في العراق.. ما أهمية الاقتراع الخاص في الانتخابات التشريعية؟
مع إغلاق صناديق الاقتراع للتصويت الخاص، لمس مراقبون مؤشرات تفيد بأن هذه الانتخابات قد تكون مغايرة للدورات السابقة من خلال نسبة المشاركة والمعايير المطبقة ومراقبتها من الأمم المتحدة والعديد من الدول والمنظمات.
بدأت الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق مرحلتها الأولى في السابعة من صباح أمس الجمعة، وانتهت في السادسة مساء بتوقيت بغداد مع تسجيل نسبة مشاركة وصفتها مفوضية الانتخابات العراقية بـ"المشجعة".
وتعرف المرحلة الأولى في الانتخابات العراقية بالتصويت الخاص، وشملت منتسبي القوات الأمنية والنازحين ونزلاء السجون، وهو ما اعتمده البرلمان العراقي في قانون (9) لعام 2020 الذي غيّر صياغة العملية الانتخابية بالكامل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsما الذي سيميز الانتخابات العراقية المرتقبة؟
الأحزاب التقليدية تسعى لتعزيز وجودها في البرلمان العراقي من بوابة المرشح المستقل
“أهم حدث سيشهده العراق”.. بغداد تؤكد تهيئة كل الظروف لإجراء انتخابات عادلة بخاصة من الناحية الأمنية
سخّرت الحكومة العراقية جلّ إمكاناتها المادية والفنية واللوجستية من أجل تدارك ما اعترف به كثير من الساسة العراقيين من ثغرات حدثت في الانتخابات السابقة عام 2018، وأدّت إلى مظاهرات وحراك شعبي واسع انطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وأفضى إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وتكليف حكومة مصطفى الكاظمي التي عملت مع البرلمان على إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
ومع إغلاق صناديق الاقتراع للتصويت الخاص، لمس عدد من المراقبين مؤشرات تفيد بأن هذه الانتخابات قد تكون مغايرة للدورات البرلمانية السابقة من خلال نسبة المشاركة والمعايير المطبقة ومراقبتها من الأمم المتحدة والعديد من الدول والمنظمات العربية والأجنبية.
ناخبو الاقتراع الخاص
شهد التصويت الخاص في العراق إقبالا وصفته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالمشجع، وذلك حسب المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي التي أكدت أن نسبة المصوّتين بلغت 69%.
وذكرت الغلاي في حديثها للجزيرة نت أن الذين شملوا في التصويت الخاص هم منتسبو القوات الأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات البيشمركة الكردية، فضلا عن النازحين ونزلاء السجون العراقية ممن تقل محكومايتهم عن 5 سنوات.
الغلاي من جانبها، أكدت أن مجموع من كان لهم حق التصويت الخاص مليون و196 ألفا و800، منهم مليون و79 ألفا و727 من الأجهزة الأمنية، في حين بلغت أعداد النازحين 126 ألفا و126 شخصا، أما عدد نزلاء السجون فبلغ 671 نزيلا.
وعن نتائج التصويت الخاص، بيّنت الغلاي أن المفوضية ستعلن النتائج النهائية للانتخابات بعد انتهاء التصويت العام بـ24 ساعة، موضحة أن عدد من صوّتوا في التصويت الخاص بلغ 821 ألفا و800 شخص.
مؤشرات عديدة
مؤشرات كثيرة تلك التي أفرزتها عملية الاقتراع في التصويت الخاص، من بينها أن العملية الانتخابية كانت مرنة من دون وجود ثغرات انتخابية كما في الانتخابات السابقة، وهو ما يشير إليه الناشط حسن العبيدي في حديثه للجزيرة نت.
وأضاف العبيدي أن المرحلة الأولى من الانتخابات (التصويت الخاص) كانت أفضل من جميع الدورات البرلمانية السابقة، عازيا ذلك إلى التدابير التي اتخذتها المفوضية باعتماد البطاقة البايومترية حصرا للتصويت الخاص، وهو ما لم يحدث من قبل، على حد قوله.
وعن التصويت العام الذي سيجرى غدا الأحد، يعلق العبيدي قائلا إن مؤشرات الانتخابات تبدو جيدة حتى الآن، بخاصة من حيث نسبة الإقبال على الحصول على البطاقات الانتخابية وحرص المفوضية، معربا عن تمنياته أن يجري التصويت العام بسلاسة وأن تسجل عمليات تزوير أو تلاعب كما في الدورات السابقة.
من جانبه، يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن عملية التصويت الخاصة أعطت مؤشرات جيدة للتصويت العام الذي قد يكون جيدا، فضلا عن مؤشرات أخرى تتعلق بعمل المفوضية وعدم تسجيل خروق كبيرة، وهذا قد يحفز العراقيين على التوجه إلى صناديق الاقتراع بكثافة.
