تحجب الرؤية الأميركية عن إستراتيجية بوتين.. من هي الشخصيات المؤثرة في السياسة الروسية؟
تقرير عن الدائرة المقربة من الرئيس بوتين يرصد تغييرات مهمة في هيكل النخبة السياسية الروسية، والتي تشهد تراجعا في تأثير ممثلي الشركات الخاصة الكبيرة، مقابل ازدياد نفوذ ومكانة رئيس مجلس الأمن بيتروشيف في الدائرة الضيقة
موسكو- أعاد ما كشفت عنه شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية مؤخرا -نقلا عن "مصدر" في الكونغرس بأن إدارة الرئيس جو بايدن تواجه أزمة في فهم النوايا الروسية- الأضواء مجددا على ما يسميها الإعلام الغربي "الدائرة المقربة" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودورها في تحديد سياسات الدولة الداخلية والخارجية.
وذكرت الشبكة أن المصدر -الذي وصفته بـ"المطلع" على خبايا عالم الاستخبارات- أوضح لها أن عمل الاستخبارات قد ازداد صعوبة بالتدريج، وبات يقترب مما يمكن وصفها بـ"المنطقة المحظورة".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمثل روسيا والصين.. الناتو يقر بمواجهة تحديات من "النظم السلطوية"
التوتر الروسي الأوكراني.. أزمة مصطنعة أم مواجهة قادمة؟
صاروخ روسيا المضاد للأقمار الصناعية.. هل يعد إيذانا بعودة الحرب الباردة مع أميركا؟
وحسب الشبكة، تواجه إدارة بايدن صعوبات في استقراء وفهم الآلية التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات في روسيا حيال القضايا الخارجية، وهو ما بدا جليا خلال أزمة المناورات الأخيرة لواشنطن وحلفائها في البحر الأسود.
والمقصود "بالمنطقة المحظورة" الدائرة الضيقة للرئيس بوتين التي تلعب دورا مباشرا في تحديد التوجهات الأساسية للسياستين الداخلية والخارجية للاتحاد الروسي.
تزايد تأثير مجلس الأمن الروسي
وفي هذا السياق، كانت مؤسسة "مينتشينكو كونسلتنغ" الروسية المتخصصة في دراسة وتحليل اللوبيات وتقدير مخاطر السياسات نشرت تقريرا عن الدائرة المقربة لبوتين تحت عنوان "المكتب السياسي والموجة المضادة للمؤسسات" التي تؤثر -وفقا للتقرير- في صنع القرار بالكرملين.
ويؤكد التقرير -الذي اختار عنوانا رمزيا يذكّر بمصطلحات نظام الحكم الحزبي خلال الحقبة السوفياتية- أنه يستند إلى بيانات حصل معدوه عليها من مصادرهم الخاصة في الحكومة والمؤسسات شبه الحكومية.
ويركز التقرير على ازدياد نفوذ ومكانة رئيس مجلس الأمن نيكولاي بيتروشيف في الدائرة الضيقة لبوتين، بسبب التأثير المتزايد للمجلس على تنظيم الصناعة، والاقتصاد عامة، باعتباره الجهة المسؤولة عن حماية السرية في قطاع التصنيع، على ضوء تصاعد المواجهة بين روسيا والغرب.
ويلفت التقرير إلى تسبب الأوضاع الخارجية (التوتر مع الغرب) في غياب عدد من ممثلي الشركات التجارية الخاصة عن الدائرة المحيطة بالرئيس، لعوامل تتعلق بضعف الثقة وسهولة ممارسة الضغط عليهم.
وأدى ذلك إلى سلسلة إجراءات لزيادة الوجود الدائم للدولة في الاقتصاد، ليس فقط في التنظيم، ولكن أيضا في ملكية الأصول، إذ بلغت سيطرة الدولة على قطاعات الاقتصاد في الآونة الأخيرة نسبة 70%.
الدائرة الضيقة
يحصر المراقبون الدائرة الضيقة حول الرئيس الروسي في 7 شخصيات تؤثر في إستراتيجية عمله المحلية والدولية، وهذه الشخصيات هي:
نيكولاي باتروشيف
في عام 1998 تم تعيينه نائبا لمدير إدارة الرئيس ومديرا لقسم الرقابة الرئاسية، وفي نفس العام أصبح نائبا لمدير جهاز الاستخبارات ورئيس قسم الأمن الاقتصادي في الجهاز، ومنذ 1999 صار النائب الأول لمدير جهاز الأمن الفدرالي في الاتحاد الروسي.
في عام 1999 أصبح مديرا للمخابرات حتى 2008، حيث تم تعيينه رئيسا لمجلس الأمن في الاتحاد الروسي بمرسوم صادر عن الرئيس بوتين.
