أيام على الانتخابات العراقية.. ما أهمية البطاقة البايومترية في منع تزوير أصوات الناخبين؟
تعوّل المفوضية العليا لانتخابات العراق على البطاقات البايومترية لمنع التزوير، حيث إنها تحتوي على بصمات أصابع الناخب، واسمه الكامل والدائرة الانتخابية التي يتبعها ومعلومات حيوية أخرى.

مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية المبكرة في العاشر من الشهر الجاري، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنها ستوقف توزيع بطاقات الناخبين البايومترية نهاية الدوام الرسمي ليوم غد الثلاثاء. وتعوّل المفوضية على البطاقات البايومترية لمنع التزوير، حيث إنها تحتوي على بصمات أصابع الناخب، واسمه الكامل، والدئرة الانتخابية التي يتبعها، ومعلومات حيوية أخرى.

البايومترية
وبحسب قانون الانتخابات فإنه يحق للناخبين التصويت بالبطاقة قصيرة الأمد، و"البطاقة البايومترية" الطويلة الأمد، أما التصويت الخاص الذي سيكون في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2021 المخصص للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والسجناء المحكومين دون 5 سنوات وكذلك النازحين، فسيكون بالبطاقة البايومترية حصرا، كما تقول جمانة الغلاي الناطقة باسم مفوضية الانتخابات.
وبينت الغلاي للجزيرة نت أن مفوضية الانتخابات لجأت إلى استخدام البطاقة البايومترية كونها آمنة حيث ستتكون من بصمة ثلاثية، وهي البصمة الموجودة في البطاقة، وبصمة جهاز التحقق يوم الانتخابات، فضلا عن بصمة الناخب الحية يوم الاقتراع، وبالتالي ستكون هنالك مطابقة ثلاثية لهذه البصمات للتأكد من الناخب قبل قيامه بعملية التصويت.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمن يتنافس في انتخابات العراق؟
فصائل مسلحة وانقسام طائفي ونفوذ أجنبي… هل يحسن التصويت أوضاع العراق؟
مع اقتراب موعد انتخابات العراق.. كم تكلف الموازنة العراقية؟
وأشارت إلى أن مفوضية الانتخابات اتخذت إجراءات احترازية كبيرة بما يخص البطاقات القصيرة الأمد أيضا، إذ إن الناخب الذي يراجع بالبطاقة القصيرة الأمد والتي لا تحتوي على صورة المواطن، فسيبصم ببصمة الأصابع العشرة، وعند إكماله التصويت ستسحب هذه البطاقة وسيسلّم إيصال بذلك، وستعطل البطاقات البايومترية والقصيرة الأمد لمدة 72 ساعة من انتهاء تصويت الناخب.
وتضيف بأن ما يميز البطاقة البايومترية الحالية عن السابقة وجود البصمات الثلاثية والبيانات النصية والحيوية وصورة الوجه، وكان المجلس السابق قد تعاقد مع شركة "أندرا" الإسبانية لطباعة البطاقة البايومترية.

بطاقة خاصة ومؤقتة
والبطاقة البايومترية خاصة بالعملية الانتخابية، تبرز من قبل صاحبها خلال إجراء الانتخابات، وتؤكد بعض التقارير أن هذا النوع من البطاقات يساهم في تمكين صاحبها من الإدلاء بصوته في مكان إقامته، كما تحفظ البيانات الشخصية للناخب بشكل ممغنط، ويمكّن ذلك قراءة البيانات بشكل إلكتروني عبر أجهزة متصلة بقاعدة بيانات الناخبين.
وكذلك يمكن من خلال هذه البطاقة حفظ بيانات خاصة أخرى مثل بصمتي العين واليد، وبذلك يصعب تزويرها.
وتشير أبحاث إلى أن نحو 25% من بلدان العالم تستخدم نظام البطاقة البايومترية لتحديد هوية الناخبين.
ويشير استطلاع لتقنيات المعلومات والاتصالات التابعة للمؤسسة الديمقراطية الدولية للانتخابات (ICT) إلى أن 35% من 130 دولة شملها الاستطلاع تلتقط البيانات البايومترية كجزء من عملية تسجيل الناخبين.
وتستخدم البطاقة البايومترية للناخبين في بلدان أفريقيا وغرب آسيا وأميركا اللاتينية، حيث تقوم بعض هذه الدول بجمع الصور فقط، كالهند وباكستان وأفغانستان، في حين تقوم أخرى بمسح بصمات الأصابع كالمغرب وكولومبيا، لكن معظم البلدان تجمع كلتا الطريقتين، مثل نيجيريا والمكسيك وغيرهما.

