في الانتخابات العراقية.. مرشحون مستقلون يتبعون أحزابا كبرى
تبدو ظاهرة المرشحين المستقلين الذين لديهم تبعية حزبية سابقة واسعة الانتشار، وتشمل أطرافا وكتلا سياسية مختلفة، مثل التيار الصدري، والقائمة الوطنية، وتحالف دولة القانون.

بعد مرور عامين على انطلاق احتجاجات شعبية غير مسبوقة شهدها العراق، كان يفترض بالانتخابات التشريعية أن تعزز موقع المرشحين غير التقليديين أو المستقلين، لكن قد ينتهي المطاف بهؤلاء إلى الالتحاق بالأحزاب التقليدية التي كان بعضهم جزءا منها سابقا.
ففي ظل التنافس الحاد بين الأطراف السياسية، لا سيما الكتل البرلمانية الكبيرة داخل البرلمان الحالي، خاصة تحالف "سائرون" الذي يمثل التيار الصدري، وتحالف "الفتح" الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي؛ يسعى الفرقاء السياسيون إلى الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (329 مقعدا) الأحد القادم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكيف ينظر العراقيون للانتخابات المقبلة ومرشحيها وقانونها؟
استنفار أمني لتأمين انتخابات العراق والكاظمي يؤكد السعي لضمان نزاهتها
العراق.. الرئيس يرى الانتخابات القادمة مفصلية وتاريخية و5 جرحى في انفجار سيارة مفخخة بالرمادي
وتشكل هذه الانتخابات -التي كان موعدها العام المقبل- واحدا من التنازلات القليلة التي قدمتها السلطة إلى الشارع، إثر الموجة الاحتجاجية غير المسبوقة عام 2019، التي خرجت ضدّ الفساد وهدر المال العام، وطالب مشاركون فيها بإسقاط النظام كاملا.
وتجرى الانتخابات وفقا لقانون انتخابي جديد قائم على نظام دائرة الفرد الواحد، كما رفع عدد الدوائر إلى 83، وقلّص حجمها بما يزيد حظوظ مرشحين من ذوي الشعبية المحلية كشيوخ العشائر.
ومن بين أكثر من 3240 مرشحا، قدّم كثر أنفسهم على أنهم مستقلون، عبر حملات انتخابية انطلقت في مطلع يوليو/تموز الماضي، لكن العديد من العراقيين يشككون في تخلّي هؤلاء فعلا عن انتماءاتهم السياسية الأصلية.

مناورة انتخابية
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن لجوء المرشحين لمصطلح "شخصيات مستقلة" يهدف إلى النأي بأنفسهم عن إخفاقات أحزابهم، وهم يحاولون بذلك تقديم صورة جديدة عنهم غير مسؤولة عن الفساد وسوء الإدارة، واصفا التصرف بـ"مناورة سياسية".
ويسيطر اليأس والإحباط على العراقيين الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية التي قوبلت بحملة قمع دامية خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى، مما يعني أن العديد منهم قد يقاطعون الانتخابات، وهي الخامسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وسط هذا السياق، وعلى خلفية أزمة اقتصادية حادة؛ يرجح بعض المراقبين أن تكون المقاطعة واسعة من الناخبين الذين يقدر عددهم بـ25 مليونا، مما قد يصب في صالح الأحزاب السياسية الكبيرة.
وتبدو ظاهرة المرشحين المستقلين الذين لديهم تبعية حزبية سابقة واسعة الانتشار، وتشمل أطرافا وكتلا سياسية مختلفة، مثل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والقائمة الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، وتحالف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وكانت -مثلا- إيناس المكصوصي -المرشحة في مدينة الكوت (وسط البلاد)- مرشحة مع التيار الصدري في الانتخابات الأخيرة.
وتقول إنها كانت عضوة مستقلة في التيار الصدري وترشح نفسها اليوم مستقلة، من دون أن تستبعد انضمامها لكتلة سياسية عند دخولها البرلمان المقبل.
وعود
وتجري العادة قبل وبعد كل انتخابات في العراق أن تخوض الكيانات السياسية مفاوضات متواصلة بهدف تشكيل التحالفات النهائية عند دخول البرلمان، والتي قد تتغير في اللحظة الأخيرة.
ولحجم التحالفات السياسية النهائية وتشكيلاتها أهمية تتخطى الفوز، كونها ترسم الشكل النهائي للاعبين الأبرز في تشكيل الحكومة.
ومن بين التيارات الأوفر حظا للفوز التيار الصدري، صاحب القاعدة الجماهيرية الواسعة، والذي يملك أكبر عدد من مقاعد البرلمان الحالي (54 مقعدا).
ويضاف إليه كذلك تحالف "الفتح" (عدد مقاعده في البرلمان الحالي 48)، الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي. ودخل هؤلاء البرلمان للمرة الأولى في 2018 إثر الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية الذي شارك فيه الحشد.
وترجح الباحثة لهيب هيجل من مجموعة الأزمات الدولية أن "تحتفظ الأحزاب الموالية لإيران بالنسبة نفسها تقريبا من مقاعد البرلمان".
وفي نظام سياسي تهيمن عليه "الزبائنية"، ستجد الأحزاب الكبيرة والتقليدية العديد من الوسائل لاستقطاب المستقلين.
ويرى الشمري أن لدى القوى والأحزاب التقليدية قدرة على المناورة لاستقطاب المستقلين، مضيفا "لا أستبعد لجوء جزء من المستقلين إلى الأحزاب الكبيرة في البرلمان"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن بقاءهم من دون أي تحالف لن يمكنهم من تنفيذ برامجهم، ووعودهم للناخبين.
ويقول إن الأحزاب الكبرى ستلجأ إلى الترغيب من خلال وعودها لهؤلاء المستقلين بوزارات ومناصب وأموال.