60 عاما في إعمار القدس وحمايتها.. الموت يخطف "رائف نجم" حارس الحرم القدسي وقبته المشرفة
لم يتوقف عمل رائف نجم على إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بل تعدى ذلك إلى إعمار بيوت المقدسيين المجاورة للحرم القدسي في محاولة لتثبيتهم فيها وحمايتها من مصادرة العصابات الصهيونية والمستوطنين، وترميم البيوت والمحال الأثرية المحيطة بالمسجد الأقصى وقبته المشرفة.
عمان – عاش حياته للقدس وحرمها المبارك وقبتها المشرفة، وآثارها الإسلامية والمسيحية، وبلدتها القديمة وبيوتها العتيقة، ووضع مدينة القدس بين عينيه والمسجد الأقصى في قلبه.
شكلت هزيمة عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس بالكامل غصة في قلبه حتى وفاته -تقول عائلته-، وزاد من حرقته وألمه إحراق العصابات الصهيونية للمسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين، فأخذ على عاتقه مسؤولية إعادة إعمار القدس والمسجد الأقصى والعناية بهما.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsخبير أردني: إسرائيل رصدت خمسة مليارات دولار لتهويد القدس
يبعد 250 مترا عن سور الأقصى.. ما قصة كنيس “فخر إسرائيل” ولماذا يرممه الاحتلال بعد عقود من تدميره؟
رائف نجم: إسرائيل ستزيل "الأقصى"
لم يدخر المرحوم رائف نجم -وزير الأوقاف الأردني الأسبق ورئيس لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة- جهدا من أجل العمل للمسجد الأقصى ومدينة القدس وقبة الصخرة.
وتوفي المرحوم نجم مساء اليوم الأربعاء في العاصمة الأردنية عمان عن عمر ناهز الـ95 قضاها في خدمة الحرم القدسي الشريف ومدينة القدس وبلدتها القديمة، ونعاه رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة ووزير الأوقاف محمد الخلايلية مثمنين إسهاماته الكبيرة في خدمة المسجد الأقصى المبارك، والحرم القدسي الشريف.
نشأته وتعلقه بالقدس
ولد المرحوم رائف نجم في مدينة القدس عام 1926وتعلق بمسجدها وأسوارها وحاراتها القديمة، حفظ تاريخها وأثارها بالمدرسة الرشيدية خلال دراسته الابتدائية، وبعدما أنهى دراسته الجامعية في القاهرة عام 1951 بتخصص الهندسة المدنية، عاد ليبدأ بتنفيذ مشاريع حماية القدس وآثارها.
يصفه من رافقه بالعمل بأنه "رجل الإعمار الأول بحق وجنديه المجهول"، في عام 1980 بادر باقتراح تسجيل مدينة القدس على لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني، وفي عام 1981 عمل على ضمها لقائمة التراث المهدد بالخطر.
لم يتوقف عمله على إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بل تعدى ذلك إلى إعمار بيوت المقدسيين المجاورة للحرم القدسي في محاولة لتثبيتهم فيها وحمايتها من مصادرة العصابات الصهيونية والمستوطنين، وترميم البيوت والمحال الأثرية المحيطة بالمسجد الأقصى وقبته المشرفة، هذا ما يقوله ابنه سعيد نجم للجزيرة نت.
تشهد له قبة الصخرة بأنه وضع مخططات ترميمها، وحل مشكلة تناسق القبتين الداخلية الخشبية والخارجية المعدنية بعد أن كانت المحاولات السابقة تنتهي بتشقق القبة، وهو من أوجد حلول تذهيبها.
ومن مكتبه الهندسي في عمان خرجت مخططات البنية التحتية والإنارة والمياه والتبليط وترميم الأسوار وسقف المسجد القبلي كلها، يقول الناشط المقدسي زياد ابحيص للجزيرة نت.
ووصفه أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان بأنه "سجل وأرشيف توثيقي دقيق لتاريخ القدس"، عرف القدس بتاريخها وأرضها وعمارتها بكل تفاصيلها وكل شبر وزاوية في مسجدها الأقصى المبارك، وساهم بالتقارير الفنية والدراسات العلمية الكثيرة التي أعدها وأشرف عليها في تثبيت هوية المدينة، ودحض الادعاءات الصهيونية القائمة على الأساطير خاصة الهيكل المزعوم.
