لقاء لبايدن وشي وقوات للمارينز بتايوان.. علاقات أميركا والصين مسارات مختلفة في آن واحد
في حديث مع الجزيرة نت، أشارت خبيرة العلاقات الأميركية الصينية إلى أن خبر وجود قوات أميركية في تايوان ليس جديدا في حد ذاته، فالصينيون عرفوا بذلك منذ مدة طويلة، ولكن الجديد في الأمر هو اعتراف الولايات المتحدة علنا بذلك وفي هذه التوقيت.

واشنطن- تشهد العلاقات الصينية الأميركية تطورات متسارعة على عدة أصعدة، بعضها تعاوني وأغلبها تنافسي. وعقب إعلان البلدين عن لقاء ينتظر له أن يكون الأول بين رئيسي الدولتين قبل نهاية العام، أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" (CIA) إنشاء مركز لتجميع الجهود الاستخبارية ضد الصين. وفي الوقت ذاته، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal) أن واشنطن ترسل منذ أكثر من عام مستشارين عسكريين لتدريب القوات التايوانية ضد أي اعتداء صيني متوقع.
من جانبه، أعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، عن إدخال تعديلات على الهيكل التنظيمي للوكالة وعلى طريقة عملها لتصبح في وضع أفضل يمكنها من التصدي لتحديات الأمن القومي الحالية والمستقبلية. وقد نتجت هذه التغييرات عن المراجعات الإستراتيجية التي طالب بها بيرنز في الربيع الماضي، وركزت في أحد أبعادها على مواجهة الصين.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsالغواصات النووية.. السلاح الذي تسبب في أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن
واشنطن بوست: كيف يمكن لبايدن تجنب أخطاء ترامب تجاه الصين؟
وجاء في بيان مكتوب لبيرنز تأكيد على أن التهديد من الحكومة الصينية، وليس من شعبها. وأوضح بيرنز أن المركز سيوحد العمل الاستثنائي الذي تقوم به وكالة الاستخبارات المركزية بالفعل ضد هذا المنافس الرئيسي.
وأضاف "على مدى تاريخنا، استعدت وكالة المخابرات المركزية لمواجهة أي تحديات تأتي في طريقنا… والآن في مواجهة أصعب اختبار جيوسياسي لنا في حقبة جديدة من التنافس بين القوى العظمى، ستكون وكالة الاستخبارات المركزية في طليعة هذا الجهد. أعرف أننا سنساعد في ضمان القيادة الأميركية والنجاح الأميركي على الساحة العالمية لعقود قادمة".
تزايد المخاطر من غزو صيني لتايوان
ومثل الكشف عن وحدة عمليات خاصة أميركية ووحدة من مشاة البحرية تعملان سرا في تايوان لتدريب القوات العسكرية هناك، جدية المخاوف الأميركية من نوايا الصين تجاه الحليف التايواني. وتهدف واشنطن إلى تدعيم دفاعات الجزيرة مع تزايد القلق بشأن عدوان صيني محتمل ساهم في تأجيجها تكرار عشرات المقاتلات الصينية الاقتراب من المجال الجوي التايواني، في استعراض للقوة.
وقامت 150 طائرة عسكرية صينية من طراز جي-16 وقاذفات إستراتيجية من طراز إتش-6 وطائرات اكتشاف غواصات من طراز يي-8، بالاقتراب من المجال الجوي لتايوان، وهو ما يمكن معه وقوع خطأ من أحد الطرفين ينتج عنه بدء نزاع عن طريق الخطأ.
وقال المسؤولون الأميركيون إن القوات الأميركية تعمل في تايوان منذ عام على الأقل، ويعتبر نشر عناصر من العمليات الخاصة الأميركية في تايوان علامة على تزايد القلق داخل البنتاغون إزاء محدودية القدرات العسكرية لتايوان في مقابل الحشد العسكري الصيني والتصعيد المتكرر من جانب بكين.
وبالرغم من أن الطلعات الجوية الصينية لم تدخل المنطقة التي تعرّفها تايوان بأنها مجالها الجوي، فإنها كانت تذكيرا برؤية الحزب الشيوعي لتايوان كجزء من الصين. وتتعهد بكين بالسيطرة على الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر، بينما رجح فيه مسؤولون عسكريون أميركيون في وقت سابق من هذا العام أن بكين قد تحاول استخدام القوة في مخططاتها بشأن تايوان في غضون السنوات الست المقبلة. وقال مسؤولون آخرون إن الجدول الزمني للصين قد يكون أقرب من ذلك.
