وول ستريت جورنال: غزو ​​أوكرانيا مصيدة بالنسبة لبوتين

Russia's President Vladimir Putin visits a monument on Unity Day in Sevastopol
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة سابقة لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014 (رويترز)

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) الأميركية إن مساعي روسيا فلاديمير بوتين لغزو جارتها أوكرانيا هو بمثابة فخ للرئيس الروسي؛ حيث لا يمكن لروسيا أن تتحول إلى إمبراطورية بدون مد نفوذها إلى أوكرانيا ولا يمكنها أيضا أن تكون قوة عظمى إذا تجاوزت حدودها.

وذكرت الصحيفة -في تقرير لكرستوفر هارتويل رئيس معهد الإدارة الدولي بكلية زاو للإدارة والقانون في زيورخ السويسرية- أن احتمال اندلاع حرب أوروبية كبرى منذ نهاية الحرب الباردة بلغ مؤخرا ذروته في ظل تصعيد روسي للعداء اتجاه أوكرانيا من خلال التحركات العسكرية على الحدود والهجمات المتكررة عبر قنوات الدعاية الحكومية والتهديدات المباشرة من قبل القيادة الروسية.

لكن هذا العدوان الروسي -تضيف الصحيفة- هو توسع عسكري، فقد يعني ذلك نهاية التجربة الاستبدادية التي رعاها فلاديمير بوتين على مدى العقدين الماضيين، وسينتج في كل السيناريوهات روسيا أقل نفوذا وقوة.

لكن أصل التصعيد الحالي يختلف عما تسبب في أزمات سابقة بين البلدين، خاصة عام 2014 حين شنت روسيا حربا على أوكرانيا بعد انفصال الأخيرة عن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، حيث استولت روسيا بوتين على شبه جزيرة القرم آنذاك من موقع ضعف كخطوة انتهازية تلت انسحاب الغرب -خاصة الولايات المتحدة- من وسط وشرق أوروبا.

أما اليوم -تضيف وول ستريت جورنال- فروسيا توجد في وضع اقتصادي وإستراتيجي أفضل مما كانت عليه منذ عام 2016 وبمساعدة من سياسات الولايات المتحدة، حيث منح رفض الرئيس الأميركي جو بايدن فرض عقوبات ضد خط أنابيب "نورد ستريم 2" -الرابط بين روسيا وألمانيا- لبوتين "نصرا جيوستراتيجيا"، تضاف له القيود المفروضة على منتجي الطاقة الأميركيين مما أعطى موسكو وسيلة لمعاقبة أوروبا الغربية متى شاءت.

لماذا أوكرانيا؟

وتتساءل الصحيفة لماذا أوكرانيا ولماذا الآن؟ مؤكدة أن معظم التحليلات في هذا الصدد ترى أن اختيار الجارة الأوكرانية في هذا التوقيت مرده إلى احتمال انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، فضلا عن قضية رئيسية أخرى في السياسة الداخلية الروسية هي أن الرئيس فلاديمير بوتين بلا شعبية دوما ما يعني رئيسا مصدرا للخطر.

فقد كانت حربه في الشيشان عام 2000 وغزو جورجيا 2008 والاستيلاء على شبه جزيرة القرم عام 2014 كلها خيارات حظيت بالشعبية مما رفع معدلات تأييد الرئيس بعد أن كانت في مستويات منخفضة. وخلال العام الجاري تراجعت شعبيته بشكل حاد أولا بسبب سوء تعامل موسكو الفادح مع جائحة كوفيد-19، وأيضا بسبب انخفاض متوسط الدخل المتاح للروس بأكثر من 10% بين عامي 2014 و2020، مما جعله أكثر حرصا على حشد المواطنين حول العَلم الروسي.

لكن لسوء حظه -تضيف الصحيفة- تعتبر أوكرانيا فاعلا أقوى بكثير اقتصاديا وعسكريا مما كانت عليه في عام 2014، فعلى عكس الإجراءات الروسية قبل الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس الحدودية، باتت التعزيزات العسكرية الروسية حاليا مكشوفة مما يمنح كييف وقتا للرد، كما أن أي ضربة عسكرية مباشرة ستلحق ضررا جسيما بروسيا بطريقة مشابهة لما عانى منه الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، لكن مع تعقيد إضافي هو تواجد هذا البلد على أعتاب أوروبا مع خطوط إمداد واضحة من دول حلف الناتو.

وفي حين أن أي تدخل مباشر للحلف في الصراع يبقى احتمالا ضئيلا، إلا أن خطر اندلاع حرب عصابات وتمرد دموي قد يطول أمده لسنوات قد تكون بمثابة رادع لأي تحركات روسية متهورة، يضاف إلى ذلك أن أي توغل مسلح في أوكرانيا سيدفع الاقتصاد الروسي الذي لا يزال هشا ومعتمدا بشكل كبير على السلع الأساسية إلى حافة الهاوية.

المصدر : وول ستريت جورنال

إعلان