أكثر أمنا ورصانة
ومن ناحية محاولات التلاعب والتزوير، تعتبر البايومترية أكثر أمنا لكونها لا تعمل إلا بوجود الناخب حصرا، لكي يبصم في الجهاز، مما يجعلها أكثر حصانة، كما تم تحديث الإجراءات للتخلص من الإخفاقات التي حدثت سابقا، بحسب المحلل السياسي ونقيب الأكاديميين في الأنبار، الدكتور سعود المشهداني.
ويضيف للجزيرة نت بأن بعض الكتل السياسية متخوفة من البطاقة البايومترية لأنها سوف تمنع التزوير ولن يتمكن أي شخص من التلاعب بالنتائج، ولن يكون هنالك تصويت بالإنابة.
وأضاف أنه حتى النازحين الذين لا يملكون بطاقات إلكترونية تم استخراج بطاقات بايومترية لهم، وكذلك تم تجميد تصويت العراقيين بالخارج، لذا ستكون هذه الانتخابات رصينة مقارنة مع سابقتها خصوصا مع مراقبة محلية ودولية وتطبيق القانون في كافة المراحل والإجراءات.
ويشيد المشهداني بالإجراءات المتبعة من قبل المفوضية، حيث ألغى مجلس المفوضين المصادقة على 4 مرشحين حتى الآن، وقام بتجميد أصواتهم وحجبها مستقبلا.
وينوه إلى وجود استثناء بسيط للبطاقة البايومترية، حيث يعطي الجهاز سماح 5% قبل أن يقفل للأشخاص الذين لم تظهر لهم بصمة من مرضى السكري وغيرهم، ثم تسحب منه هذه البطاقة البايومترية بعد انتهائهم من التصويت.

تجاوز الخروقات
وبالعودة إلى الانتخابات السابقة، يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور محمود عزو إن من أبرز الإخفاقات التي حدثت بانتخابات 2018 تمثلت بحجم التزوير الكبير الذي كان واضحا من نتائج الانتخابات، بالإضافة إلى عمليات الحرق التي طالت مخازن مفوضية الانتخابات.
ويبيّن للجزيرة نت أن الخروقات التي حدثت انعكست على أوضاع العراق بشكل كبير وتسببت باحتقان سياسي واضح في السنوات الثلاث التي تلت، واتهامات التزوير بقيت متبادلة حتى هذا اليوم.
وعن كيفية تجاوز الخروقات السابقة، يشير عزو إلى وجود إشراف دولي من قبل البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات، وكذلك المؤسسة الدولية للمنظومة الانتخابية على التقنيات الانتخابية لا سيما في المركز الوطني، الذي شهد بانتخابات عام 2018 اختراقا كبيرا خصوصا فيما يخص نقل البيانات إلكترونيا، لافتا إلى أن "هذه المرة سيكون هنالك خبراء دوليون في هذا المجال، بالإضافة إلى حضور بعثة الأمم المتحدة التي سيكون دورها أكثر فعالية هذه المرة".

