اتفاق منشأة كرج.. هل يكون مساهمة قيّمة للدفع بمفاوضات فيينا؟
يعتقد مراقبون إيرانيون أن محادثات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتشابك مع محادثات فيينا، وتؤثر كل منهما على الأخرى لأن مفاوضات فيينا تنتظر لترى ما إذا كانت تصرفات إيران، تتماشى مع تصرفاتها في مجال الطاقة النووية أم لا.
طهران- مع استمرار الجولة الثامنة من المحادثات حول الملف النووي الإيراني في فيينا، أعلنت كل من طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الأربعاء توصلهما إلى اتفاق يُنهي أزمة "منشأة كرَج"، ويقضي بتبديل كاميرات المراقبة المتضررة في المنشأة المخصصة لتصنيع أجهزة الطرد المركزي غربي طهران.
وكشفت وكالة "نور نيوز" الإخبارية التابعة لأرفع جهاز أمني في إيران، أن طهران سمحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتغيير كاميراتها في وحدة إنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي بمنشأة كرج.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالنووي الإيراني.. من كواليس مفاوضات فيينا
ما وراء الخبرـ هل هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ العملية الدبلوماسية بشأن النووي الإيراني؟
1500 عقوبة على إيران.. هل يقبل بايدن رفع العقوبات في مفاوضات فيينا؟
وقالت الوكالة "بعد استكمال فحوص الأجهزة القضائية والأمنية للكاميرات المذكورة، وبعد تحرك الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإدانة عمل التخريب الذي استهدف مجمع تيسا، أجازت إيران طوعا للوكالة الاستعاضة عن الكاميرات المتضررة بأخرى جديدة".
وكانت طهران قد أعلنت يوم 23 يونيو/حزيران الماضي إحباط عملية "تخريب" طالت أحد منشآتها غربي طهران، واتهمت إسرائيل بالمسؤولية عنها.
هل يكون للاتفاق أثر إيجابي على مفاوضات فيينا؟
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش عن تقديره لخطوة الجمهورية الإيرانية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والموافقة على استبدال كاميرات منشأة كرج، لافتا إلى أن هذا الإجراء علامة على تعاون إيراني جيد مع الوكالة، الأمر الذي سيكون له أثر إيجابي في بناء الثقة أثناء مفاوضات فيينا.
من ناحيته، صرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بأن المحادثات النووية في فيينا لن تنجح دون استكمال عمليات التفتيش بالمنشآت النووية الإيرانية التي من شأنها -كما قال- أن تطمئن الأطراف الأخرى في المفاوضات.
ووصف ممثل روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف الاتفاقية بأنها مساهمة قيّمة في محادثات فيينا وإحياء الاتفاق النووي.
محادثات متشابكة
وقال الدبلوماسي الإيراني السابق ومحلل الشؤون الدولية فريدون مجلسي إن محادثات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتشابك مع المحادثات في فيينا، وتؤثر كل منهما على الأخرى، لأن مفاوضات فيينا تنتظر لترى ما إذا كانت تصرفات إيران -التي تسعى للتوصل إلى اتفاق ورفع العقوبات عنها- تتماشى مع تصرفاتها في مجال الطاقة النووية أم لا.
وأردف مجلسي، في حديثه للجزيرة نت، أن التجربة أظهرت وجود خلافات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران حتى في المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق النووي في عام 2015، وبعد ذلك لم يعد الطرفان يتحدثان عن تلك القضايا.
ويرى مجلسي أنه بقليل من الشفافية ورفع العقوبات عن إيران، مقابل ضمانات حول برنامجها النووي وكذلك ضمان عدم زعزعة أمن المنطقة، فمن الممكن حل سوء التفاهم.
وبعد إعلان الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي، اشترط عدم الكشف عن هويته، قوله إن واشنطن لا ترى ضرورة لعقد اجتماع خاص لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا أوفت طهران بما وعدت به.
متأخر لكنه جيد
وقال حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن اتفاق طهران مع الوكالة الدولية جاء متأخرا. ولكنه وصفه بالجيد، وقال في مقال نشرته صحيفة "جهان صنعت" إنه يساعد المفاوضات على المضي قدما إلى الأمام، "ولو لم يتم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، لكانت رحلة فريق التفاوض الإيراني إلى فيينا، واحدة من أكثر الرحلات تكلفة في تاريخ إيران، وكانت ستفشل بالتأكيد".
وفي شأن متصل بإنهاء أزمة كاميرات حول منشأة كرج، تساءل الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف "ماذا يجب أن نفعل بأجهزة الطرد المركزي النووية؟". وتحدث عن خيارات لإخراجها من إيران أو تدميرها، أو تخزينها في طهران تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تراجع إستراتيجي أم تكتيكي؟
ويعتقد الأستاذ الجامعي ومحلل الشؤون الدولية مهدي مطهرنيا أن عمل الوكالة مع إيران لا ينتهي بتغيير الكاميرات، متوقعا أنها ستزيد الضغط مرة أخرى على إيران.
وبرأي مطهرنيا في حديثه للجزيرة نت، يمكن اعتبار تعاون إيران مع الوكالة الدولية نوعا من التراجع عن مواقفها السابقة، لكن السؤال يتمحور حول ما إذا كانت قد تراجعت إستراتيجيا أم تكتيكيا لكسب الوقت، و"إذا كان الاتفاق بقرار إستراتيجي، فيجب أن نقول إن فريق التفاوض الجديد قد اتخذ خطوة إلى الأمام".
ويعتقد المحللون أن حل الخلاف بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يعتمد على جدّية الدول الأوروبية والولايات المتحدة نظرا لتوجه إيران الإيجابي في تعاونها مع الوكالة الدولية في كل الأوقات، وخاصة بعد أن قبلت بإجراء معظم عمليات التفتيش لمنشآتها النووية. وبالتالي، لا يمكن لإيران أن تستمر من جانب واحد في الوفاء بالتزاماتها دون رفع ملموس للعقوبات عنها.