هجماتهم تذكر بالعصابات الصهيونية في النكبة.. تصاعد العنف "المنظم" للمستوطنين بالضفة ينذر بمواجهة كبيرة قادمة
يحذّر مسؤولون فلسطينيون من مواجهة كبيرة قادمة في الضفة بسبب تصاعد عنف المستوطنين، ويقولون إن على إسرائيل تدارك ذلك "لأنه لا أحد يمكنه ضبط زمام الأمور إذا خرجت عن السيطرة".
نابلس- تمكث الفلسطينية سميحة مقبل (أم بهجت) رفقة زوجها وائل مقبل في مشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس (شمالي الضفة الغربية)، حيث يخضعان للعلاج، بعد هجوم "عنيف" شنّه المستوطنون الإسرائيليون على منزلهم -فجر يوم الجمعة الماضي- في بلدة قريوت بالمحافظة.
وبعد معاينة طبية، تبين إصابة الزوج مقبل بعدة كسور في أضلاع الصدر ورضوض قوية بمختلف أنحاء جسده وانتفاخات وآلام بالعيون. أما الزوجة فقد رشّها المستوطنون بغاز الفلفل السام، فأصيبت بهبوط في ضغط الدم وانتكاسة صحية، وهي تعاني عدة أمراض مزمنة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsشاهد.. هكذا يُعلم المستوطنون الأطفال القتل
"المستوطنون".. نهب الأراضي العربية باسم الدين اليهوديسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
حرب الزيتون.. الفلسطينيون يردون “بالفزعة” على “عصابات تدفيع الثمن” التي تستهدف أشجارهم
وتنتظر أم بهجت (53 عاما) منذ أول أمس الجمعة أي تحسّن في حالة زوجها الذي وصل المشفى بحالة خطيرة بعد اعتداء المستوطنين عليه. وتقول -للجزيرة نت- إنه فقد وعيه، ورغم ذلك واصل المستوطنون اعتداءهم عليه "بقصد القتل، ولولا صراخي وتوسّلي لقتلوه".
بهدف القتل والتهجير
وتعيش أم بهجت وزوجها وحدهما بالمنزل الواقع على أطراف قريوت، وتقول إن نحو 20 مستوطنا -قدموا من مستوطنة "ييش كودش" الجاثمة فوق أراضي قريتهم- هاجموا منزلها بطريقة مخططة وعنيفة؛ فقد حاولوا خلع الباب بالقوة، وكان بعضهم مقنّعا، وحملوا هراوات ضخمة ضربوهم بها، ثم حطموا محتويات المنزل ومركبتهم وجرارهم الزراعي.
وتُجمع مؤسسات وجهات حقوقية وقانونية فلسطينية وإسرائيلية تُعنى بالاستيطان على أن اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية تضاعفت خلال العام الجاري أكثر من السنوات الماضية، إذ تتم "بشكل منظّم" كما أنها "بهدف قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وليس إرهابهم فقط".
وقالت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية -التي تنشط في رصد الاستيطان- إن عدد حوادث عنف المستوطنين عام 2020، وفي النصف الأول من عام 2021، كانت أعلى بمرتين مما كانت عليه عام 2019.
وقالت الحركة -في تقرير لها- "تم توثيق 363 حادثة عنف وجريمة عام 2019، أما في عام 2020، فقد ارتفع العدد إلى 507 حوادث، ووصل في النصف الأول من عام 2021 إلى 416 حادثة".
وهذا الإرهاب الاستيطاني عاشه الفلسطينيون في قريتي سبسطية وبرقة شمالي مدينة نابلس، بشكل أكبر منذ يوم الجمعة الماضي، إذ هاجم عشرات المستوطنين منازل المواطنين ورشقوها بالحجارة وحطموا محتوياتها، كما أحرقوا منشأة زراعية (بركس)، وحاولوا إحراق أحد المنازل بقرية برقة.
الاعتداء الأعنف
ويقول غالب حجة، أحد سكان برقة الذي تعرض لهجوم من مستوطنين، إنه لم ير "أعنف وأشرس" من اعتدائهم هذا، خاصة وأنه تعرض لاعتداءات مماثلة عدة مرات.
ويضيف -واصفا المشهد- أن عشرات المستوطنين "المدرّبين" أحاطوا بمنزله ورشقوه بحجارة ضخمة أدت إلى تحطيم النوافذ والأبواب، وقال إنهم "كانوا يقصدون قتلنا".
وبعيدا عن الأضرار المادية التي لحقت به والتي تقدر بعشرات آلاف الدولارات، إلا أن حجة ينشغل بكيفية حماية نفسه وعائلته من أي اعتداءات قادمة.
