تحذيرات من ترشّح حفتر ونجل القذافي.. عسكريون وأمنيون يدخلون على خط رفض قوانين الانتخابات الليبية

عضو في المجلس الأعلى للدولة قال إن "القوانين المعيبة المفصلة على أشخاص عوضا عن الوطن تجعل من الصعب المضي في هذا العبث الذي قد يعيد إنتاج دكتاتورية جديدة أسوأ من حقبة العقود الأربعة الماضية".

موظفون في الإدارة الانتخابية بمنطقة بني وليد (غربي ليبيا) يجهزون صناديق وأوراق الانتخابات المقبلة (مواقع التواصل)

طرابلس- أعلن عدد من القادة العسكريين والأمنيين الليبيين رفضهم قوانين الانتخابات التي صدرت عن رئاسة مجلس النواب الليبي -ومقره طبرق- "لمخالفتها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية"، لكنهم أكدوا أهمية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وعدم السماح بعرقلتها.

وقال بيان صدر عن "عدد من أمراء وقوى عملية بركان الغضب" -ووصلت الجزيرة نت نسخة منه- إن هذه القوانين "مطعون فيها وليست مبنية على أي توافق سياسي"، وشدد في الوقت ذاته على أن رفضها لا يعني رفض مبدأ الانتخابات، واتهم "مَن أصدرها" بأنه "المعرقل الأول للانتخابات".

ودعا الموقعون المفوضية العليا للانتخابات إلى التزام الحياد، و"أن تكون قراراتها وفق الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي"، وحذّروا مما وصفوه بـ"حملات إعلامية مضلّلة تقودها مخابرات دول أجنبية متدخلة سلبا في ليبيا، وأن ما يتم الدفع باتجاهه هو ترسيخ مبدأ عدم احترام التشريعات الليبية".

وحمّل الموقعون رئيس مفوضية الانتخابات و"مجموعة مجلس النواب المتواطئين معه"، ومن يدعمهم داخليا وخارجيا، المسؤولية عما وصف بـ"العواقب الخطيرة التي قد تنسف كل ما تحقق من خطوات إيجابية داعمة للاستقرار وبناء الثقة والتخفيف من حدة الاستقطاب على الساحة الليبية".

الملتقى الوطني لدعم الانتخابات في ليبيا (مواقع التواصل)

تطور مهم

وينظر مراقبون للساحة الليبية إلى هذا البيان بوصفه تطورا ملفتا كونه يشير إلى أن الانقسام حول إجراء الانتخابات وشرعية قوانينها وما ينتج عنها قد وصل إلى قادة عسكريين وأمنيين يقودون أجهزة رسمية تابعة للحكومة، ولديهم سياسيون داعمون لهم يتخذون الموقف نفسه.

ويتخوّف مراقبون من تطور المواقف المعلن عنها في بيان القيادات الأمنية إلى فرض إجراءات عسكرية أو أمنية على الأرض، قد تقود إلى مواجهة عسكرية أو منع إجراء الانتخابات في مناطق معينة.

دعوات للمقاطعة

وسبق الشخصيات الأمنية والعسكرية احتجاج شخصيات سياسية مهمة على قوانين العملية الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب في طبرق، وهو ما أثار تساؤلات حول إمكانية عقد الانتخابات في موعدها المقرر نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.

إعلان

ودعا رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري إلى مقاطعة العملية الانتخابية بحجة سماحها لـ"مجرمين" بالترشح للانتخابات، وذلك في ملتقى عُقد بطرابلس أمس الثلاثاء حضره سفراء معتمدون ونخب ليبية وعمداء بلديات.

وتُعارض أطراف ليبية ترشّح كل من سيف الإسلام القذافي واللواء المتقاعد خليفة حفتر، اللذين لم يعلنا رسميا ترشحهما للانتخابات المقبلة بعد سماح القوانين الانتخابية الصادرة عن البرلمان لهما بذلك في قانون انتخاب الرئيس.

في حين تشكك أطراف أخرى في فوز خليفة حفتر المثقل باتهامات بارتكاب جرائم حرب ارتكبتها قواته طوال السنوات الماضية، إضافة إلى تداعيات خسارته الأخيرة في حربه على قوات حكومة الوفاق في طرابلس.