وحذر وزير الدفاع التايواني تشيو كو-تشنغ أمس الأول الأربعاء من أن الصين ستتمكن من شن هجوم واسع النطاق على تايوان بأقل خسائر بحلول عام 2025. وتدرك واشنطن أن رغبة الصين في ضم تايوان قسرا ليست سرا. وقد زادت بكين من ضغوطها العسكرية والاقتصادية والسياسية على تايوان خلال العام الماضي، وهي لا تظهر أي مؤشر على تخفيف حدة الوضع.
وتعد وحدة العمليات الخاصة ووحدة مشاة البحرية جهدا عسكريا محدودا، ولكن له دلالات رمزية من جانب الولايات المتحدة، لزيادة ثقة تايوان بها في بناء دفاعاتها ضد العدوان الصيني المحتمل.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت يون صن خبيرة العلاقات الأميركية الصينية في معهد ستيمسون (Stimson) إلى أن "خبر وجود قوات أميركية في تايوان ليس جديدا في حد ذاته، فالصينيون عرفوا بذلك منذ فترة طويلة، ولكن الجديد في الأمر هو اعتراف الولايات المتحدة علنا بذلك وفي هذه التوقيت. أعتقد أن الاعتراف الصريح هو رد مباشر على التوغل العسكري الجوي لجيش التحرير الشعبي الذي شهدناه هذا الشهر قرب المجال الجوي لتايوان".
وأضافت صن أن علاقات واشنطن ببكين معقدة، وتتبع عدة مسارات في الوقت ذاته. وذكرت صن للجزيرة نت أن إدارة بايدن "تتبع مسارات مختلفة في مجالات المنافسة أو المواجهة أو التعاون مع الصين، وتدير كل مسار بشكل منفصل لكل منها. لذا فإن الإعلان عن الاجتماع الافتراضي بين الرئيسين شي جين بينغ وجو بايدن، الذي كشف عنه أمس، والإعلان عن وجود قوات أميركية في تايوان، لا يتعارضان مع بعضهما بعضا".
وفي حين أن بعض جوانب الانتشار الأميركي قد تكون سرية، فإنها تعتبر أيضا حساسة سياسيا، نظرا للعلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين، والتي لم تتحسن خلال السنوات الأخيرة، بل ازدادت خطورة.

لقاء قمة سينتظره العالم
ووسط الخلافات حول العديد من القضايا، اتفق الطرفان الصيني والأميركي على عقد قمة بين الرئيسين قبل نهاية العام الجاري.
ويقول إيفان ميديروس مستشار الرئيس السابق باراك أوباما لشؤون آسيا والمحيط الهادي، إن مثل هذه المحادثات الرفيعة المستوى يمكن أن تساعد في معالجة القضايا الأكثر إثارة للجدل في قلب المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين توترا بسبب التجارة ووباء كوفيد-19 وحقوق الإنسان والأمن الإقليمي، بما في ذلك في بحر جنوب الصين.
ومن المرجح أن تنظر الصين إلى وجود القوات العسكرية الأميركية في تايوان على أنه انتهاك للالتزامات التي قطعتها واشنطن على نفسها في الاتفاقات السابقة المتعلقة بتأسيس علاقات رسمية بين واشنطن وبكين عام 1979، حيث وافقت الولايات المتحدة على قطع العلاقات الرسمية مع تايوان وإنهاء اتفاقية الدفاع المشترك وسحب قواتها من الجزيرة.
وقبل ترك منصبه، رفعت إدارة ترامب السرية عن الإطار الإستراتيجي الأميركي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، وهو وثيقة من 10 صفحات تحدد أهداف المنطقة على نطاق واسع.
ويقول قسم عن تايوان إن الصين ستتخذ "خطوات متزايدة الحزم لضم تايوان"، ويوصي بأن "تُمكن الولايات المتحدة تايوان من تطوير إستراتيجية وقدرات دفاعية فعالة غير متكافئة، من شأنها أن تساعد في ضمان أمنها وتحررها من الإكراه والمرونة والقدرة على إشراك الصين بشروطها الخاصة".
كما تدعو الإستراتيجية إلى وجود عسكري أميركي "ذي مصداقية قتالية"، لمنع الهيمنة الصينية في المنطقة المتاخمة للحدود الصينية والتي تضم تايوان.