجاجات إنه ينتظر من الحكومة موقفا واضحا مما وصفها بحرب الخدمات التي تفتعلها بعض الجهات لإخضاع الشعب، وإنه طلب من وزرائه في الحكومة اتخاذ موقف واضح وحاسم تجاه ما يحدث.
تنازع الصلاحيات
بدوره، يقول الناشط والباحث الاقتصادي صالح الجفري إن من مصائب القدر على الناس في محافظات عدن وأبين ولحج وحضرموت أن يظل أمر تنازع صلاحيات السيطرة على شؤونها معلقا وغير محسوم بين سلطات الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، الأمر الذي جعل كثيرا من الملفات -وبينها ملف الخدمات- حاضرة بقوة في صراع الطرفين ويستخدمها كل طرف للضغط وابتزاز الآخر.
ويضيف أنه لا يظهر في الأفق ما ينبئ بحل جذري للأزمة بسبب تقاعس ورمي كل طرف الكرة في ملعب الآخر.
من جهته، قال مدير عام مؤسسة الكهرباء في عدن المهندس مجيب الشعبي إن أبرز أسباب الانقطاعات تتلخص في عدم توفر الوقود لتشغيل المحطات، بالإضافة إلى غياب البرنامج الاستثماري منذ منتصف 2014 والذي كان يساعد المؤسسة في توفير قطع الغيار والزيوت ومستلزمات الشبكة الداخلية من خطوط ومحولات.
وأشار الشعبي إلى أن من الأسباب الأخرى للانقطاعات هو أن أغلب المشتركين لم يسددوا ما عليهم من مستحقات للمؤسسة حتى تفي بالتزاماتها للغير، بالإضافة إلى عملية الربط العشوائي التي يقوم بها كثيرون في ظل غياب الأمن وانتشار السلاح وعدم قدرة موظفي المؤسسة على منع هذه الأعمال.
وأوضح أن حاجة مدينة عدن فقط من الطاقة تتراوح بين 600 و700 ميغاوات، فيما يبلغ التوليد حاليا في أقصى حالاته 150 ميغاواتا، معتبرا أن وضع الكهرباء في غاية الصعوبة.
وتبلغ التكلفة الإجمالية لمحطات الكهرباء شهريا نحو 60 مليون دولار، منها 30 مليونا قيمة وقود لمحطات التوليد.
تبريرات واهية
ولا يرى الباحث الجفري في تبريرات وموقف الحكومة ومؤسسة الكهرباء منطقا موضوعيا، حيث يؤكد أنه بمقدور الحكومة ومؤسساتها المختصة أن تفي بالتزاماتها تجاه رعاياها، وأن هناك الكثير من الممكنات أمام الحكومة لتحقيق قدر كاف من الاستقرار في خدمات الكهرباء والمياه، وأن كثيرا من الموارد إذا ما تمت جبايتها وتحصيلها بشكل قانوني سليم وبعيدا عن أوجه الفساد كفيلة بذلك.
آخر العلاج
لجأ الأهالي للتغلب على هذه المعاناة إلى شراء مولدات الطاقة المنزلية، ولكنهم واجهوا مشكلة أخرى بعدم توفر المشتقات النفطية لتشغيلها والتي تشهد هي الأخرى أزمة خانقة جراء عدم قدرة الحكومة على استيرادها وترك عملية الاستيراد للتجار الذي يتلاعبون في تصريفها للسوق المحلي، بسبب تعقيدات إجراءات عمليات الاستيراد في ظروف الحرب التي تعيشها البلاد.
ودفع ذلك الأهالي إلى اللجوء لاستخدام الطاقة البديلة (ألواح الطاقة الشمسية) كآخر حل أمامهم على الرغم من أنها لا تفي بكافة متطلبات الأسر في المنزل ويقتصر جهدها على الإنارة وتشغيل مراوح الهواء، ولكن من باب "آخر العلاج الكي" كما يقول المثل الشعبي.