وفي هذه الأثناء، أفاد موقع "أفريكا أنتليجنس" الاستخباراتي بأن الولايات المتحدة تسعى إلى فرض عقوبات على الأطراف المعرقلة لانتخابات ديسمبر/كانون الأول المقبل في ليبيا، وتستهدف تجميد الأصول وحظر السفر.

عرقلة الانتخابات

ويرى عضو مجلس النواب محمد العباني أن "من يستخدم لفظ التوافق يحاول عرقلة العملية الانتخابية ويشكك في قوانين مجلس النواب المكلف، وفقا للإعلان الدستوري، بالشق التشريعي في الدولة".

وقال العباني للجزيرة نت إن القوانين لا تصدرها هيئة رئاسة مجلس النواب، وإنما تطرح في جلسة رسمية ثم تُعتمد "وحتى أعضاء البرلمان عندما يصرحون بمعارضة أي قانون يتحدثون عن آرائهم الشخصية، ولا يتحمل البرلمان مسؤولية ما يقولونه".

وفي رأي العباني، فإن من ينتقد قوانين مجلس النواب من أعضائه عليه أن يفعل ذلك داخل الجلسات، وأن "ما يصدره مجلس النواب -باستثناء التعديلات الدستورية- هي قوانين قابلة للطعن وليست محصنة، وعلى كل من لديه مصلحة التوجه للمحكمة للطعن".

وطالب العباني أعضاء مجلس النواب والأطراف الأخرى بعدم عرقلة العملية الانتخابية "والتسبب في حرب ناعمة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة".

المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يقر قانوني الانتخابات الرئاسية والتشريعية
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يطلب تقديم الانتخابات التشريعية وتأجيل الرئاسية (الجزيرة)

المجلس حسم أمره

ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن المجلس -من حيث المبدأ- حسم أمره في موضوع الانتخابات، وقدّم حزمة واحدة تمثلت في قانون انتخاب الرئيس ومجلس النواب والقاعدة الدستورية.

إعلان

وأضاف دبرز للجزيرة نت أن "مطالب مجلس الدولة تمثلت في تقديم الانتخابات التشريعية لتجري في موعدها في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، وتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى حين تهيئة الظروف التوافقية، في ظل دستور يحدد اختصاصات ومهام الرئيس".

وقال دبرز إن ما وصفها بـ"القوانين المعيبة المفصلة على أشخاص عوضا عن الوطن" تجعل "من الصعب المضي في هذا العبث الذي قد يعيد إنتاج دكتاتورية جديدة أسوأ من حقبة العقود الأربعة الماضية".

وطالب دبرز بمراجعة القوانين وتصحيحها وفق قاعدة دستورية سليمة، مشيرا إلى أن تجارب دول جارة أثبتت أن من المهم التريث في انتخابات الرئيس، واتهم رئيس مفوضية الانتخابات ورئيس البرلمان بتجاوز نصوص اتفاق الصخيرات (اتفاق عُقد بين الأطراف الليبية برعاية أممية عام 2015).

مواقف الرافضين

وقال المحلل السياسي عبد الله الكبير إن مواقف رافضي القوانين الانتخابية إما أن تصحح المسار بتعديل القوانين وفقا للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، أو ستدفع الطرف الآخر إلى الإصرار عليها من دون تعديل.

وفي الحالتين -يقول الكبير للجزيرة نت- "ستتأجل الانتخابات أو تجرى في موعدها وسط جدل ومقاطعة وعدم اعتراف بنتائجها، مما يعني استمرار الأزمة في مستوى جديد أكثر تطورا".

وأوضح المحلل أن القوانين مفصلة كفرصة لبعض الشخصيات في الفوز، ومنحها فرصة العودة لمواقعها السابقة إذا أخفقت، مشيرا إلى أن سيف القذافي قد لا يتمكن من خوض السباق الانتخابي ما دامت أميركا رافضة له.

ويتوقع الكبير أن تلجأ أميركا والدول الغربية لفرض عقوبات رمزية على بعض الشخصيات الليبية من المستوى الثاني، ولن تطول هذه العقوبات الشخصيات القيادية. وهذا -حسب رأيه- دليل آخر على أن أميركا ما زالت تراهن على حفتر، وتمنحه الفرصة تلو الأخرى حتى يتمكن من السلطة.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان