ناشونال إنترست: على الأميركيين الإجابة عن 4 أسئلة قبل مواجهة الصين
قالت مجلة ناشونال إنترست (The National Interest) الأميركية إنه لم يعد مستغربا أن تكون الصين موضوع النقاش الرئيسي الذي قسم خلال الأشهر القليلة الماضية ليس فقط مجتمع السياسة الخارجية الأميركي بشكل عام، ولكن أيضا الساسة الواقعيين، حيث يتفق الجميع على أن صعود القوة الصينية الخشنة تطور مهم سيؤدي لا محالة إلى ردود فعل ذات أبعاد انتقامية من قبل واشنطن في الخارج.
وتؤكد المجلة -في تقرير لسومانترا ميترا الباحث في "مركز المصلحة الوطنية" بواشنطن- أن ما تبدو عليه الأمور في نهاية المطاف في علاقة الولايات المتحدة بالتنين الصيني هو أن هناك انفصالا متزايدا بين هدف السياسة الأميركية وموضوع الهدف، لذلك وجب الإجابة في البداية عن بعض الأسئلة الرئيسية.
أولها -تضيف المجلة- هل الصين قوة تؤمن بمبدأ فرض الأمر الواقع أم هي منفتحة على تعديل مواقفها وسياساتها؟ وهل لدى الولايات المتحدة ما يكفي من المعلومات لصياغة إستراتيجية كبرى إزاء صعود بكين؟
ففي حال كانت الصين قوة أمر واقع فذلك سيعني أنها سترتضي لنفسها مكانة أعلى في ميزان القوى بمنطقتي المحيطين الهندي والهادي، وسيعني الارتفاع المطرد لناتجها المحلي الإجمالي توسعا أكبر لمصالحها وقوتها العسكرية، لكن طالما أنها مستعدة للعمل ضمن الإطار المحدد فلن يشكل هذا الأمر مشكلة ما لم تنخرط الولايات المتحدة في إستراتيجية تفوّق كبرى.
في المقابل، سيكون الخطر الأكبر هو تحول أميركا من قوة مسلِّمة بالأمر الواقع إلى قوة ثورية تسعى لتصدير أيديولوجيتها عبر القارة الآسيوية، مما سيعني بالتأكيد ليس فقط إبعاد شركاء محتملين مثل الهند الجانحة عن الليبرالية بشكل متزايد، ولكن أيضا خلق صراع مفتوح مع الصين.
أما السؤال الثاني فهو: ماذا سيكون الهدف النهائي للولايات المتحدة؟ فإذا كان الهدف هو السعي لتحقيق التفوق بأي ثمن فذلك سيعني بالضرورة أنه لا فرص للتعايش بين القوتين لأن أي نمو ولو بشكل ضئيل للقوة الصينية سيشكل أميركيا تهديدا للتوازن يجب تصحيحه بأي تكلفة كانت، وسيكون سيناريو تدمير القوة الصينية واردا إن دعت الضرورة إلى ذلك.
أما التساؤل الثالث فهو: ما الذي تقصده الولايات المتحدة بتدمير القوة الصينية في آسيا؟ هل يعني ذلك العمل على انهيار الحكومة الصينية والحزب الشيوعي والدفاع عن الديمقراطية أو الترويج لها؟ أم أن ذلك يتضمن احتواء قوة بكين بسلسلة من التحالفات تحيط بالصين دون بذل أي جهد إضافي لتحجيم نفوذها؟
حرب توسعية
وتؤكد ناشونال إنترست أن الخيار الأول سيتسبب في اندلاع حرب ستشمل بشكل خاص جزيرة تايوان التي ستتحول إلى مركز للدفاع وأداة لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في وقف الصعود الصيني.
في المقابل، سيؤدي تبني الخيار الثاني على الأرجح إلى سقوط تايوان في يد الصين التي قضت نحو 20 عاما في محاولة لتهدئة تمردها، لكن ميزان القوى الأوسع في آسيا لن يتغير حتى في ظل هذا المعطى، حيث ستظل الصين محاطة ببلدان مثل اليابان والهند وفيتنام وأستراليا، وليس هناك ما يشير إلى إرادتها أو قدرتها على إطلاق حرب توسعية عبر القارة.
أما السؤال الرابع والأخير فهو: هل يعي الأميركيون حقا ما سيكلفه الانزلاق إلى حرب قوى عظمى مع منافس نووي، خاصة حول قطعة أرض (تايوان) بالكاد تبعد أميالا عن بطاريات الصواريخ بالسواحل الصينية؟ حيث لا يدرك معظم هؤلاء مدى القوى التدميرية للحضارة التي تنطوي عليها حتى لو كانت حربا نووية محدودة.
ولتقريب الصورة فقط -تضيف المجلة- فقد كان إجمالي خسائر الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب خلال عقد من الزمن -بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001- حوالي 12 ألف قتيل وعدة آلاف من الجرحى، وستكون حصيلة غرق مجموعة حاملات طائرات في الساعة الأولى فقط من أي معركة كبرى مع الصين أكبر من ذلك، ناهيك عن الهجمات الجوية والصاروخية أو تطور الأمور إلى نزاع نووي، فهل واشنطن مستعدة لخوض حرب كهذه من أجل تايوان والمجازفة بتكبد هذا الكم من الضحايا؟