في ظل الخلافات والاحتجاجات في العراق.. هل يعود خيار الاغتيالات لتصفية الحسابات السياسية؟
تتسارع الأحداث في العراق، مع ترقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات، حيث تواصل قوى سياسية لها أذرع مسلحة اعتصامها للأسبوع الرابع وسط بغداد واحتجاجاتها على النتائج الأولية للانتخابات التشريعية.
بغداد – لا يبدو المشهد غريبا على العراقيين، فلطالما كان سلاح "الاغتيالات" الحل الأخير الذي تلجأ إليه الفصائل المسلحة ما بعد عام 2003، إذ يتوقع الشارع الذهاب نحو "المربع الأحمر"، على خلفية استمرار رفض كتل سياسية فاعلة نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تتسارع الأحداث في العراق، مع ترقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات، حيث تواصل قوى سياسية لها أذرع مسلحة اعتصامها للأسبوع الرابع وسط بغداد واحتجاجاتها على النتائج الأولية للانتخابات التشريعية.
استبعاد مؤقت
من المستبعد عودة مسلسل الاغتيالات إلى الشارع العراقي خلال الفترة المقبلة، هذا ما مال إليه عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، خلال حديثه للجزيرة نت.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمخاوف من صعود جيل جديد.. هل تدفع الاغتيالات المحتجين العراقيين إلى مقاطعة الانتخابات؟
استنفار ببغداد وإغلاق الخضراء.. بعد توقيف مسؤول بالحشد الشعبي وتضارب حول سبب اعتقاله
هكذا تفاعلت والدة الصحفي العراقي أحمد عبد الصمد مع حكم الإعدام بحق قاتله
ويقول باجلان إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني زار العراق بعد ساعات من محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في السابع من الشهر الجاري، "حيث قام بتوبيخ الكتل والأحزاب السياسية التي تدعم الفصائل المسلحة على محاولة اغتيال الأخير".
ورأى باجلان أن تدهور الأوضاع الأمنية في العراق في هذا التوقيت الذي يسبق تشكيل الحكومة الجديدة يعمل على إرباك جميع الأطراف السياسية من جانب، والشارع من جانب آخر.
ويشهد محيط المنطقة الخضراء -التي تضم معظم مؤسسات الدولة ومقر إقامة الكاظمي وسفارة الولايات المتحدة والعديد من السفارات الأجنبية- تظاهرات واعتصامات منذ أكثر من 4 أسابيع لمناصري أحزاب خسرت، حسب النتائج الأولية للانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في العاشر من الشهر الماضي، ومعظمها أحزاب تتبع لها فصائل مسلحة، للتعبير عن رفض نتائج الانتخابات النيابية والمطالبة بإعادة فرزها كلها يدويا أو إعادة الانتخابات برمتها.
غليان الشارع
وفي هذا الصدد، يقول الخبير السياسي دريد الناصر إن محاولة اغتيال الكاظمي من قبل فصائل مسلحة لم تعلن عن نفسها لغاية الآن، لا تندرج ضمن الاغتيالات المستمرة التي يتعرض لها عراقيون معارضون، خاصة الناشطين في ساحات الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في السنتين الماضيتين.
وفي حديث للجزيرة نت، يشير الناصر إلى أن محاولة اغتيال الكاظمي لم تكن مخططا لها من قبل جميع الفصائل المسلحة، وأنها جرت من قبل فصيل واحد بعيدا عن الدول التي تقف وراء دعم هذه الفصائل.
ويضيف أن الفترة الأخيرة سجلت انخفاضا في عمليات الاغتيال في العراق التي كانت تستهدف الناشطين أو المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات شعبية انطلقت أكتوبر/تشرين الأول 2019.
واعتبر الناصر أن الانتخابات النيابية كانت أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع مسلسل الاغتيالات في الشارع العراقي.
وحذر الخبير العراقي من أن تشهد الأيام المقبلة عودة الاعتماد على السلاح والاغتيالات بشكل أكبر، خاصة إذا أصر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على تشكيل حكومة جديدة معتمدا على الأغلبية السياسية.
وختم الناصر حديثه بالقول إن خيبة الشارع العراقي بسبب نتائج الانتخابات وقلة المشاركة فيها سيؤديان إلى إمكانية عودة الاحتجاجات الشعبية، مما قد يزيد احتمال عودة مسلسل الاغتيالات.
إنذار أحمر للجميع
الباحث في الشؤون السياسية عمر الشريفي يرى أن "محاولة اغتيال الكاظمي تدخل وفق منظورين: الأول يكمن في محاولة للضغط السياسي والترهيب من أجل الحصول على مقاعد نيابية بالنسبة للكتل الخاسرة، والثاني هو محاولة استعطاف وكسب تأييد داخلي وخارجي لتوليه (الكاظمي) ولاية ثانية".
ويقول الشريفي إن العودة إلى استخدام الاغتيالات ينذر بخطر قادم ينبغي على الجميع توخي الحيطة والحذر منه، من أجل تفادي إعادة السيناريو السوري اليمني في العراق.
ويلفت الباحث العراقي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن إرباك الوضع الأمني من خلال استحداث الاغتيالات واستخدام طرق جديدة كالطائرات المسيرة لتصفية الخصوم يدخل العراق في دائرة مظلمة بالنسبة للمنطقة والمجتمع الدولي.
وشهد الشهر الماضي نجاة مدير عام دائرة صحة محافظة ذي قار سعد الماجد من محاولة اغتيال، عقب استهداف مركبته المدنية بواسطة عبوة لاصقة.
مطالبات بالقصاص من الجناة
في المقابل، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي -للجزيرة نت- إن الاغتيالات مسلسل متواصل في العراق، وسيتواصل على الأمد البعيد كون الجهات الأمنية والقانونية غير قادرة على إيقاف الفاعلين.
ويطالب البياتي كلا من الكاظمي والجهات الأمنية والقضائية بـ"محاسبة الفاعلين وتقديمهم إلى القضاء العراقي، كون بقاء الوضع بهذا المنطلق ستكون له عواقب كبيرة وإمكانية اغتيال أي شخصية في الدولة".
وبحسب مصادر أمنية، فإن مجهولين أقدموا على اغتيال العقيد الركن حيدر حمود الحسيناوي في أثناء نزوله من مقر عمله في النخيب إلى منزله بمحافظة ذي قار (جنوبي البلاد).
ووسط هذه التسريبات، سارعت قيادة العمليات المشتركة العراقية إلى نفي هذه الأنباء، مؤكدة أن سبب وفاة الحسيناوي يعود إلى حادث عرضي.
ويعيش العراقيون على وقع الاغتيالات منذ سنوات، حيث زادت هذه الظاهرة بعد اندلاع مظاهرات أكتوبر/تشرين عام 2019.