عقب إعلان تشكيلها.. هل تنجح جبهة "المقاومة الأفغانية" بمواجهة حكومة طالبان

كابل – أعلن عدد من الشخصيات السياسية الأفغانية عن تشكيل جبهة ما يسمى "المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية لجمهورية أفغانستان الإسلامية" لمواجهة الحكومة الجديدة التي شكلتها حركة طالبان بعد سيطرتها منتصف أغسطس/آب الماضي على العاصمة كابل.
وقد جاء هذا الإعلان يوم الجمعة على لسان عطاء محمد نور الذي يترأس الجناح المنشق عن حزب الجمعية الإسلامية بزعامة صلاح الدين (نجل الزعيم الجهادي برهان الدين رباني) دون الكشف عن مقر المجلس.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتحوّلات بنجشير من 2001 إلى 2021.. لهذه الأسباب انهار الوادي الحصين أمام طالبان
إسلام آباد تنفي.. تسريبات عن اتفاق يتيح لواشنطن استعمال أجواء باكستان لتنفيذ عمليات بأفغانستان
وول ستريت جورنال: 5 وكالات أميركية تفتح تحقيقات في ملابسات الانسحاب من أفغانستان
ويُعرف أن جميع مؤسسي الجبهة يعيشون خارج أفغانستان ومعظمهم في تركيا والإمارات والهند وطاجيكستان. ويحتوي البيان الصادر على جزأين " السياسي والعسكري" ويمكن تلخيص ما جاء فيه كما يلي:
الجهود السياسية
تركز الجبهة على الحل السلمي للأزمة واستئناف المفاوضات مع حركة طالبان، متهما الحكومة السابقة بالغدر والمؤامرة وهي التي مهدت الطريق إلى تفكيك الجيش.
ويقول البيان "إن المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية يفضل حل القضايا المصيرية في أفغانستان عبر الحوار والمفاوضات، وإن استئنافها أمر ضروري ومهم إلى إنهاء النزاع في البلاد".
ویضیف "يجب أن تهدف هذه المفاوضات إلى تحقيق سلام دائم وكريم يضمن إعادة بناء الجمهورية على أساس المبادئ الإسلامية وإقامة نظام منتخب بمشاركة عادلة لجميع أطياف المجتمع والتيارات السياسية وشرائح المجتمع، ويضمن الحقوق الأساسية للمواطنين. وخاصة النساء والأطفال والأقليات".
جهود الدفاع
وبعد مغادرة الرئيس المنصرف محمد أشرف غني وتشكيل حركة طالبان حكومتها، يعدّ هذا أول رد فعل لشخصيات وزعماء الأحزاب السياسية بشأن التطورات السياسية والعسكرية، وقد لخص بيان الجبهة موقفها كالآتي:
أنه وفي حال لم تقبل طالبان بالحل السياسي فإن الجبهة ستختار الخيار الثاني وهو "النشاط العسكري" وأن الطرف الآخر (الحركة) سيتحمل مسؤولية الوضع وما ستؤول إليه الأمور".
وأما البند الآخر في بيان الجبهة فيقول "إن الجبهة ستعين بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في أسباب الانهيار المفاجئ للجمهورية الإسلامية وتحديد المتورطين في هذه الصفقة المخزية".
إشادة ودعوة
وتشيد الجبهة بالمجتمع الدولي بعدم اعترافه بالحكومة التي شكلتها طالبان، وتدعو الأمم المتحدة وجميع الدول بعدم الاعتراف بحكومة طالبان التي تصفها الجبهة بـ " الحكومة الاستبدادية التي لا تحترم حقوق الانسان والمرأة وتتجاهل الأقليات الدينية واللغات الرسمية في أفغانستان".
كما دعت طالبان إلى وقف القتل والاعتقال الممنهج للعسكريين والأمنيين في الحكومة السابقة، والبدء بمفاوضات مباشرة وبناءة مع "جبهة المقاومة".
وتدعو الجبهة المجتمع الدولي ووكالات الإغاثة الدولية إلى تقديم مساعدات إنسانية مباشرة للشعب الأفغاني.