ويذكر عزو عدة إجراءات حددتها المفوضية تتمثل بنقل البيانات عبر الأقمار الاصطناعية، فضلا عن وجود "عصا الذاكرة" التي سيتم نقلها باستخدام المروحيات من المحافظات إلى المركز الوطني، إضافة إلى إعلان النتائج بعد 24 ساعة من انتهائها، والذي سيعزز الشفافية العالية بالانتخابات ولا يترك أي مجال للشك والريبة بوجود تلاعب.
ويستبعد أن تكون ثقة الناخب تتعلق بالبطاقة البايومترية فقط، وإنما تتعلق أيضا بمجموعة إجراءات المفوضية التي تخص شفافية الانتخابات والأموال التي تصرف على الحملات الانتخابية، وكذلك متعلقة بالإجراءات الحكومية التي اعتبر أنها يمكن أن تعيد ثقة المواطن بالانتخابات.
وأكد الأكاديمي العراقي أن البطاقة البايومترية ستعزز ثقة الناخب بشكل كبير، حيث ستتم حماية بياناته الانتخابية ولا يمكن لأحد أن يطلع عليها، مما سيجنب المواطن من التعرض لابتزازات من بعض الكتل لإجباره على انتخاب جهات معينة وتهديده بمعرفتهم لأي جهة صوّت، وسيتخلص الناخب من هذه الضغوطات مما سيسمح له بمشاركة فاعلة وبصمة كبيرة في تغيير المسار الانتخابي والمشاركة السياسية.

خبرة بتقنية الانتخابات
من جانبه يرى المحلل السياسي إياد العنبر أن الإخفاقات التي حدثت سابقا مسألة طبيعية تتلاءم مع تحوّل الوضع الديمقراطي، خصوصا في بلد مثل العراق الذي لم تترسخ فيه التجربة الانتخابية بثقافة سياسية ولا لوجود إدراك حقيقي من الأحزاب السياسة المحيطة.
ويضيف العنبر للجزيرة نت أنه على هذا الأساس فإن الإخفاقات لم تكن متعلقة بالانتخابات نفسها، بل هي إخفاقات بالدرجة الأولى تكون فيما يترتب على نتائج الانتخابات.
ويرجح بأن العراق بات يملك خبرة ممتازة في تقنية الانتخابات وإدارتها وكيفية التعاطي معها والتحضير لها لوجستيا، وأيضا عن كيفية التعاطي مع قوانين الانتخابات التي كانت تعتبر مشكلة في السابق، وكل هذه المعطيات تؤكد أن التقادم في ممارسة التجربة الانتخابية يسير في اتجاه صحيح في ظل بلد يشهد انتقالا ديمقراطيا بعد نظام شمولي دكتاتوري امتد لفترة طويلة.
وفيما يخص التلاعب في "البطاقات البايومترية" ينوه العنبر إلى أن الحديث عن حالات التلاعب التي حدثت سابقا لم تكن في المراكز الانتخابية وإنما في قضايا تقنية، على الرغم من أن هذا الموضوع لم يتم تأكيده أو نفيه، ولكن كان هناك وجود لاعتراضات من بعض المرشحين باعتبار أن الأصوات التي يتم احتسابها في المقرات الانتخابية لا تتلاءم مع النتائج عندما تصل المركز الوطني.

ويضيف: أما قضية تعطيل الأجهزة فقد جربت في انتخابات عام 2018 التي شابها الكثير من الجدل، سواء بما يخص التزوير أو الفرق بين نتائج الانتخابات وما بين ما تم إعلانه، حيث حدثت هذه الإشكالات في كثير من المحافظات منها كركوك والموصل مثلا، وبعض مخيمات النازحين والتصويت الخارجي ربما، ولكن جميع ما سبق لا يتعلق بالدرجة الأولى بقضية البطاقة البايومترية وإنما بالإدارة التقنية للانتخابات.
ويؤكد العنبر أن موضوع الثقة لا يعتمد على الإجراءات رغم حديث المفوضية وبعض التقنيين بعدم وجود إمكانية التلاعب هذه المرة بسبب عدة عوامل مانعة، منها إلغاء التصويت الخارجي، التقييدات التي ستفرض بما يخص تحديث البطاقات تقنيا، وكذلك اعتماد بصمات الأصابع، حيث إن أي خلل في البصمات سيؤدي إلى إلغاء البطاقة.
ويختم بالقول: لكن تبقى الإشكالية التي يمكن أن تطرح في قادم الأيام هي موضوع الاختراق الذي قد يطال المنظومة الإلكترونية لأعداد الأصوات، عدا ذلك فالأمور شبه مسيطر عليها.