إيغور سيتشن
رئيس إحدى أكبر شركات النفط في العالم "روسنفت" (Rosneft)، ويعد أحد أقوى الرجال في روسيا، عمل منذ أوائل التسعينيات مع بوتين في مكتب عمدة سان بطرسبورغ، قبل أن يتبعه إلى موسكو، وواصل العمل مساعدا للرئيس ثم نائبا لرئيس الوزراء.
في عام 2014 -وعلى ضوء أزمة شبه جزيرة القرم- كان واحدا من بين 7 مسؤولين روس و17 شركة روسية وقعوا في قائمة العقوبات التي فرضتها وزارة المالية الأميركية على جهات مرتبطة بالقيادة السياسية في روسيا.
أركادي روتنبرغ
ملياردير روسي، وصديق الطفولة لبوتين، في عام 1964 بدأ بممارسة المصارعة (سامبو ثم الجودو) في نفس المجموعة مع فلاديمير بوتين.
في أوائل التسعينيات عمل مساعدا لبوتين الذي كان في ذلك الوقت رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس مدينة سان بطرسبورغ، قبل أن يصبح رئيسا لاتحاد الهوكي.
مارس أعمالا تجارية مختلفة، وفي عام 2009 وبدون مناقصة حصل على عدة عقود من شركة غازبروم لبناء خط أنابيب للغاز، وهو أحد المدعى عليهم في "ملف بنما" الذي تم بموجبه الكشف عن وثائق رسمية تؤكد أنه في عام 2013 قام بسحب 231 مليون دولار إلى حساب شركة أوفشور (Offshore) من جزر فيرجن، وهو أيضا مدرج ضمن قائمة العقوبات الأميركية.
في 2021 قال إنه المالك الحقيقي لما سمي "قصر بوتين"، مؤكدا أن يعود له منذ سنوات وليس للرئيس.
غينادي تيمشينكو
يدخل في عداد أغنى الأشخاص وأكثرهم نفوذا في روسيا، ومن بين الذين فرضت الولايات المتحدة عقوبات شخصية عليهم، ووقعت شركة "نوفاتيك" -التي يملكها- تحت الحظر الأميركي في يوليو/تموز الماضي.
ترأس مجموعة "فولغو" لتوحيد أصول رجال الأعمال الروس في مجال الطاقة والنقل وإنشاء البنى التحتية والتمويل وقطاع المستهلك.
يحمل الجنسيتين الروسية والفنلندية، وفي عام 2014 احتل المركز الثالث في تصنيف فوربس للمناقصات الحكومية.
وحسب المجلة نفسها، شغل في أبريل/نيسان 2021 المرتبة السادسة لأغنى رجال الأعمال في روسيا، بثروة قدرها 22 مليار دولار.
فياتشيسلاف فولودين
رئيس مجلس الدوما (البرلمان الروسي)، قبل توليه المنصب في عام 2016 أمضى 5 سنوات في إدارة السياسة الداخلية للكرملين.
تولى منذ 2011 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2016 منصب مدير ديوان الرئيس الروسي بعد احتجاجات ضخمة أعقبت الانتخابات في روسيا عام 2011، وعمل بعدها على تعزيز قوة الحزب الحاكم، وفقا لمركز كارنيغي في موسكو.
فُرضت عليه عقوبات من قبل الولايات المتحدة التي تقول إن قرار ضم شبه جزيرة القرم استند إلى مشاورات مع أقرب مستشاري بوتين، من بينهم فولودين.
ديمتري ميدفيديف
الرئيس السابق للبلاد (2008-2012)، ورئيس سابق للوزراء (2012-2020)، عمل في أوائل التسعينيات مع الرئيس بوتين في بلدية سان بطرسبورغ، وبعد انتقال بوتين إلى موسكو وتوليه رئاسة الوزراء عين ميدفيديف نائبا لرئيس ديوان الرئيس.
يشغل حاليا منصب رئيس حزب "روسيا الموحدة"، ونائب رئيس مجلس الأمن لروسيا الاتحادية، وهو من الداعين لتحديث واسع النطاق لبرامج تحسين الاقتصاد والمجتمع الروسي، وتقليل اعتماد البلاد على النفط والغاز.
سيرغي شويغو
وزير الدفاع الحالي والوزير السابق لشؤون حالات الطوارئ، لعب دورا مهما في انتصار روسيا بالصراع المسلح في أوسيتيا الجنوبية خلال رئاسة ميدفيديف، وفي تعافيها من الأزمة الاقتصادية العالمية.
تولى إصلاحات مهمة في مجال تنفيذ القوانين، وأطلق حملة لمكافحة الفساد، وهو من أقوى الشخصيات في المشهدين العسكري والسياسي في روسيا، ويعد مرشحا قويا لخلافة بوتين، وهو أيضا عضو المجلس الأعلى لحزب "روسيا الموحدة" الحاكم.