وتعيش مناطق شمال الضفة الغربية، لا سيما محافظة نابلس، منذ الخميس الماضي عنفا شديد الوتيرة من المستوطنين بعد مقتل أحدهم وإصابة آخريْن في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة كانوا يستقلونها قرب مستوطنة "حومش" الجاثمة فوق أراضي قرية برقة والقرى المجاورة.
العنف متصاعد أصلا
ويرفض مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بمدينة نابلس، مراد شتيوي، ربط تصاعد عنف المستوطنين بمقتل المستوطن، ويقول -للجزيرة نت- إنهم لا يحتاجون إلى مبرر ليمارسوا اعتداءاتهم، وإن هذا العنف متصاعد بالتزامن مع نيتهم "رفع أعداد العصابات الإجرامية من المستوطنين بالضفة".
وارتفع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وأراضيهم لأكثر من 120% خلال هذا العام عن سابقه، خاصة خلال موسم الزيتون، يقول شتيوي. ويدلل على ذلك بتشكيل المستوطنين مجموعات منظّمة ومحمية من جيش الاحتلال ومدعومة من الحكومة الإسرائيلية، تحت مسميات "مجموعات تدفيع الثمن" و"شباب التلال"، وسقول عنها شتيوي إنها "امتداد للعصابات الصهيونية قبل النكبة الفلسطينية عام 1948 مثل الهاغانا وشتيرن".
وباعتقاده، تصب هذه الاعتداءات "باتجاه تنفيذ المخطط الصهيوني الأكبر القاضي بإخلاء الضفة الغربية من سكانها والسيطرة على أراضيها، ولا سيما مناطق ’جيم‘ الخاضعة لسيطرة الاحتلال (حسب اتفاق أوسلو)".
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد أدانت -في تصريح لها عبر الوكالة الفلسطينية الرسمية (وفا)- "إرهاب المستوطنين"، ودعت المجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال التي تحميهم لوقف إرهابهم.
جيش حراسة وقيادة موحدة
أما عضو المجلس الثوري لحركة فتح ومستشار رئيس الوزراء الفلسطيني، عبد الإله الأتيرة، فقال إنه "من المستحيل الصبر" على اعتداءات المستوطنين وعنفهم، محملا حكومة الاحتلال المتطرفة تبعات "حماية وتسليح وتدريب المستوطنين".
وقال الأتيرة -للجزيرة نت- إنه لم يعد للفلسطينيين أي خيار أمام عنف المستوطنين، وإن المطلوب الآن اجتماع سياسي فلسطيني لوضع خطط عملية، ليس للرد على المستوطنين، وإنما للجمهم أساسا ووقف عربدتهم.
وأضاف أن الفلسطينيين لم يعودوا ينتظرون من إسرائيل أي شيء، وأنهم كقيادة فلسطينية -ولا سيما المجلس المركزي لمنظمة التحرير- ذاهبون لاجتماعات متتالية لأخذ قرارات واضحة وصريحة "فالشعب ملَّ والصمتُ أصبح مستحيلا".
وفي خطوة عملية، رفض الأتيرة ترك الأهالي وحدهم في التصدي للمستوطنين، وقال إن المطلوب تشكيل لجان حراسة مدعومة من السلطة ومنظمة التحرير ومتفرغة لصدّ عدوانهم، وقال: "يجب علينا تشكيل جيش للحراسة".
المواجهة قادمة
وحذَّر الأتيرة مما سماه "المواجهة الأكبر" القادمة مع الاحتلال، وقال إن على إسرائيل تدارك ذلك "لأنه لا أحد يمكنه ضبط زمام الأمور إذا خرجت عن السيطرة". وأضاف: "المستوطنون تمادوا كثيرا، وصار لا بد من لجمهم وإعادتهم كما كانوا قبل أوسلو؛ إذا مروا بالطرقات العامة يمرون والجيش يحرسهم من الأمام والخلف".
ومثل الأتيرة، يدعو عضو لجنة التنسيق الفصائلي بنابلس محمد دويكات إلى تصعيد كافة أشكال المقاومة ضد المستوطنين وجيش الاحتلال، وفي الوقت نفسه طرح خطة تعزّز صمود المواطنين وحماية ممتلكاتهم.
وقال دويكات للجزيرة نت "نحن بحاجة لقيادة موحدة في الميدان تقود النضال اليومي وتحمي المواطنين من خطر المستوطنين، إضافة لموقف سياسي ينسجم مع واقع الجماهير، ويلتزم بقرارات المجلسين الوطني والمركزي، وأهمها وقف التنسيق الأمني، وسحب كل الاتفاقيات مع الاحتلال ومحاكمته دوليا".