وفي حديث للجزيرة نت، أضاف الشمري أن الانتخابات تمثل الوسيلة التي تكاد الوحيدة للتغيير، وهو ما انعكس على التنافس الشديد بين القوى السياسية التقليدية من دون أن يكون للمرشحين المستقلين فرصة كبيرة، حسب قوله.
وعن عمل المفوضية، أوضح الشمري أن الإجراءات التي وضعتها المفوضية نجحت في التعامل مع التصويت الخاص، معلقا "يبقى التصويت العام هو الفيصل، حيث إن المفوضية ستتعامل مع ملايين الناخبين وهو التحدي الحقيقي في ما يتعلق بالنزاهة والعد والفرز للأصوات".
أما الباحث السياسي غانم العابد فيرى من جانبه أن التصويت الخاص تكلل بالنجاح في مختلف المحافظات العراقية، وذلك أعطى انطباعا إيجابيا عن الأسلوب الجديد الذي باتت تتبعه المفوضية في عملها خلال الانتخابات الحالية.
وأضاف العابد للجزيرة نت أن هناك العديد من المؤشرات من بينها نسبة المشاركة التي قد تعني أن العراقيين ربما يقبلون على المشاركة الكبيرة في هذه الانتخابات يوم التصويت العام، بما يعني تغييرا كبيرا سيشهده البرلمان المقبل من حيث نفوذ الكتل السياسية.
وعن أهمية التصويت الخاص وانعكاسه على العام، يعلق العابد "يعدّ التصويت الخاص محاكاة مصغرة للتصويت العام، وبما أن المفوضية لم تسجل خروقا لافتة فيه، فإن هذا التصويت يعطي مزيدا من الطمأنينة للعراقيين".
حيادية الحكومة
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جيهان في أربيل مهند الجنابي إن نسبة المشاركة في التصويت الخاص كانت جيدة مقارنة بعدد من يحق لهم الانتخاب، واصفا عمل الحكومة العراقية بـ"المحايد" من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات من بينها منع إدخال أجهزة الهواتف الذكية إلى مراكز الانتخاب.
ويتابع الجنابي في حديثه للجزيرة نت أنه للمرة الأولى منذ عام 2010 تجرى الانتخابات البرلمانية في العراق من دون أن يكون رئيس الحكومة مرشحا فيها، وهو ما انعكس على حيادية القادة الأمنيين في وزارتي الدفاع والداخلية من دون وجود ضغوط حزبية من قبل حزب رئيس الوزراء، رغم وجود بعض الضغوط من الأحزاب التقليدية، حسب تصريحاته.
وعن انعكاس التصويت الخاص على العام، يرى أن نسبة المشاركة الكبيرة وحيادية الحكومة قد تشجعان الناخبين العراقيين على التوجه إلى المراكز الانتخابية يوم العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، لا سيما أن الساعات الأخيرة ستكون الفيصل في تحديد قرار الناخبين الذين لا يزالون مترددين بين المشاركة أو مقاطعة الانتخابات.
ورغم الإيجابيات، فإن الجنابي يرى أن مما يؤخذ على هذه الانتخابات أن عددا كبيرا من نزلاء السجون حرموا من الإدلاء بأصواتهم، فضلا عن أن المفوضية حسب تأكيداتها ستعتمد على نسبة التصويت الكلية مقارنة بعدد الذين حدّثوا بياناتهم الانتخابية، من دون الأخذ في الاعتبار أن هناك ما يقرب من 5 ملايين عراقي لم يحدّثوا بياناتهم الانتخابية.
واختتم الجنابي حديثه بالإشارة إلى أن مفوضية الانتخابات اعتمدت في التصويت الخاص على البطاقات البايومترية فقط (تعتمد على بصمة الوجه والأصابع)، غير أن التصويت العام سيعتمد على البطاقات البايومترية إضافة إلى البطاقات القديمة (الإلكترونية) وهو ما يتخوف منه العراقيون.
أكمل أبطالنا في القوات الأمنية والعسكرية الإدلاء بأصواتهم في التصويت الخاص، بالتزام وانتظام ومسؤولية، كما كانت كل الإجراءات ناجحة في تأمين نزاهة وعدالة التصويت الخاص.
خطوة اولى ناجحة باتجاه مشاركة واسعة لشعبنا في التصويت العام، لاستكمال الواجب الوطني وصنع التغيير.— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) October 8, 2021
ورأى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن التصويت الخاص "خطوة أولى ناجحة باتجاه مشاركة واسعة لشعبنا في التصويت العام، لاستكمال الواجب الوطني وصنع التغيير".
كما أكد في كلمة له أمس الجمعة حرص حكومته على توفير المناخ الملائم لإجراء الانتخابات، متعهدا بأنه لن يتسامح إزاء أي تساهل من قبل الحكومة بشأن العملية الانتخابية.