مسؤولون تحدثوا للجزيرة نت.. ما خيارات الحكومة اليمنية لمواجهة التصعيد الحوثي في مأرب؟

Government soldiers walk at the site of a Houthi missile attack on a military camp's mosque in Marib
الحوثيون يشنون هجوما عنيفا على مأرب آخر معاقل الحكومة بالشمال للسيطرة عليها (رويترز)

مع تكثيف الهجوم على محافظة مأرب من قبل قوات جماعة الحوثي لليوم التاسع على التوالي، تعالت أصوات برلمانية للتحذير من سقوط المدينة -التي تحتل مكانة سياسية واقتصادية وإستراتيجية مهمة- تحت سيطرة الحوثيين في الصراع الدائر اليوم.

وشدد برلمانيون على ضرورةِ الانسحاب من اتفاق ستوكهولم الذي أُبرم مع الجماعة عام 2018، وفتحِ جبهات قتال متعددة مع الحوثيين لتخفيف الضغط على مأرب، إلا أن الموقف الحكومي في الحشد العسكري والدعم لايزال ضعيفا، حسب متابعين.

وتحمل معركة مأرب أهمية كبيرة في الصراع الدائر حاليا، حيث يسعى الطرفان إلى الظفر بها، لما تمثله من رمزية عسكرية واقتصادية وسياسية في الصراع اليمني.

يقول فياض النعمان وكيل وزارة الإعلام "إن الحرب الحقيقية توقفت من قبل الشرعية اليمنية منذ أن تم التوقيع على اتفاق ستوكهولم، وهو الإنجاز الوحيد الذي استطاعت الأمم المتحدة تحقيقه عبر مبعوثها الأممي لليمن مارتن غريفيث، والمتمثل بعدم تحرير الحديدة، وقطع الشريان الأخير لتهريب الأسلحة والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة والألغام لمليشيات الحوثي من إيران".

الحكومة تلمح بتعليق ستوكهولم

وقال النعمان للجزيرة نت "إن اتفاق ستوكهولم مجرد حبر على ورق، ولم يتحقق منه شيء على الصعيد الإنساني أو الاقتصادي، أو الحصار القائم على مدينة تعز، بل إنّ البعثة الأممية في الحديدة بمثابة المختطفة قسرا من قبل الحوثي".

ويرى النعمان أن هذا الوضع يتطلب الشروع بتعليق العمل به بشكل مباشر، وإتاحة الفرصة للجيش لإنهاء سيطرة الحوثي في الحديدة، رغم أن الحكومة الشرعية تتعامل مع المجتمع الدولي بمسؤولية، على حد قوله.

لم يعلق مباشَرة على عدم حشد الحكومة بشكل كبير للجبهات، لدعم معركة مأرب، واكتفى بالقول إن ما تشهده مأرب يحتم على القيادات العسكرية بمختلف مواقعها ورتبها أن تقوم بواجبها حيال هذا التصعيد وتحريك الجبهات العسكرية مع المليشيات، دون إيجاد أية مبررات كانت، سواء ستوكهولم أو غيرها.

ورأى أن عدم قيام القيادات العسكرية بواجبها -في الدفاع عن الأرض والعرض في هذه المرحلة- يضع علامات استفهام كبيرة حيال تلك القيادات العسكرية.

ويضيف النعمان "من كان هدفه إسقاط الانقلاب واستعادة الجمهورية لا ينتظر السماح أو الإذن من أحد في مواجهه عدوان إرهابي على المدنيين، وعلى المحافظات المكتظة بالنازحين".

Displaced Yemeni girls are seen near a watercourse at a refugee camp located between Marib and Sanaa, Yemen March 29, 2018. REUTERS/Ali Owidha
النازحون من مأرب يعيشون ظروفا صعبة (رويترز)

في السياق ذاته، يقول مندوب اليمن لدى اليونسكو الدكتور محمد جميح "اتفاق ستوكهولم لم يعد قائما منذ أن سحب الحوثي مسلحيه من الحديدة في الأسابيع الثلاثة المحددة بعد توقيع الاتفاق، علاوة على الخروقات اليومية للاتفاق من طرف المليشيات".

وأضاف جميح للجزيرة نت أن الهدف المعلن من اتفاق ستوكهولم هو وضع حجر في زاوية العملية السلمية في اليمن، غير أن نتيجة هذا الاتفاق كانت مغايرة تماما، إذ أسّس لمزيد من الصراع في مناطق أخرى في حجور وإب وتعز والضالع والبيضاء ومأرب والجوف وغيرها.

