خبير أمني فرنسي: رهان مالي على مرتزقة فاغنر قد ينقلب لخيبة أمل
اعتبر الجنرال الفرنسي برونو كليمان بولي (Bruno Clément-Bollée) المدير السابق للتعاون الأمني والدفاعي في وزارة الخارجية الفرنسية والخبير الأمني المختص في قضايا أفريقيا ومنطقة الساحل، أن الحديث عن وجود مرتزقة روس من مجموعة "فاغنر" المقربة من الكرملين في مالي، يمليه منطق القوة الذي باتت تتبناه روسيا فلاديمير بوتين الساعية لإعادة نفوذها إلى القارة السمراء وفق سياسة مخطط لها.
وأكد كليمان بولي -في مقابلة مع موقع قناة "تي في 5 موند" (TV5 Monde) الفرنسية- أن وجود قوات شبه عسكرية روسية في هذا البلد سيساعد المجلس العسكري الحاكم على البقاء في السلطة، لأنه سيسمح له بالاعتزاز بحقيقة أن لديه ما يكفي من القوات للحفاظ على الوضع الأمني في البلاد، وأنه بالتالي ليس بحاجة لدعم المجتمع الدولي لأن البلد "ذو سيادة"، وهي ذات الرسالة تقريبا التي تعبر عنها السلطات المالية حاليا.
وأشار الخبير الفرنسي إلى أن هذا الاعتقاد يزداد رسوخا في ظل أزمة الثقة الحاصلة بين مالي وشركائها، وهو ما تؤشر إليه مثلا طريقة استقبال ممثلي "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا" (سيدياو) في باماكو من قبل قادة المجلس العسكري.
يضاف إلى ذلك أن من غير المرجح أن تنظم الانتخابات المقررة في نهاية فبراير/شباط المقبل في موعدها، نظرا لغياب إطار عمل صحي ومستقر يسمح بذلك ولعدم رغبة السلطات المالية في تدبير هذا الملف بالشراكة مع الدول الغربية.
ويحذر كليمان بولي المسؤولين الماليين من أن رهانهم العسكري على نحو ألف عنصر من مرتزقة فاغنر لتأمين كافة الأراضي المالية قد يكون رهانا خاسرا وينقلب إلى "خيبة أمل"، مؤكدا أن غاية المجلس العسكري الحالي لا تعدو أن تكون رغبته في التحرر من الإطار السياسي الذي وضعه المجتمع الدولي والبقاء في السلطة.
ويضيف الخبير أن وجود المرتزقة الروس -"المتحررين من أي وازع قانوني أو أخلاقي"- في البلاد، قد يتسبب في ظهور توترات بين السكان والقوة الوطنية التي تعمل بالتنسيق معهم، ولن يساعد في خلق مناخ صحي داخل بلد غير مستقر إطلاقا من الناحية السياسية.
فضلا عن ذلك، فإن وجود المرتزقة الروس في مالي -المتدهورة اقتصاديا- له تكلفته وليس على الأرجح منة من موسكو للسلطات المحلية. ويتم الحديث عن تكلفة استئجار تناهز حوالي 10 ملايين دولار شهريا، فضلا عن وجود جيولوجيين روس داخل البلد، مما يرجح فرضية المكافأة عبر مصادر التعدين مثل الذهب، كما هي الحال مع الألماس في جمهورية أفريقيا الوسطى.
على صعيد آخر، يرى الخبير الفرنسي أن وجود عناصر فاغنر "الذين لا ينصاعون لأحد" داخل هذا البلد الأفريقي، قد يطرح مشاكل عملياتية وفي التنسيق بين مكونات القوات المسلحة النظامية الغربية الموجودة هناك، ويعقّد مساعيها في محاربة الجماعات الجهادية بمنطقة الساحل.
ويضرب كليمان بولي مثالا لذلك بما حدث في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث قررت قوة الاتحاد الأوروبي -المسماة "بعثة التدريب الأوروبية" (European Training Mission) والتي عملت على تدريب وتأهيل قوات هذا البلد- وقف مهمتها هناك بمجرد أن علمت أن جنودا كانت تدربهم باتوا تحت إمرة عناصر فاغنر، وهو أمر مثير للقلق في الحالة المالية حيث توجد قوة "برخان" في خضم مرحلة من إعادة الهيكلة والتنظيم.