تجارب صاروخية ومناورات للمقاومة في غزة.. رسائل تحذير أم اختبار قدرات؟
تُقدّر الأوساط العسكرية أن الجيش الإسرائيلي غير مستعد لحرب جديدة على غزة، ويخشى المسؤولون الإسرائيليون مما يسمونه "سيناريو أكثر رعبا على إسرائيل في حال دخولها الحرب المقبلة" تشارك فيه المليشيات الموالية لإيران في سوريا واليمن والعراق، وتطلق خلاله حماس أكثر من 3 آلاف صاروخ يوميا على إسرائيل.

غزة- تستعد غرفة العمليات المشتركة التابعة لفصائل المقاومة في غزة، لتنفيذ مناورة عسكرية كبرى تحت عنوان "الركن الشديد 2″، قبل نهاية العام الجاري، بهدف رفع الجهوزية القتالية، وتعزيز التنسيق بين الأجنحة العسكرية المختلفة.
وتشهد غزة هذه الأيام حراكا ملحوظا من جانب المقاومة، واجتماعات على مستويات عليا، آخرها بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، بمشاركة فريدة من نوعها لقيادات عسكرية من الذراعين العسكريين للحركتين (كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس).
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمطوّر صواريخ القسام الذي اغتالته إسرائيل.. "الجزيرة نت" في حضرة أسرة جمال الزبدة
استهداف حقول الغاز لم يكن صدفة.. كيف خططت المقاومة الفلسطينية لتدمير الحلم الإسرائيلي؟
صواريخ مضادة للدروع مؤثرة في معركة غزة.. هل تفوق “الكورنيت” على “الكابينت”؟
وبحسب وسائل إعلامية تابعة للحركتين، فإن الاجتماع يأتي لرفع مستوى التنسيق بينهما، والوقوف على تطور قدرات المقاومة العسكرية.

تجارب صاروخية
وعلى وقع هذا الحراك، والاستعداد للمناورة الكبرى، نفذت المقاومة -صباح أمس الأحد- عددا كبيرا من التجارب الصاروخية باتجاه البحر.
وقال المتحدث باسم حماس في غزة حازم قاسم -للجزيرة نت- إن "هذه التجارب تندرج في سياق الجهد المستمر من جانب كتائب القسام والمقاومة لتطوير منظومتها الصاروخية، والحرص على امتلاك كل سبل القوة المتاحة وتطويرها كميا ونوعيا، والاستعداد الدائم لأي تطورات محتملة".
ووفقا للناطق باسم الحركة، فإن الاحتلال لم ينجح خلال "معركة سيف القدس" (الاسم الذي تطلقه المقاومة على الحرب الإسرائيلية الأخيرة مايو/أيار الماضي)، في النيل إلا من جزء يسير من قدرات المقاومة وإمكانياتها، وبمجرد توقف الحرب "عادت المقاومة إلى خنادق الإعداد والتجهيز لترميم وتطوير قدراتها وإمكانياتها العسكرية".
وتأتي هذه التجارب والمناورات، بحسب قاسم، بالتزامن مع "حرب حقيقية على المستوى الاستخباراتي والأمني بين المقاومة والاحتلال"، وتهدف إلى "تحسين أدوات المقاومة والتأكد المستمر من الجهوزية".
وأكد أن كتائب القسام ومعها فصائل المقاومة لا تتوقف عن تطوير "القوة الصاروخية" بوصفها أحد أهم أسلحتها، واختبار أنواع مختلفة من الصواريخ (محلية الصنع) من حيث المدى والقدرة التدميرية ودقة الإصابة.
"الركن الشديد" بعد "درع القدس"
ورصدت وسائل إعلام إسرائيلية 21 تجربة صاروخية نفذتها المقاومة خلال 24 ساعة، منها 14 تجربة نهار أول أمس السبت فقط. وكان من السهل سماع دوي الانفجارات الناجمة عن هذه التجارب الصاروخية في أنحاء قطاع غزة.
وقال قاسم إن مناورة "الركن الشديد 2" المرتقبة، بإشراف غرفة العمليات المشتركة -التي كان تشكيلها من الأجنحة العسكرية في غزة- سابقة في تاريخ النضال الوطني، بحسب قوله، ستحمل رسائل قوية تثبت أن "المقاومة لا تزال بخير وقادرة على حماية شعبها".
وقبل أيام قليلة، نفذت كتائب عز الدين القسام منفردة مناورة عسكرية أطلقت عليها "درع القدس"، قال مراقبون إنها استعرضت خلالها "خططا هجومية".
وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، نفذت الغرفة المشتركة مناورة عسكرية باسم "الركن الشديد"، بمشاركة 12 جناحا عسكريا، وصفت حينها بأنها "الأولى والأكبر من نوعها في قطاع غزة"، وشهدت كثافة في التجارب الصاروخية تجاه البحر، فضلاً عن أنشطة عسكرية متنوعة برا وبحرا وجوا.