وقال "كان الاتفاق مُزمّنا، غير أن المبعوث الأممي غريفيث رفع حدود الأزمة والإطار الزمني بعد أن فشل في إقناع الحوثيين بالالتزام به، وهو الأمر الذي جعل الحوثيين يطمئنون إلى توقف الجبهة، ومن ثم الانطلاق إلى جبهات أخرى".

وبخصوص دعم الحكومة للجبهات، يقول جميح إن هناك بعض الدعم، ولكن المعركة المصيرية تحتاج تسخير كافة الإمكانات، وتحريك بقية الجبهات وألوية عسكرية لدعم مأرب.

لا تفريط في مأرب

ومن جهته يقول المحلل السياسي عبد الناصر المودع إن الحوثيين يعتبرون مأرب بمثابة الجائزة الكبرى في الحرب، كونها منطقة النفط والغاز، وهو ما يمنحهم مصادر قوة كبيرة، ويحرم خصومهم منها، فضلا عن أنها المركز الرئيس للخطر عليهم، وفي حال سيطروا عليها فإنهم يكونون قد حسموا جولة الحرب لصالحهم.

ويرى المودع في حديثه للجزيرة نت أن هذه الأهمية لمأرب ستجعل الطرف الآخر لا يفرط فيها، وسيستمر في مقاومة الهجوم الحوثي، مشيرا إلى أن حزب الإصلاح -الذي يسيطر على مأرب التي تُعد مركز ثقله الأساسي في اليمن- لن يفرط فيها. ويضيف أن السعودية أيضا لن تفرط في مأرب، ما يجعل المعركة بشأنها أهم المعارك في الحرب الدائرة في اليمن منذ 6 أعوام.

‏وبخصوص دعوة بعض البرلمانيين بإنهاء اتفاق ستوكهولم وفتح جبهة في الحديدة، يرى المودع أن ذلك لا يحمل معنى حقيقيا، كون الاتفاق برعاية دول كبرى لن تسمح بإلغائه، إضافة إلى أن الإمارات المشرفة على الجبهة لن تسمح بأي عمليات هجومية فيها.

وأشار إلى أن الإمارات أكدت بشكل رسمي أنها لم تعد في حرب مع الحوثيين، وهذا الأمر تم وفق اتفاق وتفاهم مع إيران، ومن غير المتوقع أن تغامر وتسمح بفتح جبهة مع الحوثيين قد تهدد أراضيها، خصوصا في غياب ما يشير إلى أن السعودية ستتولى أمر جبهة الحديدة، حسب رأي المودع.

الحكومة غطاء لتدخل بلا إستراتيجية

ويرى المحلل السياسي أن استمرار الحوثيين في مهاجمة مأرب ناتج عن غياب الإستراتيجية الواضحة في التعامل مع الحوثيين، حيث تم تجميد هذه الجبهة مدةَ 3 أعوام، وهي أهم جبهات الحرب.

ويرى المودع أنّ الحكومة الشرعية آخر طرف لديه القدرة على التخطيط والتحكم بمجريات الأحداث في اليمن.

من جانبه، يرجع المحلل السياسي ياسين التميمي ضعف موقف الحكومة في هذه المعركة إلى الشلل الذي أصيبت به نتيجة التآمر على الجيش الوطني، ووضعها المزري في عدن.

ويضيف التميمي للجزيرة نت أن هناك تأثيرا لحالة الانقسام التي تسمح لجزء من الشرعية بالتواطؤ في المعارك الحاسمة التي يشهدها محيط مأرب.

ويشير إلى أن "الجميع يتصرف على أساس القبول بنتيجة المعركة في أي اتجاه ذهبت، سواء لتصفية نفوذ ثورة فبراير، أو هزيمة الحوثيين، وهو تواطؤ شهدنا مثله في عمران وصنعاء".

السيطرة على النفط وبقية الشمال

ويرى التميمي أن السيطرة على مأرب تمثل هدفا قديما بالنسبة للحوثيين، كونها محافظة نفطية، والسيطرة عليها تمثل استكمالا للسيطرة على الجزء الشمالي من البلاد، وهو هدف يلتقي مع المخططات الإماراتية والترتيبات للتحالف بشكل عام.

ويرى أن الموقفين الإقليمي والدولي "لا يُظهران حساسية تجاه تقدم الحوثيين، لأن الطرف الآخر وضعت حوله دوائر عديدة، فهو جزء من الربيع العربي الذي يدفع بالشعب نحو امتلاك زمام المبادرة، وهو أمر مرفوض من قبل من يريد الاستمرار في التحكم بهذه الأمة".

المصدر : الجزيرة