العرب أكبر ضحية.. اللاجئون ورقة ضغط في معركة كسر عظم بين فرنسا وبريطانيا
لندن- تتواصل التداعيات السياسية والدبلوماسية لحادث غرق قارب للمهاجرين في بحر المانش، والذي خلف 27 وفاة، بينهم 7 نساء و3 أطفال، في أسوأ حصيلة تشهدها القناة البحرية بين فرنسا وبريطانيا.
وحسب المعطيات الأمنية، فإن أغلبية الضحايا هم عراقيون وأكراد وإيرانيون انطلقوا من ميناء كاليه الفرنسي محاولين الوصول إلى ميناء دوفر البريطاني رغم سوء الأحوال الجوية التي لم تمنع أعداد قوارب المهاجرين الوافدة إلى بريطانيا من الارتفاع 3 أضعاف مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsعقوبات وتهديدات متبادلة.. 8 ملفات أدت لتصعيد غير مسبوق بين فرنسا وبريطانيا
حقوق الصيد تهدد بحرب تجارية.. بريطانيا وفرنسا تفشلان في حل الخلاف وتتعهدان بمواصلة الحوار
وتكشف فاجعة غرق القارب الجانب السياسي في ملف المهاجرين بين بريطانيا وفرنسا، وكيف أنه تحول إلى ورقة ضغط بين الطرفين.
وبعد هذا الحادث المأساوي مباشرة تبادلت لندن وباريس الاتهامات حول المسؤولية عن الحادث، وذلك بعد انتشار صورة من ميناء كاليه الفرنسي تظهر قاربا للمهاجرين يغادر الميناء أمام أعين سيارة شرطة فرنسية لم تتدخل لمنع المهاجرين.
ولم تنجح العبارات الدبلوماسية بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إخفاء حجم الخلافات بين البلدين في موضوع التعامل مع مراقبة القناة البحرية، وانبرى كل مسؤول يدافع عن جهود بلاده في منع الهجرة غير النظامية، ملقيا بالمسؤولية على الآخر، فجونسون يرى أن فرنسا "لا تقوم بالجهود الكافية" لوقف تدفق قوارب الهجرة إلى بلاده، ليرد ماكرون باتهام بريطانيا "بتسييس ملف الهجرة".
وانتقل صراع التصريحات إلى الوزراء بذهاب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلى اتهام سوق العمل البريطاني بأنه مغر للمهاجرين غير النظاميين، لأنه لا يضع قوانين صارمة على العمال الذين لا يتوفرون على وثائق قانونية، وهو ما يحفز المهاجرين على مغادرة فرنسا والوصول إلى بريطانيا.
ثمن البريكست
فرض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واقعا جديدا في مسألة مراقبة المياه الفاصلة بين بريطانيا وفرنسا، ذلك أن باريس تقول إنها فقط مسؤولة عن مياهها الإقليمية، ومتى خرج القارب من مياهها فلا يحق لبريطانيا إعادته.
وترفض فرنسا بشدة العروض البريطانية لإرسال قوات ومعدات إلى المياه الفرنسية والشواطئ في منطقة كاليه خصوصا، وتبرر باريس هذا الرفض بحماية سيادتها، وهي بهذا المبرر ترد على بريطانيا التي تتشدد في منع القوارب الفرنسية من الصيد في المياه البريطانية تحت بند "حماية السيادة البحرية".
وتقدم بريطانيا عروضا مادية سخية لفرنسا بتقديم الدعم المادي الضروري لتشديد المراقبة على الشواطئ، والذي بلغ خلال هذه السنة 62 مليون يورو مع إمكانية رفع قيمته (تم تسليم الدفعة الأولى فقط من هذا المبلغ)، إلا أن كل هذه الإغراءات لا تحفز الفرنسيين الذين يرون أنهم يستقبلون مهاجرين أكثر من بريطانيا ويتحملون عبئا أكبر في التعامل مع هذا الملف.
وتواجه وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل ضغوطا متزايدة من داخل الحكومة ومن المعارضة، وهي المدافعة الشرسة عن قانون "الجنسية والحدود" التي ترى فيه حلا لأزمة اللاجئين وقوارب الهجرة، لما يتضمنه من إجراءات تقضي بإعادة القوارب عبر البحر.
وحسب تسريبات إعلامية، فإن جونسون يمارس ضغوطا شديدة على وزيرته لتقليص عدد المهاجرين الذين يصلون عبر القناة البحرية من فرنسا.
وتدافع وزيرة الداخلية بشراسة عن قانون "الجنسية والحدود"، لمنحه حصانة لحرس الحدود من أجل إرجاع القوارب في المياه ومنعها من الوصول إلى بريطانيا، وهو ما أعلنت نقابة حرس الحدود رفضه، وهددت بمواجهة وزارة الداخلية في القضاء في حال إقرار هذا القانون.
وانضم حزب العمال إلى الرافضين لهذا القانون، حيث أعلن وزير الداخلية في حكومة الظل نيك توماس سيموند أن حزبه لن يدعم القانون وسيعارض تمريره في البرلمان.
ومن بين الأمور التي تظهر فشل بريطانيا في التعهد بالتزاماتها في التعامل مع اللاجئين هو خطتها لاستقبال الأطفال اللاجئين الذين فقدوا والديهم، إذ تعهدت باستقبال 3 آلاف من هؤلاء الأطفال إلا أنها لم تستقبل سوى 480 طفلا.
العرب أكبر الضحايا
تظهر الأرقام الرسمية أن نحو ثلث المهاجرين الذين يصلون بريطانيا عبر القناة البحرية من فرنسا هم عرب، ذلك أن 35% من هؤلاء المهاجرين هم سودانيون وعراقيون وسوريون، ثم يأتي الإيرانيون في المرتبة الثالثة بنسبة 29%، ثم المهاجرون من أصول إريترية بنسبة 7%.
وبلغ عدد طالبي اللجوء في بريطانيا خلال هذه السنة أكثر من 37 ألفا و500 طلب، وهو أعلى معدل منذ 20 سنة عندما ارتفعت الطلبات بعد حرب العراق.
وبلغ عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى بريطانيا عبر البحر أكثر من 25 ألفا و700 لاجئ، مما يمثل 3 أضعاف الأعداد التي وصلت خلال نفس الفترة من العام الماضي، هذا الارتفاع في أعداد المهاجرين عبر البحر أدى لوفاة 10 أشخاص خلال هذه السنة في فترات متفرقة.
وتقول السلطات البريطانية إن هذه الأعداد لا تظهر الصورة الكاملة لأعداد اللاجئين الذين يصلون البلاد بعدما بات هؤلاء ينتهجون طرقا جديدة لدخول البلاد، منها الهروب عبر الشاحنات الكبرى التي تنطلق من ميناء كاليه وتصل إلى ميناء دوفر.