تفاصيل ورفض
ولم يذكر بيان الجبهة تفاصيل عن الأعضاء، لكن مصادر بالجبهة قالت للجزيرة نت "إن أبرز أعضائها الزعيم الجهادي السابق عبد رب الرسول سياف، زعيم حزب الوحدة الإسلامية محمد محقق، زعيم الجناح المنشق عن حزب الجمعية الإسلامية عطاء محمد نور، الجنرال عبد الرشيد دوستم النائب السابق للرئيس المنصرف غني، ويونس قانوني.
وأضاف المصدر للجزيرة نت "إن جبهة المقاومة تبحث مع بقية أعضائها أن يتولى سياف رئاسة الجبهة وأن يكون نور نائبا للشؤون السياسية والجنرال دوستم نائبا للشؤون العسكرية".
وقد رفضت عضوية هذه الشخصيات بالجبهة من قِبل كل من الرئيس الأسبق حامد كرزاي، ونائبه كريم خليلي زعيم حزب الوحدة الإسلامية، وصلاح الدين رباني وزير الخارجية الأسبق، ويقول مصدر بمكتب كرزاي للجزيرة نت "إن سياف اتصل على مكتب الرئيس الأسبق للحديث عن تشكيل جبهة المقاومة لكن كرزاي رفض الحديث معه".
موقف طالبان
رغم مرور 3 أشهر من إعلان الحكومة الجديدة لم تعلن طالبان موقفها من النشاط السياسي والأحزاب السياسية، وعندما أعلنت الجبهة كان رد فعل الحركة قويا ووصفت مؤسسي الجبهة بوجوه قديمة لا تفكر إلا في مصلحتها.
ويقول بلال كريم عضو اللجنة الثقافية بالحكومة الجديدة للجزيرة نت "إن الناس جربوا هذه الشخصيات ونحن لا نسمح للأنشطة التي تؤدي إلى الفوضى في أفغانستان، نأمل أن يعيد هؤلاء النظر في أفعالهم ويستأنفوا حياتهم الطبيعية".
وأكد كريمي أن حركة طالبان أعلنت إنهاء الحرب وقضت على عناصر الفتنة، وماذا بإمكانهم أن يفعلوه، إنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء خلال 20 عامًا الماضية عندما كان كل شيء في أيديهم، والحركة ستتصدى لكل شخص يثير الفوضى في البلد".

وبعد مغادرة غني، لجأت شخصيات حكومية وسياسية سابقة إلى طاجيكستان والهند وتركيا حفاظا على حياتهم، وكانوا يتوقعون تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان. ولما جاء الأمر عكس توقعاتهم وتيقنوا لا مكان لهم في التشكيلة الجديدة وأنهم خرجوا من المعادلة السياسية، بدؤوا بتحركات في المهجر.
ويقول مصدر أمني سابق يعيش في تركيا للجزيرة نت "إن رئيس وفد المفاوضات الأفغانية محمد معصوم ستانكزاي جاء لتركيا والتقى دوستم وناقش معه تشكيل جبهة المقاومة ضد الحكومة الجديدة".
ويضيف "ستانكزاي ووزير الخارجية السابق حنيف أتمر الذي لجأ إلى ألمانيا وراء تشكيل هذه الجبهة".
تحركات وجهود
من جانبهم يعتبر آخرون أن هذه التحركات والجهود محكومة بالفشل لأسباب عديدة أهمها أنها تحتاج إلى حاضنة شعبية، وأن الشعب الأفغاني تعب من الحرب ولا يمكنه تلبية هذه الدعوة، وأن أعضاء الجبهة متورطون في الفساد وسرقة أموال الشعب، وأنهم يهتمون بمصالحهم ويريدون أن يكون لهم الدور فقط.
ويقول الأكاديمي أسد وحيدي للجزيرة نت "هذه الشخصيات لا تتمتع بثقل شعبي" مشيرا إلى أن كل من طاجيكستان والهند وألمانيا وفرنسا تريد دعم ومساعدة الجبهة للضغط على حركة طالبان والقبول بهم شركاء في الحكومة.
وعبّر عن اعتقاده أن الجبهة لن تباشر بالنشاط العسكري داخل أفغانستان، وهدفها يتمثل في الحصول على دور سياسي في المستقبل، ولا يمكن أن تكون بديلا عن طالبان، وأنها محاولة للضغط على الحركة فقط.