أمّا عبد الله العبادي -مدير المسجد الأقصى السابق في وزارة الأوقاف الأردنية- فيقول بحق المرحوم إن "ساحات وجدران وقباب الحرم القدسي تشهد له بإعمارها، وله بصمة في كل زاوية وحجر".
مفاوضات السلام والاستقالة
شغل نجم منصب وزير الأشغال في حكومة أحمد عبيدات عام 1985، ثم أصبح وزيرا للأوقاف في حكومة طاهر المصري عام 1991، وعندما بدأت المباحثات للمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين والأردنيين، تقدم نجم باستقالته من الحكومة.
ويصف رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري في مذكراته موقف نجم بأنه "كان نابعا من حرصه على ألا تتأثر مكانة القدس في ملفات المفاوضات، وكان يخشى على مبدأ عودة القدس، وبالتالي مصادرة هويتها الدينية الإسلامية والمسيحية ومكانتها الرمزية".
حاول المصري ثنيه عن فكرة الاستقالة -وفق مذكراته- إلّا أن المرحوم نجم أصر على ذلك، وغادر الحكومة إلى جانب وزيرين آخرين في حينها.
زيارة العرب للأقصى
تبنى نجم الفتوى الصادرة من مرجعيات دينية تدعو المسلمين من كافة الدول العربية والإسلامية لزيارة المسجد الأقصى ومدينة القدس، وذلك بنية تقديم الدعم المادي والمعنوي لسكانها عن طريق التعامل معهم بالشراء والمسكن والصلاة في المسجد الأقصى وتقديم المعونات للعائلات الفقيرة هناك.
آخر المشاريع
لم يترك القدس والأقصى حتى وهو بعمر الـ90 وكان مقعدا على كرسيه المتحرك، إذ حرص المرحوم نجم على حضور استكمال العمل في مشروعين تاريخيين في غاية الأهمية من مشاريع الإعمار بالمسجد الأقصى كان قد أعد مخططاتهما، أولاهما مشروع ترميم الفسيفساء والزخارف الجصية في قبة الصخرة المشرفة، والذي استمر العمل به 8 أعوام واستكمل تنفيذه عام 2016.
أما المشروع الآخر فتمثل بترميم فسيفساء قبة المسجد القبلي في الجامع الأقصى، واستمر العمل به على مدى عامين، واكتمل عام 2016، وذلك على نفقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين.
كتب المرحوم نجم العديد من المؤلفات أبرزها كتاب "كنوز القدس"، وكتاب "نحو خطة عملية لإعمار المقدسات"، و"القدس خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي"، و"القدس أنموذج للتعايش السلمي"، وغيرها العديد.
وقبل وفاته تبرع بمكتبته القيّمة التي تضم آلاف الكتب والمخطوطات العملية لمكتبة اللجنة الملكية لشؤون القدس، وفق ابنه سعيد نجم.
فقدت #القدس و #المسجد_الأقصى ابناً باراً كريماً ارتبط اسمه بالقدس طوال حياته.. المهندس رائف نجم رحمه الله.
كان كتابه (كنوز القدس) هو الذي أدخلني إلى عالم القدس، وأول ما ربط قلبي بأمنا القدس ومسجدها الأقصى المبارك.
فإنا لله وإنا إليه راجعون .. ورحم الله من ترحّم عليه. pic.twitter.com/RfeNiu1yJL
— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) November 24, 2021
توفي اليوم في #الاردن #المهندس_رائف_نجم عن عمر (٩٥) عاما وكان قد قاد مشروع الإعمار الهاشمي للأقصى وقبة الصخرة وإعادة بناء #محراب_صلاح_الدين في #الاقصى برحاب #جامعة_البلقاء وبالتعاون مع خبرات #تركية وربط أجزاء المحراب بالتعشيق والدسر دون استعمال المسامير الى رحمة الله انعاك pic.twitter.com/ZERcXw7J9b
— الدكتورة فاطمة الوحش #القدس،،هي #الوعي (@fatimaalwahsh) November 24, 2021
خسرت القدس واحدا من حرّاسها برحيل المهندس #رائف_نجم، وزير الأشغال الأردني الأسبق، ونائب رئيس لحنة إعمار الأقصى، كان يعرف المدينة القديمة حجرا حجرا، يتحدث عنها وكأنها بيته، تماما كما يعرف الأساطير الصهيونية ومحاولات تزوير تاريخ المدينة. رحمه الله وعوّض أمته وأسرته. pic.twitter.com/70uSTKlQFP
— ياسر أبوهلالة (@abuhilalah) November 24, 2021