تجارب ومناورات برسم التهديد
ويربط خبراء عسكريون بين حراك المقاومة الحالي، وتهديدات مصدر مسؤول في حركة حماس -قبل بضعة أيام- بالتصعيد ردا على "الابتزاز الإسرائيلي والمماطلة في ملفات رفع الحصار وإعادة الإعمار".
ويربط الخبير المختص في العلوم العسكرية والأمنية، محمود العجرمي، بشكل "وثيق" بين كثافة التجارب الصاروخية الحالية والحراك النشط للمقاومة في غزة، وبين تهديدات حماس القوية لإسرائيل وانتقادها اللاذع للوسيط المصري، لجهة التباطؤ في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتخفيف الحصار والإسراع في إعمار ما دمرته الحرب.
وتريد حماس والمقاومة -بحسب العجرمي- تحقيق أهداف عدة من وراء هذه التجارب، أهمها "إثبات جدية التهديدات"، وأنها لن تستسلم للواقع المرير في غزة، أو الخضوع للابتزاز الإسرائيلي بربط ملفات إنسانية كتخفيف الحصار، بملف صفقة تبادل الأسرى.
وقال العجرمي للجزيرة نت: "يبدو أن رسائل المقاومة وصلت سريعا، إذ نرى وصول وفود مدنية وأمنية مصرية تجاه غزة، لتحريك الملفات الجامدة".
وبالنسبة للخبير العسكري والأمني، فإن تزامن التجارب الصاروخية مع الاستعدادات لمناورة عسكرية كبرى بمشاركة واسعة من الأجنحة والتشكيلات العسكرية يحمل رسالة مهمة تشير إلى "الدرجة الرفيعة من التنسيق بين فصائل المقاومة، وتوزيع الجهد وتوظيف قدراتها وقت الحاجة عند اندلاع أي مواجهة محتملة (..)، وهذا ما أثبته اجتماع حماس والجهاد الإسلامي الأخير بمشاركة قيادة عسكرية من الحركتين لأول مرة".

احتمالات المواجهة والسيناريو "المرعب"
ولا يستبعد العجرمي اندلاع "مواجهة عسكرية جديدة" إذا لم يمارس الوسطاء ضغطا جديا على إسرائيل لرفع القيود وتخفيف الحصار، وتسريع عجلة إعادة الإعمار.
وفي المقابل، ترى أوساط عسكرية إسرائيلية أن "الجيش الإسرائيلي غير مستعد لأي حرب مقبلة"، ونقل موقع "مفزاك لايف" الإسرائيلي عن رئيس لجنة الشكاوى السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك، أن هناك سيناريو أكثر رعبا على إسرائيل في حال دخولها الحرب المقبلة.
وقال "في السيناريو الأكثر رعبا، تدخل المليشيات الموالية لإيران في سوريا واليمن والعراق، كما أن حماس في غزة ستطلق صواريخ وطائرات بدون طيار على إسرائيل، بحيث يصل متوسط عدد الصواريخ إلى أكثر من3 آلاف صاروخ يوميا".
وبرأي الجنرال الإسرائيلي، فإن هذا السيناريو "سيؤدي إلى أعمال عنف بين العرب واليهود في المدن المختلطة والتجمعات والقرى ( يقصد داخل المناطق المحتلة عام 1948)، فضلا عن الحواجز العسكرية. ومن المتوقع أن يكون عدد الضحايا كبيرا، إلى جانب تدمير كبير للمباني والمدن والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد". وبرأيه، فإن "تصريحات الغطرسة (الإسرائيلية) تجاهلت على مر السنين هذا الوضع الرهيب".